هي وهو شعر: برنار فوشي – شاعر فرنسيّ

index

برنار فوشي

941568_10201241967114470_1911966696_n

 

هي وهو

عندما سيلتقيان

لن تكونَ ثمّة نهاية

هو وهي

هما النّهارُ واللّيلُ

رمزُ الاستمرارِ 

هي وهو

هما تلك الاختلافاتُ الغريبةُ

التي تجذبُ، تجذبُ

وتحقّقُ التّلاحمَ بين روحيّن

هي وهو

استدعيتُهما

لكي ينكشِفا  

هي وهو

ما إن وصلا إلى بابي

حتّى أخذا بعدُ في تبادلِ الكلامِ

ثمّ انصرفا يدًا في يدٍ

ناسييْن الوجودَ بأسره

هو وهي

سيتقدّمان في السّنِّ معا

كعشيقيْنِ أبدييْنِ

في مقتبَلِ العُمُرِ

هو وهي

إنّهما

غيرتي العميقةُ

من كلِّ الفرصِ التي أضعتُها

هو وهي

هو وهي

هو وهي

ذلك الحبُّ القريبُ جدًّا من بابي…

 

تعليق : محمّد صالح بن عمر :

 

تعالج هذه القصيدة موضوعا عشقيّا فرعيّا معروفا لكنّه  قليل التّداول في الشّعر ، ربّما لتعلّقه بحالة لا يعيشها كثير من النّاس. وهي التّحسر الشّديد على عدم توفّر فرصة للإنسان طيلة حياته يعيش فيها حبّا عظيما كالذي اشتهر به كبار العشّاق في تاريخ الإنسانيّة ، إلاّ أنّها تلفت الانتباه، مع ذلك، بالأسلوب الرّشيق اللّطيف الذي استخدم في تناول هذا الموضوع .وقد تجسّد ذلك في ثلاثة عناصر رئيسة بارزة: أو:لها تأجيل  الكشف عن النّواة الدّلاليّة التّأسيسيّة إلى الأبيات الأخيرة  (هو وهي /إنّهما /غيرتي العميقةُ

من كلِّ الفرصِ التي أضعتُها) بعد تركيز الخطاب  قبل ذلك ،بالاستناد إلى خلفيّة وجوديّة، على الدّور الذي يضطلع به الرّجل والمرأة عامّة في تحقيق الاستمرار للنّسل البشريّ (هي وهو/عندما سيلتقيان /لن تكونَ ثمّة نهاية /هو وهي /هما النّهارُ واللّيلُ /رمزُ الاستمرارِ /هي وهو/هما تلك الاختلافاتُ الغريبةُ /التي تجذبُ، تجذبُ /وتحقّقُ التّلاحمَ بين روحيّن).وهو ما جعل الخطاب ينتقل في آخر النّصّ على نحو مباغت من الذّهنيّ والفكريّ إلى  الشّعوريّ والانفعاليّ  ومن الكونيّ العامّ إلى الفرديّ الخاصّ .وقد تحقّق بفضل ذلك من النّاحية الجماليّة عدول قويّ على هيئة مفاجأة مربكة .وهناك عنصر آخر لا يقلّ جاذبيّة هو الصّياغة الأليقوريّة ( أي وفقا لأسلوب الحكاية الرّمزيّة ) التي اقتضت في بعض المواضع تسريدا لافتا مهمّا قرّب النّصّ برمّته من القصّة القصيرة (هي وهو/استدعيتُهما /لكي ينكشِفا  /هي وهو/ما إن وصلا إلى بابي /حتّى أخذا بعدُ في تبادلِ الكلامِ/ثمّ انصرفا يدًا في يدٍ /ناسييْن الوجودَ بأسره ) ، يضاف إلى ذلك لغة الشّاعر النّاصعة ، الميسّرة الخالية تماما من التّعقيد اللّفظيّ  التي بفضلها تتنزّل القصيدة في اللّون  المعبّر عنه ب”السّهل الممتنع” .

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*