ماذا كان بين الشّاعرين التّونسيّين الكبيرين نور الدّين صمّود والمرحوم جعفر ماجد ؟ : محمّد صالح بن عمر

نور الدّين صمّود

جعفر ماجد

في بداية السّنوات الألفين نظّمت مؤسّسة جائزة البابطين الكويتيّة بالاشتراك مع اتّحاد الكتّاب التّونسيّين ندوة بتونس العاصمة حول الشّعر العربيّ. ودعيت إلى المشاركة فيها بمحاضرة عن الشّعر التّونسيّ. فاخترت بتلك المناسبة أن أقيم مقارنة بين الشّاعرين الكبيرين جعفر ماجد ونور الدّين صمّود .
بعد بضعة أيّام ليلة انتظام النّدوة هاتفت الشّاعرين وألححت عليهما في الحضور .لكنْ من الغد حضر نور الدين صمّود وتغيّب جعفر .وبعد انتهاء النّدوة رافقني نور الدّين بضع دقائق في الطّريق العامّ وأبدى لي أسفه على تغيّب جعفر ، مفضيا إليّ بأنّه كان متأكّدا من غيابه لأنّه ، على حدّ قوله، لا يحبّه دون أن يعرف السّبب ومؤكّدا لي أنّه لم يسبق أن تفوّه في حقّه ولو بكلمة واحدة جارحة .
في اليوم نفسه تركت لجعفر ماجد نسخة من محاضرتي بمقرّ مجلّته ” رحاب المعرفة” التي كنت قد نشرت فيها حتّى ذلك الوقت أكثر من عشرين مقالا ولم يُرفَض لي فيها ولو مقالٌ واحد.
في المساء هاتفني جعفر ، طالبا منّي أن ألخّص له محاضرتي شفويّا. فقلت له إنّ الأفضل أن يقرأها لأنّ تلخيصها بالهاتف قد يتطلّب وقتا طويلا .
فأجابني بانفعال شديد : “أنا لا أقرأ الدّراسات المبنيّة على أخطاء منهجيّة فادحة .فهل تعلم أنّه للمقارنة بين شيئين ينبغي أن تتوفّر بينهما نقاط اتّفاق ونقاط اختلاف؟”.
فقلت له : ” أعلم أنّك لا تحبّ نور الدّين صمّود .لكنّي أزعم أنّي وجدت بينك وبينه نقاط اتّفاق.” قال : ” نقاط اتّفاق بيني وبين نورالدّين صمّود ؟ لا إله إلاّ الله ” وقطع المكالمة .
كانت تلك أوّل مرّة أرى فيها جعفر ماجد يردّ الفعل بعنف حين يُشبَّه بشاعر آخر .فما هو سبب ذلك ؟ لقد قال لي نور الدّين صمّود، كما ذكرت، إنّه لا يعرف .فلن نعرف إذن أبدا ما دام شاعرنا الكبير جعفر ماجد غادرنا إلى جوار ربّه.
رحمه الله رحمة واسعة وأطال عمر شاعرنا الكبير نور الدّين صمّود.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*