لرقصٍ الفلامنكو في إشبيلية بعدٌ مختلفٌ تماما : محمّد صالح بن عمر

Baile-Emilio-Ramirez-El-Duende

نجم الفلامنكو بمدينة إشبيلية ايميليو رامراز

El-palacio-andaluz-Sevilla

نجم الفلامنكو بمدينة إشبيلية روصيو بالاسيو

 

كانت في ليلة الثّالث عشر من أوت/آب/أغسطس  سهرة لا تنسى  في القصر الأندلسيّي بمدينة إشبيلية ، مهد الفلامنكو ، الرّقص  الشّعبيّ الشّهير، المتفرّد حقّا، الذي ارتقى إلى رتبة التّراث الإنسانيّ. وقد شارك في الحفل   النّجمان  المعترف بهما عالميّا والحائزان جوائزَ  كثيرةً نالاها في عدّة مهرجانات : الرّاقص  ايميليو رامراز والرّاقصة روصيو بالاسيو .وهما بمنزلة فنّانيْن سحريّيْن  متعدّدي الوجوه، يتمتّعان بقدرات  بدنيّة وعاطفيّة خارقة تمكّنهما من التّذبذب ، تناغما مع أدنى زيادة في السّرعة أو تخفيض فيها،  سواء في الأنغام  التي يبثّها عازفو  القيثارات أو في الأغاني التي يترنّم بها المطربون أو في التّصفيق باليدين الصّادر عن الرّاقصين والرّاقصات الذين ينتظرون دورهم على الرّكح.

طبعا ليس الجانب الصّوتيّ المنبعث من المحيط الرّكحيّ، سوء أ كان صادرا عن آلات  أو  عن حناجر أو أيادٍ  بشريّة وكذلك الأضواء التي ترسلها المناوير سوى مجرّد أداة  توظَّف في إبراز الرّقصة، فرديّة كانت أو جماعيّة زمن إجرائها فوق الرّكح ، تلك التي تُصوَّب نحوها أنظار المتفرّجين وتركَّز عليها أسماعهم ، لكونها تجمع بين الحركات وألوان الملابس – وهي البدلات الرجاليّة والفساتين الخاصّة بهذا الفنّ -لاوخاصّة الطّرق بالقدمين الذي يعدّ العنصر الرّقصيّ الأشدّ تمييزا لهذا الفنّ.

لقد أخذ النّجمان ايميليو رامراز و روصيو بالاسيو طيلة ساعة ونصف وعلى نحو متّصل، ما عدا في لحظات نزول السّتار، بلبّ المشاهدين وذهبا بعقولهم وأفئدتهم  كلّ مذهب .وذلك للخفّة والدّقّة  الفائقتين اللّتين  ينسّقان بهما حركاتهما و طَرْقَ أرضيّة الركح بأقدامهما مع أنغام القيثارة والأغاني التي يصدح بها المطربون  ، محدثيْن بذلك عالما عجائبيّا أشبه ما يكون بعالم الأحلام وجاعليّن المتفرّج  يسبح في خضمّ من اللاّوعي ، لاسيّما أنّ الموضوعات التي تدور حولها الأغاني موضوعات غراميّة صريحة  .

على أنّ لكلّ من هاتين القامتين تقنية يدرك فيها قمّة الإبداع دون غيرها : فإذا كان ايميليو، فيما يبدو، لا نظراء كثيرين له من حيث التحكّم في الطّرْق بالقدمين إلى حدَ أن جعل منه ضربا  حقيقيّا من الموسيقى تتوالى نوتاته  وفق إرادته تماما، من المتناهي في البطء إلى المتناهي في السّرعة فإنّ روصيا تلوح لا مثيل لها في استعمال الشّال.وذلك بما تمتلكه من قدرة عجيبة على إدارته حول جسمها، تناغما مع إيقاع الأغاني وأنغام القيثارات وعلى منحه أشكالا شديدة التّنوّع توحي بعالم الحبّ السّحريّ.

لقد مرّت ساعة ونصف من الرّقص على الرّكح دون أدنى حركة خاطئة أو تردّد مُخِلّ، على مرأى ومسمع من حضور منبهر يردّ الفعل على كلّ حركة ساحرة بالتّصفيق الحارّ.

لقد شهدت في ما مضى عدّة حفلات في رقص الفلامنكو.لكنّ له في إشبيلية بُعْدًا مختلفا كلّ الاختلاف .

20150812_231559

صورة جماعية مع نجمي الفلامنكو ايميليو رامراز روصيو بالاسيو في القصر الأندلسيّي بمدينة إشبيلية ( 13 أغسطس/أوت/آب 2015 )

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*