حوارات مجلّة “مشارف” : 6 : مع الشّاعر العراقيّ حمدان طاهر المالكيّ

حمدان طاهر المالكي

ولد حمدان طاهر المالكي سنة 1969 بمحافظة ميسان ( العراق) ويقيم ببغداد.هو من جيل الشّعراء العراقيّين الجدد الذين نشؤوا في ظلّ الحرب وفظائعها والأزمات السّياسيّة وويلاتها. للقصيدة لديه كلّ مواصفات الرّؤيا ، لاسيّما القدرة على اختراق حدود المكان والزّمان وهدم الحواجز القائمة بين الواقع والخيال طردا وعكسا، على اعتبار أنّ الواقع الذي يعيشه بلغ من السّريالية واللاّمعقول حدّا جعله أوغل في العجائبيّة من الخيال نفسه .وقد وسمت هذه التّجربة خطابه بمياسم الألق الفنيّ والإبهار
مجموعاته الشّعريّة 

سماء بقلب شاعر، دار الحوراء للطّباعة والنّشرـ بغداد 2010 – رائحة السّماء، دار مصر مرتضى للكتاب العراقيّ 2011 – نخلة الحلم عن دار ومكتبة عدنان، بغداد 2013 – مجرّد شجرة ،دار ومكتبة عدنان، بغداد  2014 – ما يضسئه الظّلام يطفئه الضّوء، بغداد 2017.

 

سؤال 1 : على الرّغم من الأوضاع الصّعبة التي يمرّ بها العراق  منذ قرابة الخمس عشرة سنة  أمنيّا واقتصاديّا واجتماعيّا استطعت أن تصدر خمس مجموعات شعريّة ، كما أنّ مهرجاني بابل والمربد محافظان على دوريّتهما .فهل  يمكن القول إنّ الشعر في العراق ، بلاد المتنبّي، لا تؤثّر فيه كل الأزمات مهما كانت؟

حمدان طاهر المالكي:ليس هناك شكّ في أنّ للحروب تأثيرات كبيرة وكثيرة ولاسيّما على الشّاعر لأنّه أقرب إحساسا إليها : الموت والفقر وفقدان الإخوة والأصدقاء  , وكما قيل فإنّ رصاصة واحدة تقتل اثنين .ولكن ليس للشّاعر والكاتب خيارا آخر غير الكتابة وخوض التّجربة بكلّ ما تحمل من ألم ومعاناة . في العراق الحرب لا تزال مستمر”ة منذ الحرب العراقيّة الإيرانيّة عام 1980 و إلى حدّ هذه اللّحظة لم يتوقّف الرّصاص …المتغّير فيها فقط  هو الأسماء . الحرب لها تأثير كبير في الأجيال التي وعتها وتعيها. وربما لو لم تكن هناك حروب لكان وضع الشّعر في العراق أفضل بكثير .

سؤال 2 : أنت عمريّا أكبر سنّا بقليل من شعراء الجيل الجديد، جيل صفاء ذياب وأفياء الأسدي وميثاق كريم الرّكابي  وعبد الله سرمد الجميل وعبّاس ثائر. لكنّ صوتك لم تظهر إلاّ في السنوات الأخيرة .فما سبب ذلك؟وهل لك إنتاج منشور سابق لهذه المرحلة ؟

حمدان طاهر المالكي: عدم الظهور في بداية شبابي كانت له أسباب أمنيّة وسياسيّة . عشت متنقّلا من مكان إلى أخر من أهواز الجنوب حتّى شمال العراق ومن ثمّ إلى الأردن وسوريا في ظلّ ظروف  اقتصاديّة واجتماعيّة صعبة , وليس لدي أيّ منشور خلال تلك الفترة.

سؤال 3 : ترافق المطلّعَ على شعرك نبرةُ  حزن حادّة مع نظرة سوداويّة  إلى المستقبل .فهل مردّ ذلك إلى مزاج ولاديّ لديك  أم هل هو متأتّ من الأزمات المتلاحقة التي يمرّ بها وطنك  ؟

حمدان طاهر المالكي: بالتّأكيد هي الأزمات التي مرّت بها البلاد :  الحروب والحصار والخوف والجوع هي التي  خلقت كلّ هذه الأحزان وعمّقت جروح الأسى .ومن ثمّة الإنسان نتيجة البيئة التي يعيش ويتربّى فيها , وبيئة العراق حاضنة عريقة لكلّ ألوان الألم

سؤال 4 : الحزن والتّشاؤم يكادان يكونان سمة غالبة في الشّعر العراقيّ اليوم. لكنْ في سورية المجاورة التي تعيش أوضاعا صعبة أيضا من جرّاء الحرب  معظم الشّعراء يتغنّون بالحبّ والجمال والحياة. فكيف تفسّر هذه المفارقة؟

حمدان طاهر المالكي:عشت في سوريا وأعرف الكثير عن بنيتها الاجتماعيّة وإنسانها المحبّ للحياة والمتفائل بها ، الإنسان الّسوريّ من النّاحية التّاريخيّة لم تمرّ به كلّ هذه الحروب والقسوة والدّم. ولذلك تراه أقرب إلى التّفاؤل والفرح ، الإنسان العراقيّ محكوم بالألم ولذلك أسباب اجتماعيّة وسياسيّة ودينيّة ، وعلى سبيل المثال في سوريا نزار قبّاني شاعر الحبّ والمرأة وفي العراق بدر شاكر السّيّاب هذا الشّاعر العظيم بكلّ ما تعني الكلمة من تجديد وريادة ولكنّ اسمه اقترن بالمرض والحزن والألم .

سؤال  5 : يبدو أن قامات سامقة مثل  السّياب والبيّاتي وسعدي يوسف لم يعد لها تأثير في ما يكتبه  شعراء الجيلين الأخيرين في العراق فإلى أيّ حدّ تصحّ هذه الفرضيّة؟ وما هي أسبابها إن صحّت؟

حمدان طاهر المالكي:نعم هذا صحيح جدّا، الجيل الحالي وما قبله تحرّرا من قبضة الأسماء الكبيرة و أخذا يكتبان بصورة مختلفة وبعيدة عن كلّ ما كُتب قبلهما. وهي علامة صحيّة للمشهد الشّعريّ العراقيّ مع احترامي الكامل لهذه الأسماء الكبيرة . ورّبما لهذا التّحرّر عدّة أسباب منها ما هو حاصل من تطوّر في كتابة القصيدة والاطّلاع على تجارب أخرى تلائم هذا الجيل وتلامس فلسفته الشّعريّة . ولا يمكن بأيّ حال نسيان عوامل أخرى كالزّمن والظّروف التي عاش ويعيش فيها هؤلاء الشّعراء.

سؤال 6 :  هل الحرّيّة التي يتمتّع بها المثقّف العراقيّ اليوم بعد سقوط نظام صدّام حسين  كافية لتكون بديلا عن  الازدهار الاقتصاديّ والاكتفاء الذّاتيّ  الغذائيّ و الإشعاع الثّقافيّ التي كان يمتاز بها هذه البلد في العهد السّابق؟

حمدان طاهر المالكي:الحرّيّة ضرورة لكلّ مبدع ودونها لا يستطيع أن يكتب ويواصل إبداعه . لم يكن هناك ازدهار اقتصاديّ في العراق بعد عام 1990 أعني بعد حرب الخليج الثّانية . الآن الوضع الاقتصاديّ جيد بصورة عامّة لكنْ ليس هناك أيّ ملامح للنّظام أو الدّولة . هناك هيمنة للقبيلة وللمذهب ،هناك خراب كامل يدفع ثمنه الإنسان الحقيقيّ .

سؤال7 : خمس عشرة سنة مرّت على سقوط نظام صدّام حسين دون أن يتجسّد على أرض الواقع  ما ينبئ  بالتّحول إلى الديمقراطيّة التي بشّر بها الأمريكان قبل اجتياحهم للعراق .فما هي أسباب ذلك ؟وهل تعتقد أنّ ذلك التّحوّل سيتحقّق في يوم ما أم هل الدّيمقراطيّة بالمفهوم الغربيّ لا تتناسب والواقع العربيّ؟

حمدان طاهر المالكي:أعتقد أنّ الدّيمقراطيّة بمفهومها الغربيّ صعبة التّحقق في البلدان العربيّة وخاصّة في بلد كالعراق . فالدّيمقراطيّة تحتاج إلى وعي و إدراك وثقافة وتسامح  . لا يمكنك أن تجري هذه التّجربة في بلد عشائريّ لا يعرف الكثير من مواطنيه معنى الهويّة العراقيّة . لا أعتقد أنّ ما يمرّ به  العراق آلان هو تجربة للانتقال إلى وضع أفضل لأنّ الأمور هنا محكومة بمنظومة سياسيّة  ودينيّة فاسدة .

سؤال8  : ما هي الفوائد التي جنيتها من النّشر على الفايسبوك ؟ وهل لاحظت وجود ظواهر سلبيّة  مسيئة لفنّ الشّعر في هذا المخترع الجديد الذي غزا العالم؟

حمدان طاهر المالكي:عالم الفيسبوك تجربة مهمّة بالنّسبة إليّ، إذ  تعرّفت من خلاله إلى الكثير من الشّعراء والكتّاب العراقيّين والعرب .هناك سلبيّات في هذا العالم وخاصّة ما يتعلّق بالشّعر ، إذ  تنشر فيه  كتابات بعيدة عن روح الشّعر ومعناه. وهناك أيضا السّرقات والاقتباسات التي جعلت الكثير من الشّعراء يحجم عن النّشر فيه .

 سؤال 9: أنت تتابع منذ بضع سنوات ما يترجم في هذا الفضاء من قصائد لشعراء غربيّين .فهل لاحظت وجود فروق بين ما يكتبونه وما يكتبه الشّعراء العرب اليوم ؟

حمدان طاهر المالكي:لديّ قناعة كاملة بأن ما يكتبه الشّعراء العرب لا يقلّ  أهميّة عن الشّعراء من الجنسيّات الأخرى .فالفرق في الأجواء الاجتماعيّة والسّياسيّة وفي الاستقرار . بالتّأكيد هناك فروق ولكنّها ليست جوهريّة من نواحي  اللّغة والموسيقى والفكرة لكنْ بالمحصّلة النّهائيّة ما يهمّ هو روح الشّعر وجوهره،  لاغير.

سؤال 10 : ما هي مشروعاتك القريبة والآجلة؟

حمدان طاهر المالكي:هناك مسوّدة لمجموعة شعريّة تنتظر التّنقيح  ولم أستقرّ بعد  على اختيار اسم لها  وكتاب سرديّ لسيرة ذاتيّة بعنوان ظلال القصب .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*