لبنى شرارة بَزّي شاعرة بشاعرتين : قراءة :المصيفي الرّكابي – شاعر عراقيّ مقيم بميشيغان – الولايات المتّحدة الأمريكيّة

لبنى شرارة بَزّي

المصيفي الرّكابي

من خلال الاطّلاع على ديوانيّ الشّاعرة اللّبنانيّة المغتربة لبنى شرارة بزّي الموسومين “ابتسامة من رحم الألم” و “حديث الفصول الأربعة” وأيضا على ما تنشره في المواقع الأدبيّة، وجدتها كغرسة في الظلّ تبحث عن منافذ الشّمس، أو بالأحرى في رحلة بحث مستمرّة عن الذّات. فلبنى شاعرة تمتلك نوتةً موسيقيّة خاصّة تعزف للإنسان والطّبيعة والحبّ، تتوالد لديها المشاعر في
لحظة كتابة القصيدة، فتتفاعل مع الحزن والفرح في لحظاتِ تجلٍّ صامتة رغم  ميلها إلى رسم الصّور الحزينة  كما في قصيدتها الرّائعة “بنت جبيل ترنيمة المحبّة”.وبنت جبيل هي تلك المدينة التي رسمت لذكراها خطوط عرضٍ وطولٍ حين أخذت تناديها من صقيع غربتها بصوت مبحوح رابطة مقاطع قصيدتها بواو العطف في لحظات تأمّل خرساء كأنّها صلاة راهبة في دير سكنته أشباح ذكريات واهنة، نقشت في ذاكرتها الأزقّة والحواكير وأذان صلاة الفجر وسوق الخميس وأروقة المقاهي وأعتاب الدكاكين وضحكات طفولةٍ رُسمت على جدران بيتها العتيق، فبِنت جبيل في ذاكرة الشاعرة المغتربة تعني لها كلّ شيء في الطّفولة والصّبا والشّباب. لبنى شرارة بزّي شاعرة ذات لون مميّز جمعت بين كلماتها الشّفافة والرّومانسيّة والحلم والتّعبير عن مشاعر الأنثى التي فقدت شيئاً ما في حياتها حين لمّحت لما فقدته بقصيدتها الرّائعة “أناغي قمري” حيث يجتاحها سيل من الحنين  قد يجعلها غير قادرة على صدّه في زحمة الأحلام حين تنشد لِذَاتها في تأمّلاتٍ حزينة تارة، وتارة أخرى تنقضّ على الألم كَلبوةٍ جريحة حين تعود بقوّة إلى رحلة البحث عن ذاتها حيث تقول “أصدّ قسوة الأيام ” ،”؟أبحث عن ابتسامتي الموءودة” “أبحث عن أناملي المفقودة” “بي عاصفة ريح وقلبي الجريح” إلى أن تقفز على واقع الصّمت فتتحدّاه في قولها :
“أصفع اليأس من جديد وأناغي قمري الوليد” وقد يكون قمرها الوليد حلم اليقظة أو الحبيب الذي “زرع بين شقوق نوافذها المغلقة سنابل الأمل” ولكن.. يا لها من صفعة  أنتجت السّمو في علياء الشّعر والقصيدة والحياة !
لبنى شرارة بزّي تصف الشّعر بأنّه الحياة حيث تقول” الشّعر يسري مع الدّم في عروقي إن أهملته يوما عاد متدفّقا من شرايين القلب إلى الورق”، ثم تقول” أهربُ إلى شاطئ الأبجديّة علّه يمحو رذاذ موجة قلقي وأكتبُ بمداد الوحي فكرةً أنبتتهاأحلامي الدّافئة”. وهنا لابد من الإشارة إلى تقييم الأديب والناقد الدكتور محمد صالح بن عمر حيث اعتبرها واحدة من أربعة شعراء مهجريّين امتداداً للرّابطة القلميّة التي أسّسها الشّاعر جبران خليل جبران في ولاية بوسطن الأمريكيّة سنة ١٩٢٠.
الشّاعرة لبنى شرارة بزّي تتعامل مع الشّعر والثقافة بشغف وحاجة روحيّة لا تستطيع الاستغناء عنها فنجدها تكتب عن الحبّ والأنوثة والطّبيعة والوجود وخلجات النّفس المطمئنّة، فأتى وليدها “ابتسامة من رحم الألم ” قويّ البنية معافى يحاكي الوجود والطّبيعة والإنسان.
لبنى شرارة بزي، أستطيع القول بأنها شاعرة بشاعرتين
فقد نَحَت مَنحاً شعريا آخر لم يكن في الحسبان هو ذلك الجنس الأدبي الذي يفرض نفسه في ميدان الثقافة والأدب العربي بعد أن اجتاز الحدود فكانت إحدى محطاتها
لبنى شرارة بزّي تعاملت مع هذا الضّيف الآتي من بعيد بروح الشّاعر المتبحّر.. ألا وهو شعر الهايكو اليابانيّ المنشإ . كتبته الشّاعرة لبنى بحرفيّة فائقة وقد سنحت لي الفرصة أن اطّلع على منشوراتها في نادي الهايكو اللّبنانيّ الذي أسّسته من قبل  كما اطلعت أيضا على ديوانها الموسوم ب” حديث الفصول الأربعة “.  (شعر هايكو). فكتبت له مقدمتي المتواضعة. ولا إشكال على حقيقة أخرى مدوّنة في عدّة مواقع أدبيّة وفي دار نشر وتوزيع ليندا عبد الباقي بسوريا حيث تُعد الشاعرة لبنى شرارة بزّي رائدة شعر الهايكو في لبنان باعتبارها السّبّاقة في إصدار أوّل ديوان ورقيّ”حديث الفصول الأربعة” في هذا الجنس الأدبيّ الجميل.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*