أساطيرُ عموديَّةٌ : شعر : مازن أكثم سليمان – دمشق – سورية

مازن أكثم سليمان

 

 

علامةٌ فارقةٌ
أنْ يقفَ التَّمرُّدُ على رأسِ عملِهِ
أنْ يبدأَ نشاطَهُ بصفعةٍ مُباشَرةٍ
للسَّاعةِ التي توقَّفَتْ لعُهودٍ

مُكرِّرةً الشِّعارَ ذاتَهُ:
[كُلُّ ما يهوي أرضًا
يلحسُهُ الشّيطانُ…؟!!]

مِرارًا صدَّقْنا المَرويَّاتِ
قُلنا: رُبَّما تأخذُ تلكَ النِّداءاتُ
عصافيرَنا إلى العُشِّ الآمِنِ…؟!!
أو رُبَّما لا تتركُ فاصلاً بينَ الأشياءِ وقُلوبِها
كحقائبِنا حينَ تحملُ باحةً كاملةً
وتُهديها للفُسحةِ المخمورةِ في الخَيالِ
بعيدًا بعيدًا عمَّا يلحسُهُ الشَّيطانُ:
[الصُّراخُ في الاستراحةِ
إيقاعُ الغُيومِ في ذُروةِ أحلامِها
والفوضى غريزةُ عمَلٍ
انحرَفَ عن الهدفِ المُسبَّقِ]

… مِرارًا جلَّدنا الدَّفاترَ ببحرٍ من نايلونٍ
صعِدنا زوارقَ لُصاقاتِ الأسماءِ
كانَ اليمُّ رجُلاً قاسيًا يُموِّهُ العِصيَّ بأذرُعِ الزَّنابقِ
ويزرعُ رُؤوسَ الأسوارِ بكِسَرِ الزُّجاجِ
مُذكِّرًا دونَ هوادةٍ
أنَّ كُلَّ ما يسقطُ أرضًا مُهدَّدٌ بالنَّفيِ والعارِ
منَ التُّفَّاحةِ الحمراءِ إلى دَبُّوسِ شعرِكِ
فلا تبكيهِ كالمهزومِ في معركةٍ
اتركيهِ هُناكَ ضائعًا بينَ الأرجُلِ
واكتبي على السَّبُّورةِ
تلكَ المُعادَلةَ الحسابيَّةَ الرَّاسخةَ:
[لنْ أُقحِمَ الشَّيطانَ في جدائلي
لكنَّني سأعقدُ شَعري بقوسِ قُزحَ
بعدَ أنْ أقُصَّ نهاياتهِ المُلامسةَ للأرضِ]

… كُلُّ ما يهوي أرضًا،
وما لا يهوي،
يلحسُهُ الشَّيطانُ…
كُلُّ بداهةٍ تنتشرُ على استحياءٍ
كُلُّ أزهارِ الرَّبيعِ في المقلمةِ
كُلُّ لهوٍ منهوبٍ بينَ الطَّوابقِ
حيثُ الصِّراعُ لحنٌ بلا نوتةٍ
والحركةُ سِرْبُ طُيورٍ
لا غايةَ لريشها الرَّقيقِ
سوى الفُكاهةِ الأوَّليَّةِ:
[حتَّى جُحا الصَّغيرُ
تخلَّى عن جدَّتهِ الطَّيِّبةِ
حينما وقعَتْ منَ العربةِ
ولحسَها الشَّيطانُ…!]

اللُّغزُ حارٌّ دائمًا
والمعرفةُ بَرْدٌ يُحْدِقُ بالعِظامِ
من هُنا اخترَقَ الكِبارُ رُؤوسَنا الصَّغيرةَ
مَضوا يُروِّجونَ لأقدامِهمِ المزروعةِ في الوحلِ
ولألسنتِهم المُورِقةِ بالرِّياءِ والأحقادِ
مَضوا كأشرطةِ التَّسجيلِ يُكرِّرونَ ما ورَدَ في كُتُبٍ
لم نرَها معَنا يومًا في ساحةِ اللَّعبِ
فرمينا سرًّا عظيمًا في آذانِ بعضِنا:
[ولماذا لا يمتطونَ مثلَنا
عجلاتٍ مُجنَّحةً كلُعبةِ (الغمَّيضةِ)
تقيهِم نجاسةَ الشَّيطانِ…؟!!]

… لم نكُنْ دُمىً تُغنِّي على البطَّارياتِ
كي نغفوَ بعُمقٍ على وسائدِهم الحجريَّةِ
وحالما كانَ يصحو السُّؤالُ الفدائيُّ كالعسلِ المُرِّ
كُنَّا نكتمُهُ لعُصورٍ،
فيُغِيرُ علينا الكابوسُ ذاتُهُ:
[انفجَرَ شادي المرعوبُ باكيًا
كلامُ الأساتذةِ مطرقةٌ على رُوحهِ الغضَّةِ
والوالدةُ تُوبِّخُهُ:
– اهدأْ يا شيطانُ
وئَّعْت المزهريِّي”
بعدَها غنَّتْ فيروز:
“ضاعْ شادي”!!]

[وائلٌ السَّمينُ يثورُ قائلاً لأولادِ الحارَةِ:
دفَنوا جارَنا أبا صالحٍ في التُّرابِ
دنَّسوهُ بالشَّيطانِ…!!
فلماذا لا تكونُ المَقابِرُ
في غيمةٍ ما في السَّماءِ…؟!!]


شيطانٌ أحمرُ كموضِعِ اللَّطمةِ… أخضرُ كقِطافِ الحريقِ… أصفرُ كالقفزةِ النَّاقصةِ شيطانٌ يحتلُّ الأمتارَ القليلةَ بينَ الفكرةِ والفِعلِ… يعيثُ فتنةً بينَ سنِّ المدرسةِ وسنِّ المجزرةِ… أو يحشرُ الصَّيفَ في بريدٍ شِتاءٍ لا يُبشِّرُ بالخيْراتِ…

شيطانٌ هكذا لأنَّهُ شيطانٌ…
لحسَ الأممَ المُمرَّغةَ بالذُّلِّ
لحسَ البشريَّةَ منذُ الخطإِ  العريقِ
فإنْ كانَ لهُ بيتٌ
فلماذا لا يكونُ في قلْب المُديرِ
صاحِبِ أثخَنِ عصا في المدرسةِ…؟!!

شاشةُ التلفازِ عرَضَتْ طائراتٍ حربيَّةً
/قنابلَ وصواريخَ وقُرىً تُبادُ من علٍ/
وعلَّقَ المُذيعُ:
[إنَّهُ عمَلٌ شيطانيٌّ…؟!!]

– يا… لجهلِ الكبارِ:
[الشَّيطانُ حتمًا لا يسكنُ أعماقَ الأرضِ وحدَها
ولا يلحسُ – فقط –
كُلَّ ما يهوي إليها
إنَّما أيضًا
كُلَّ ما يطيرُ…!!]


مُعلِّمتُنا عاقَبَتْ تلاميذَ الشُّعبةِ
لأنَّهُم احتجُّوا بذلكَ
وكتَبُوا على حيطانِ الصَّفِّ غاضبينَ:
[إذنْ…
أينَ
يُقيمُ
اللهُ…؟!!].

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*