حمائمُ مترنّحةٌ : حسن حجازي – الدّار البيضاء – المغرب

حسن حجازي

وأنا في ذروةِ ترنّحي
يحلو لي دائماً أن أتخطَّى
رقابَ السّكارى
بالكادِ تصلُني همهماتُهمْ
منهم من يذمُّ جذورَ سلالتي
ومنهم من يكتفى بالنّظرِ إليَّ شزرًا
وهو يرمي في جوفِهِ
نصفَ جعةٍ  دفعةً واحدةً،
ثمّ يمسحُ الرّغوةَ الكثيفةَ
العالقةَ فوقَ شاربِهِ الهيتليريِّ،  
أتخطّى الجميعَ متمالكًا نفسي
خشيةَ أن أكبوَ فأصبحَ مدعاةً لضحكِ
كلِّ الشّاربينَ والشّارباتِ
أعتلي الكونتوارَ في غفلةٍ من البارمانِ 
الذي يعلو النّمشُ مقدّمةَ رأسهِ الأصلعِ،
أخطبُ في هؤلاءِ القومِ قائلاً:
يا معشرَ السّكارى
خذوا حذرَكمْ عندَ كلِّ حانةٍ تلجونَها
ضعوا رغباتِكمْ في خابيةٍ شبقيّةٍ
واحكموا إغلاقَها مخافةَ أن يتسرَّبَ منها
كلُّ العرقِ المستخلصِ من حلماتِ الاشتهاءِ،
لا تحاذوا بين المناكبِ 
كي لا يتداعى بنيانُكمْ في لمحِ البصرِ،
اجعلوا ما بينَ رجالِكمْ ونسائِكمْ حجابًا 
فلا يرونَكمْ ولا أنتم إليهنَّ بناظرينَ، 
لا ترقصوا إلاّ على إيقاعاتِ
موسيقى  الكوسبلِ وتيماويت والبلوزْ. .
آهٍ. .ثمّ آهٍ. .كم أعشقُ “فيروزَ”
لا تلقوا بالاً لزوجاتِكم القابعاتِ
في خيامِ الانتظارِ المخرومةِ
فهنّ مشغولاتٌ عنكمْ بإرضاعِ صبيانهنَّ
وصغارِ اليأسِ والقهرِ،
ارقصوا وتنطّوا حتّى يتبيّنَ لكم
الخيطُ النّاظمُ للتّشظّي،
بعد ذلكَ سيروا في صفٍّ مرصوصٍ
نحوَ تلكَ البيادرِ المحاذيةِ
للمدخلِ الجنوبيِّ لمدينتِكمُ الفاضلةِ،
اغرفوا من أصوعِ الشّعيرِ
اصنعوا من نصفِهِ شرابَكمْ السّائغَ
وأطعموا ممّا تبقّى منه حمائمي الجميلةَ
التي تلتحقُ بي كلَّ صباحٍ بنفسِ الحانةِ
بعدَ أن ينسحبَ القومُ وأبقى وجهًا لوجهٍ
أمامَ البارمانِ الذي أصبحَ يضعُ باروكةً
مصنوعةً من ريشٍ حمائمي الجميلةِ
المزهوّةِ بشرابِ الحانةِ
لا بشعيرِ البيادرِ!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*