كلُّ النِّساء “مارغريتا”: شعر: ريتا الحكيم -اللاّذقيَّة- سورية

ريتا الحكيم


مارغريتا

ترتكبُ إثمَ النُّزوحِ عن حُضن وطنٍ باردٍ
تتركُ شالَها للريِّحِ
بين فاجعةٍ وأخرى..
تسكبُ دموعَها في عبِّ الأمنياتِ الميتةِ
لم تترك أثرًا لخطواتِها على جبينِ الأرضِ
تطير بجناحَينِ من طينٍ
يأبى التُّرابُ القاني إلا أن يضمَّها بين ذرَّاتهِ
*
مارغريتا..
تستعيرُ من ياقةِ الوقتِ المُنشَّاة بضعَ ثوانٍ..
تسترُ بها عورةَ الشَّوقِ..
ينزفُ الماضي بكارتَهُ على جسدِ حاضرِها
والآتي يتهاوى من هولِ المجهولِ
*
لقلبِ مارغريتا نافذةٌ واسعةٌ
ستائرُها مطرَّزةٌ بأناملِ أمِّها وجدَّتِها
كلَّ صباحٍ حين يهبَّ عليها النسيمٌ..
يهوي منها رجلٌ بقلبٍ لا ينبضُ
حين تُشرقُ شمسُ الضُّحى..
تتتدلَّى منها مشنقةٌ نُصبت لها
وحين تبكيها السَّماءُ..
تسيلُ على حوافِّها  دماءٌ طفولتِها المهدورةِ
*
في عينيِّ مارغريتا حزنٌ عجزت عن تفسيرهِ العرَّافاتُ
وبقيَ لغزًا أورثتهُ لبناتِها وحفيداتِها
*
في جعبة مارغريتا حكاياتٌ بطلاتُها نساءٌ يشبهنَها..
يتَّكئنَ على أرواحهنَّ الميتةِ..
لم يبلغنَ سنَّ الرُّشدِ بعد
رغم زحفِ السَّنواتِ الحثيثِ على وجوههنَّ
*
على لسانِ مارغريتا تنبتُ أشواكٌ الصَّمتِ
تغدو غابةً محروقةً تستهويها ثرثرةُ الماءِ
على ضفافِ الوجعِ اللامتناهي
حافيةً، تخطو فوق حصاه
تنزفُ ذاكرتُها وجوهًا بملامحَ قاسيةٍ
تُحصيهم على أصابع الوقتِ المُتكلسَّةِ بفعل النِّسيانِ
تتكسَّرُ ملامحُهم في حجرها..
تنهضُ بسرعةِ الفَقدِ..
تنفضُ مئزرَ الكلامِ عن حنجرتِها
وتستكينُ في رحِمِ صرخةٍ مكتومةٍ
*
مارغريتا.. أنا.. أنتِ، وأنتنَّ
عالقاتٌ في شبكةِ عنكبوتٍ
ننسجُ أكفانَ الفرحِ بأيدينا..
ونُهيلُ التُّرابَ على أحلامِنا الصَّغيرةِ
في مملكةِ القهرِ المُعلنِ.

#ريتا_الحكيم

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*