أَلْبُومٌ لنْ يكتملَ : شعر: ريتا الحكيم – اللاّذقيَّة – سورية

ريتا الحكيم

أين تختبئ صُوَرُنا التذكاريةُ التي لم نلتقطها في حينها..

والكلماتُ التي لم نقلها لحظةَ جنونٍ عابرٍ لمزاجِنا المُتقلِّبِ؟

ربَّما تغفو فوق شجرةٍ عاريةٍ في خريفٍ غادرٍ..
أو في جيب لا أحد
ربما في مآقي غيمةٍ على وشكِ البكاءِ
أو في لهاثِ وقتٍ ضَّائعٍ بين النِّسيانِ والذِّكرى
*
أرسم وجهي وأنا في السَّبعين..
أحشو وسائدي برسائلَ لم تقرأها أنتَ
هكذا تغدو الأحلامُ نديَّة كقُبلةٍ في ساعاتِ الحُبِّ الأولى
*
كلُّ الرِّجالِ الذين عرفتُهم قبلكَ
يُجيدون اختزالَ عواطفهم بوداعٍ باردٍ..
يتذرِّعونَ بضيقِ الوقتِ
وأنا عاشقةٌ تُغريني التَّفاصيلُ
أعيشُها بالطُّولِ والعَرض
أدوِّنها على جسدي وشمًا
وعند كلِّ وداعٍ أجدِّدُها
*
اليوم أشعلتُ أصابعي
بدلًا من صُوَرٍ لم تحتضنها يداي..
وقلتُ في نفسي:
لا عليكِ سينبتُ مكانها ألبوم
مكتنزٌ بابتساماتٍ كالقُبلاتِ على جبينِ الغيابِ
لوجوهٍ لا تعرفينَها..
ستمرِّرينَ شفتَيكِ وتطبعينَ عليها أحمرَ شفاهٍ باهتٍ
يشبهُ في شحوبهِ ما فاتَ وما هو آتٍ
تريَّثي يا أنا قبل أن تلوذي بصدرِ الماضي..
بجرحٍ أو اثنَينِ، أو ربَّما أكثر
*
“الرَّجعة فيها وجعة”
كانت تردِّدها أمِّي كلما هبَّت عليها نسائمُ الذِّكرياتِ..
في القرية..
في حلب..
وفي اللاذقية..
وأنا أشبهُها في وجعِها
لكأنَّنا توأمانِ بدموعِنا السَّخيةِ
حين يطولُ غيابُ أحد أحبَّتنا
ولا ينطفئُ شوقُنا إليهِ
*
غدًا ستجتاحُني تلك النَّسائمُ مثلها
أبنائي خارجَ الحدودِ الجغرافيَّةِ
يلوِّحون لي وأنا أذوي وأضمحلُّ
إلى أن أصبحَ نسمةً عابرةً في ذاكرتِهم

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*