مرايا: شعر : سوسن الحجَّة – اللاّذقيّة – سورية

سوسن الحجَّة

 

وراءَ هذيانِ الفضّةِ

كائنٌ

يتكاثرُ بالانشطارِ

 

براعمُ وجهٍ

لم يزلْ في وجهِ

الكونِ – التّرابِ – النصِّ –

اللّيلكِ الكثيفِ الكثيفِ

كعروةٍ في قميصٍ ذابلٍ

يتهجّى خلفَ الرّوحِ

فيها 

أمامَها:

زيتاً يقطّرُهُ في العالمِ

السّابحِ القانطِ

الغائرِ

في الحرفِ الرّجراجِ

كروايةٍ مستحيلةٍ

 

أقحوانٌ – نبيذٌ – ملحٌ

لخوابيكَ

البعيدةِ القريبةِ

 

في ذراكَ

الشّاهقةِ الغزارةِ:

هذيانٌ- صخبٌ-

حموضةٌ – ملوحةٌ..

تصبُّ في الرّيحِ

حديداً – شلّالاً – نهراً..

 

الرّيحُ الشّغوفةُ بملحِكَ

فجواتُها تحملهُ

ترشّهُ  على الحكاياتِ

.. فيها..

في أقاصي الرّوحْ

 

الرّوحُ النّاتئةُ

بما يكفي

لحفرِ

أخدودٍ

في  السـّــماءْ..

.

.

في هذا الألقِ:

حشدٌ هائلٌ من الجفافِ

يهتزُّ في مرآةٍ

تتثاقلْ

 

هواءٌ يابسٌ

يغشى عينيْها

 يبتلعُ البروقَ الحانيةَ:

هذا ما تؤولُ إليهِ

 العمياءُ

التي تجدّفُ الرّمالْ 

 

عويلٌ يقضمُ

أجنحةَ المرايا

سيلٌ من القبّراتِ

بين الزّجاجِ والفضّةِ

تسقطً

في حُلكتِها

كأصداءٍ مُوحشةْ

.

.

قبلَ الصّوتْ

ببضعَ موجاتٍ

أنظرُ في المرآةِ:

متى اتّخذَ

رأسي هذه النّقطةَ

من الكونِ؟

 

أيّتُها المرآةُ:

لا أنتمي إلى صوتي

المتكسّرِ في ضوئكِ

 

أيّها الصّوتُ:

لا أنتمي إلى وجهي

العالقِ في غبارِكَ

.

.

يحفرُ الصّوتُ

المدى

صدىً بلا أقنعةٍ

 

شعراءُ ينصبونَ

خيامَهم على الماءْ

يجدلون العماءْ

 

نوارسُ كالزّنابقِ:

إنّها حافّةً السّماءِ

على الموجِ

 

أمتلئُ

بطائرِ يثبّتُ

الهواءَ

كالوشمِ

يملأ  البحر

بجسد المستحيلْ

.

.

أبردُ القمرَ بمرآتي

شطراً يجنُّ

لا يرتّلُ الشّهرَ..

 

لا كهفَ للأرضِ

تنحتُ ذاتَها

في الهواءْ

 

النّجومُ تتهاوى في كأسي

بينما العتمةُ

تلفُّ قميصَ الماءْ

.

.

وجهُ النّجومِ

في السّماءِ

أينَ تُسلسِلُ جسدَها؟

 

وجهُ الشّمسِ

في دوّارٍ

أينَ تخبّئُ هَلعَها؟

 

بي جموحٌ أن أنسى

قطيعَ

النّجومِ..

 

بي جموحٌ

أن يكونَ لكَ وجهي

لساعةٍ واحدةٍ

 

أنْ ألوِّنَ  أظافرَكَ

بلونِ شفتيّ

أو كحلي..

.

.

بي جموحُ

اللاأنتَ

انكسارُ برقِ المرايا

في الهواءِ

وكُرهُ الزّوايا القائمةِ..

 

أعشقُ الزّوايا

الحادّةَ في اللّغةِ

وانفراجَ

الضّوءِ في

الفكرةِ

.

.

تجمحُبي

رعشةُ الرّكضِ

خلفكَ في الهواء

كيفَ أرسمُ اللاّأنا

اللاّأنتَ

كـأنا

كـأنتَ..

 

كيف أُطيلُ فضّتي

في لونِ الغرابةِ

على دهشتكَ؟

 

كيف ألتهمُ وجبةَ الحياةِ

منكَ

بلا استئذانِكَ

بلا سكّينٍ وشوكةٍ

بلا أًصابعٍ؟

 

لا أريدُ أصابعَ القيء

أظافرَ التّكرارِ

قشورَ الفكرةِ..

 

لأنجو منكَ

جنوناً:

أمحو بصماتِ أنفاسي

من الهواءِ

 

أُغلقُ غلالةَ الكربون:

تَحرّري

أيتّها الرّيح

.

.

كيف أرسمُ دماغاً

لا يشبهُ الجوزةَ

تلافيفُ الله

في خطاه؟

 

كيفَ أفتحُ مرآتي

على ألوانها؟

كيف ألوِّنُ

شِعري

بفضّة الهذيان؟

 

كيفَ أجمعُ

النّورَ في خيطٍ

وأنثرُهُ في اللّغةِ؟

 

كيف  أقنعُ اللّغةَ

أن تبقى عاريةً

في جسدي:

لغة الكونِ في اللاّأناها..

.

.

بي جموحُ صمتِ

الموسيقى

في فخِّ الشّراعِ ..

.

.

احتويني

أيتّها القصيدةُ:

لأكونَ قبل الرِّيحِ

أُسّ اللاأنا

أُسّ اللاهو

 

فجوة الهلاك

حيثُ اللاّكائنات

تأكلُ الضّوء..

 

في استحالةِ التكوّنِ

تموتُ الشّهوةُ

وعصافيرُها

اللاّمتناهيةُ..

 

هناكَ ألتفُّ بكَ

في مرآةِ اللاّحضورِ

شهوة اللاّغيابِ

اللاّبقاءِ

اللاّفناءِ..

.

.

سأستمرُّ في الهذيانِ

سأرسمُ فضّةً

 تطيرُ في جسدي

 

سأستمرُّ في الهذيانِ

خيوطٌ من وهمٍ

 وهنٍ

لبلابْ

 

لبلابُ الرّوحِ العالقةِ

في جسدٍ

يجفُّ إلى أن يقعَ

كمستحاثةٍ

بينَ صخورٍ تتنهّدُ

ترتجفُ

كلّ شمسٍ

كلّ صقيعٍ

كل عاصفةٍ

من رملٍ

أو ثلجٍ وما بينهما

 

لا أحدَ يطرقُ فضّتَها

ليسألَها

عن اهتزازِها:

إنّه اهتزازٌ في هلامٍ

لا يكفُّ عن الهرجِ

والمرجِ

في صحراءٍ صلصالٌ لنا

للسّماءِ

للمجرّاتِ

وما بعدَ الكائناتِ

.

.

أيّتُها الأوراقُ المالحةُ:

كم أهذي

خلفَكِ

.

.

الجنونُ يليقُ

بالنّصِّ

ينهلُ

من أطرافِ هذيانِنا

بما يليقُ

بكتابٍ

يُوضعُ على المرآةِ

يقرأُ  ذاتَهُ

كشغفٍ  لذيذٍ

بحمضِ  العبثِ

.

.

يزهو اللاشيءُ

يريقُ دمَه المتجدّدَ

كلَّ يومٍ

على التماع وحدتِكَ

كثوبٍ ترتديهِ

أبراجُ الحمامْ

 

تكبرُ الأغنياتُ

حتّى تصيرَ

طفلاتٍ في مهدِ الكلامْ

 

الحارسُ الأبديّ

لحريرِكَ المسفوحِ

على جسدِ الرّخامْ

كقلمٍ لا تملكُهُ

ولا يملكُ أحداً

سواكْ

.

.

سلامٌ إلى العصافير

الضّالة إلى

نتوءات الرّوح

حيث اللاأحد

.

.

إلى القارئ

الشّريدالممسوس

بالرّيح

حدِّ الانفلاتِ

السّاخرِ- العالي- المُمضِّ

كما الطّلقة

كما السّمكة

التّي ركبتْ

رأسَها

وطارتْ

 

 

 

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*