أيّام الفنِّ التّشكيليّ السّوريّ: تغطية : نور نديم عمران – اللاّذقيّة – سورية

نور نديم عمران

تخلق الملتقيات والمعارض نوعا من التعاطي والحوار بين المشاهدين والأعمال الفنية .فهي تعمل على كسر الحواجز بينهما وتخطي العقبات ،وتشكل لغة حضارية قادرة على التخاطب والوصول إلى الوجدان ،لذا نرى الفنانين السوريين وضمن فعاليات وزارة الثقافة (أيام الفن التشكيلي السوري ) يقيمون معرضهم الجماعي في غاليري الحكمية بعنوان (عندما البحر ) وقد حملوا رسالتهم الحضارية من تحت زخات الرصاص والأزمات والأحزان ورسموها حمامة سلام تنشر محبتهم وأشعلوا قناديل الفرح في سماء اللاذقية ليكتبوا على نورها تاريخا جديدا للمدينة أكثر ألقا ودفئا. حول هذا المعرض لقينا عددا من الفنانين المشاركين وعدنا إليكم بالآتي :

الفنان سموقان أسعد بدا متفائلاً بهذا الحراك القوي والضروري  إذ استقطب المعرض معظم فناني اللاذقية ممن لهم تجربة وخبرة ؛فأغلبهم له أسلوب وبصمة خاصة معينة .. أما عن العمل الذي يشارك به فقد قال:شاركت بآخر أعمالي كعادتي في المعارض الجماعية وعرضت نتاجي بعنصره الجميل “القطط” الذي أحببت أن أرسمه وهو بالفعل موجود في مراسم كثير من فناني العالم كما أنه يرتبط بتراث منطقتنا على عكس ما قد يظنه كثر ؛ في الأساطير المصرية القديمة كانت القطة مقدسةً وهي جزء من حياتنا وأنا أرسم القطة الجالبة للحظ لأني أجد في حركاتها محبة وسلام وأنا أعمل على مشروع معرض فردي خاص بذلك وقد حضّرت له الكثير من اللوحات . بالنسبة إلى  اللوحة  التي أشارك بها  فقد رسمتها بالأبيض والأسود لأن الأسود يحمل الكثير من الحنين والمحبة بعيداً عن الإبهار الضوئي واللوني.

و نشرت  الفنانة ليلى نصير بحضورها العطر شذا الياسمين على الجميع وتحدثت بأمل ومحبة عن فرحها بهذا العدد الكبير من الوجوه العاشقة للفن ولفتها التنوع الغريب بين الكبار والصغار والهواة والمحترفين وكانت فخورة بأن لقاء الفنانين في هذه المعارض يشكل رداً قوياً على كل من يحاول تمزيق الوطن. فالفن يجمعنا ويصهرنا معاً في بوتقة الحب والجمال،أما مشاركة الفنانة نصير بلوحتين : الأولى تمثل أمهات مع أطفالهن واللوحة الثانية تجمع بين الأساطير والواقع .   وأما السيد مجد حكمية فقد عبر عن سروره لحضور قامة فنية كالفنانة ليلى نصير إلى جانب مجموعة متميزة من الفنانين ، كما أضاف: “عندما البحر”…أثار هذا العنوان الكثير من التساؤلات ليكون بذلك قد حقق ما أردناه له .. البحر مرادف للجمال…للعوالم الآثرة .إنه مرادف أوغاريت .. لذلك اخترناه عنواناً للمعرض الذي ضم أكثر من خمس وخمسين فنانا ًينتمون إلى أجيال متنوعة وعلى الرغم من اختلاف أساليبهم ومدارسهم إلا أن ثمة رابطا قويا يجمعهم ..كلهم أحفاد أوغاريت ويحق لهذه المحافظة أن تفخر بتاريخها ويحق لأبنائها الابتهاج بانتمائهم إلى هذا البلد العصي على الدمار والتخريب .. بلدنا يعيش على المحبة والجمال والفن. وبحماس وتفاؤل عبر الفنان ناظم حمدان عن سروره اليوم وهو يرى الحالة الصحية التي تغلب على المشهد الفني العام والتي تنعكس إيجاباً على المتلقي والفنان معاً بعدما تأزما معاً بفعل الحرب؛ لذا وبحسب وجهة نظره فإن هذه المعارض تؤسس للانفتاح والانفراج والتلاقي لأننا بحاجة إلى  ترميم جراحنا الكائنة في أرواحنا. وليس بالضرورة أن تكون الأعمال المشاركة كلها بنفس السوية ولكنها بلا شك خير دليل على تعافي مجتمعنا فالفنانون بحاجة لكل دعم نفسي لأن في الفن عثرات نفسية كثيرة ..والفنان الذي يشارك إلى جانب ثلاثين أو أربعين فناناً سيحسن نفسيته وسلوكه لأن هذا الأمر إيجابي بالفعل وصحي . والفن التشكيلي ملزم اليوم بأداء دوره الحقيقي في تطهير المجتمع والارتقاء به لأنه لم يعد ذلك الفن النخبوي الذي عرفه التاريخ بل هو الحامل الأساسي للإنقاذ من الأزمات وتقديم أفكار جديدة .

أما الفنان بسام ناصر فقد شارك بلوحة محورها الأنثى وقد تحدث عن مشاركته قائلاً:”يطغى اللون الأبيض على لوحتي التي جمعت الأنثى مع حيوان أسطوري وهنا تأخذنا الذاكرة إلى التراث ولاسيما ومنطقتنا غنية بالحضارات القديمة والآثار التي تشكل جزءاً من ثقافتنا .” المرأة موجودة بألوان متباينة حيث يقوم اللون الأبيض بدور المنظم لها …يرتبها ضمن إيقاعات لونية وموسيقية . نجد توزع الألوان ضمن مساحة البياض الطاغي على اللوحة بقطع واضحة وصريحة …فيشعرنا هذا وكأننا نسمع موسيقى .

ولا يحلو الختام إلا مع الفنانة ذات الشعر الأزرق كما يطلق عليها المجتمع الفني…إنها الفنانة هيام سلمان التي أضافت إلى زملائها الفنانين قائلة : ” لابد من توجيه الشكر  إلى صالة الحكمية لتنظيمها هذا المعرض و دعوتها لي للمشاركة فيه إذ  ضم مجموعة مختارة من فناني اللاذقية واللافت في المعرض مشاركة أسماء هامة جداً جنباً إلى جنب مع مجموعة من الفنانين الشباب وهذا أمر يرفد الساحة التشكيلية بروح جديدة ويقدم الدعم الكبير للمواهب الشابة وهذه ولا شك نقطة تسجل لصالح الصالة ممثلة بالأستاذ الفنان مجدي حكمية .أما عن مشاركتي بالمعرض فقد شاركت بلوحة من القماش بقياس 95×35 تناولت اللوحة مجموعة من النساء وعلاقتهن بالطبيعة الام بأسلوب تعبيري أقرب إلى التجريد …واللوحة واحدة من مجموعة من اللوحات التي عملت عليها ضمن مجموعة خاصة عرضت لأول مرة في ألمانيا ضمن ملتقى مورتسبورغ الدولي وهذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها بسورية .تقنية العمل باللوحة قامت على بقايا أقمشة متنوعة الحجم والقياس والملمس رُسِم عليها بمادة خاصة بالقماش ثم قُصَّت الأجزاء وثُبِّتت بدبابيس الخياطة على قطعة قماش هي الحاضنة الأساسية لمفردات اللوحة …ثم ثُبِّتت القطع بغرزات باستخدام ألإبره والخيط ….الخيط الذي يتلون حسب ألوان القطع …وبغرزات لاتكاد ترى بالعين المجردة ….لتتشكل من البقايا لوحة فنية تشكيلية تحمل في طياتها مخزونا ثقافيا لنساء تركن  بقايا أثوابهن ورحلن …لتبق تلك البقايا تحكي حكاية عن الفن والجمال …..وهنا لابد من الإشارة الى حجم الحضور الذي لم يدع سوء الأحوال الجوية والإمطار الغزيرة تحول بينه وبين حضور حفل الافتتاح وهذا يسجل لجمهور اللاذقية الداعم للتشكيل الفن …

وفي الختام نؤكد جميعنا أننا من سورية مهد الحضارات ننشر ثقافة الجمال والمحبة ونرسل للعالم أجمع رسالة: …نحن بلد السلام والتآلف وسنعود إلى اتعايش السلمي الجميل لتزدهر بلادنا بالحب ولتشرع أبوابها بالزهر والغار لكل أصدقاء السلام في العالم.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*