شهريادُ( 1): شعر: علي كرامتي – قرطاج الياسمينة – تونس

علي كرامتي

 

لو تعرفينَ صديقتي 

لولاكِ لم تتسلّلِ الدّنيا إلى قلبي 

لولاكِ يا امرأةَ الهوى و السّلسبيلِ 

لولاكِ لم تتكدّسِ الأشواقُ في دربي 

لولاكِ يا امرأةُ على عرشِ الأماني تجلسينَ ..

و تحبسينَ الـمستحيلَ 

ما جفَّ في روحي نبيذُ الأقنِعَهْ .

هذا الهوى الـمهووسُ 

مَنْ إلاّكِ قد صَنَعَهْ !؟

مَنْ ذا أسالُ رعوديَ القَلْبيّهْ !؟

من علّمَ العصفورَ نقرَ زجاجِ نافذتي 

في كلِّ صبحٍ 

و النّقشَ فوقَ خضمِّ ذاكرتي 

بوْحَ البروقِ و همسةً من شهرزادَ !؟

من لي سوى عينيكِ أشجاني !؟

من لي سوى عينيكِ أحياني !؟

سبحانَ قلبي كمْ يحبّكِ أنتِ … سبحاني !

ماذا أقولُ

و أيُّ قولٍ قد يحدُّ تخومَ حبّي !؟

إن كانَ للأفقِ البعيدِ حدودٌ 

أو كانَ للنّورِ الـمشعِّ حدودٌ 

فلبحرِ أشواقي كذاكَ حدودٌ .

إنّي القتيلُ على صباحِ الأمنياتِ على الحدودِ 

إنّي الـمحطّمُ خلفَ أشرعتي..

و أحلامي سرابٌ 

إنّي الـمسافرُ فوقَ أجنحةِ القطا و الاكتئابِ 

إنّي الرّصيفُ الجلّناريُّ الـمديدُ 

تسودُّ نارُ دمي..

على شهواتِ هذا الاستلابِ 

القلبُ ورّطني 

لأحسُوَ جرعةً من ضحكةِ الـمـاءِ الضّبابِ 

و القلبُ سوسنةٌ يعمّدُها الجليدُ

بيضاءُ، تهصرُها يدٌ من صولجانِ الاغترابِ 

ماذا سأفعلُ من جديدٍ 

يا قلبُ هل أرتدُّ عن وطنِ التّصابي 

النّايُ مِعراجي الأخيرُ، يذيبُ شوقي للعذابِ 

فَلِمنْ أغنّي.. 

و البروقُ تصمُّ شهوةَ خافقي للأغنياتِ 

و العاشقونَ على صليبِ الرّوحِ مشنوقونَ 

كيف الغناءُ و قد نَــبـَتْ عن عودِها النّغماتُ 

نبَتَتْ على وَضَحِ القبورِ طحالبُ الفارّينَ 

و الطّلقةُ الأخرى تنادي طلقةً أخرى 

و أنا على قلبي أسيرُ بلا بحارٍ 

لا و دونَ حياةٍ 

أصطادُ من شبقِ الـمواسمِ

خطوةً عذراءَ بِكرًا 

فأنا مللتُ زنى السّنينَ مع السّنينَ 

و تضاجعَ الـموجاتِ و الـموجاتِ 

عِفْتُ النّهودَ الـمغمضاتِ على الأنينِ 

عِفْتُ انتصابَ الصّولجانِ على فمِ الشّهواتِ 

الرّوحُ قد صبئتْ و هاجرَ وحيُها الوثنيُّ 

و تقيّأتْ قمحَ الهوى الـمبتلَّ بالدّمِ و الجنونِ .

زهْوُ الشّفاهِ و سُكّــرُ القبلاتِ، 

ما عادَ يعنيني .

عبقُ العطورِ و زهرةُ الوجناتِ،

ما عاد يعنيني. 

ميراثُ نهدٍ مقمرٍ 

ما عاد يُغريني.

سفحُ الـمرايا و اختلاجُ الخاصراتِ 

ما عاد يستهويني.

الرّوحُ قد صبئتْ 

و هاجرَ وحيُها الوثنيُّ

لـمّا تَعُدْ تتعبّدْ 

في ضفّتيْ  الدّنيا 

و توقدُ شمعةَ الآهاتِ 

لـمّا تَعُدْ تتعمّدْ 

بيارقِ اللّذّاتِ و الحيواتِ 

بينَ الصّفا و منافذِ السّرواتِ 

طلّقتُ رؤيا شهريارَ 

لولاكِ هل طلّقتُ رؤيةَ شهريارَ؟

 

——-

(1) شهرياد: كلمة منحوتة من شهريار و شهرزاد

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*