المرأةُ ليستِ الأنثى بحدِّ ذاتِها…..المرأةُ وطنٌ: تحقيق :نور نديم عمران – اللاّذقيّة – سورية

نور نديم عمران

 

نماذج من اللّوحات المغروضة :

المرأة وطن ” فنّان جريء في تحويرات الأشكال وتحويرات داخل اللّوحة ،وتحضير لونيّ للعمل قادر على خلق حوار تشكيليّ ولونيّ مع العمل، مع أنّ فكرة موضوعه ترتكز على البورتريه الذي لا يساعد كثيرا  على تقديم حوارات تشكيليّة إلا أنه يجيد ذلك ببراعة ” بتلك الكلمات وصف الراحل المبدع هيشون في زمن مضى الفنان التشكيلي بسّام ناصر بوغا …ونستحضر كلماته اليوم ونحن نحضر معرضه الفني في صالة هيشون آرت كافيه،في جو يفيض بالمحبة والتآلف والدفء. فهاهو الفنان بوغا يعتمد مجددا على الحالة التعبيرية للوجه ويصرّ على رسم الوجوه المرة تلو الأخرى وكأنما ثمة أشياء لم تتم قراءتها بعد فيها… وتطل المرأة في لوحاته دائما بحالاتها المختلفة ، وهي عنصر أساسي في كل معارضه ..إنها حزينة على الرغم من كونه رسمها بألوان فرحة وصاخبة،ملامحها حادة توحي بالثقة والقوة لكن في عينيها حزن شفيف…حدثنا عنه الفنان  بوغا قائلا : “عندما أرسم المرأة لا تكون ثمة صورة محددة في ذهني،فقد تشبه هذه أوتلك أو قد لا تشبه أحدا “…إنها موجودة في لاوعيي .. قد لا تكون هي الأنثى بحد ذاتها…لعلها هي الوطن ،فالمرأة رمز للثورة والتمرد…الثورة ضد الحالة المفروضة …المرأة رمز القوة لكنها في ذات الوقت حزينة …منكسرة أحيانا…متواضعة أحيانا أخرى.. **وماذا عن إدخال بعض العناصر الأخرى إلى جانب المرأة (الثور..القرون.. .الرجل)؟ __(لوحة المرأة والثور) …الثور بالتعبير المجازي والعقل الرمزي الاول يرمز إلى الألوهية والقوة والمرأة إلى جواره تنحني كنوع من التواضع… ربما تتواضع حتى تصبح أرضا…لكنها في الحقيقة قوية وقادرة على الخلق والإبداع..قوية كالثور. كذلك لوحة المرأة والقرون …فالقرون كذلك رمز للقوة …القوة عبر الزمن والأساطير. أما لوحة المرأة والرجل معا..ففيها يتكاملان بألوان تفيض بالحياة لكنها لا تخفي كآبة الوجهين… وكذلك هنالك لوحة الصرخة …حيث الفم مغلق والصرخة تظهر في العيون….لا يسمع صوتها لأنها مخنوقة.. **لاحظنا إقبالا لافتاوكأنما الجمهور في حالة تعطش دائمة لتذوق الفن والجمال… كيف وجدت العلاقة بين العمل الفني والمشاهد العادي،والمشاهد الناقد؟ في داخل كل إنسان فنان بالفطرة ،قد ينمو معه وقد يدفن بداخله بحسب الظروف… وهناك فنان بالتلقي وفنان منتج… وقد يكون المتلقي أكثر وعيا ونضجا  فنيا من المنتج أحيانا.. والمتلقي العادي يتلقى ثقافته من تكرار الرؤية وارتياد صالات العرض ،وبذلك تتشكل لديه ثقافة تشكيلية ربما تتطور ليتحول من مشاهد إلى ناقد. ** بصدق ….أيهما يرضي غرورك كفنان …أن يقال أنك فنان شعبي أم أن تنال استحسان النقاد والمتخصصين وثناءهم ؟  – يسرني أن أنال ثناء المختصين أكثر لأن الموضوع سيتم عن دراية وفهم حقيقي..لكن هذا لا يعني أنني لا أسر بإعجاب المتلقين العاديين..فنحن نعمل على تغيير الذوق العام نحو الأفضل،وعلينا أن نبقى على تماس مع العام لجذبه والارتقاء بذائقته. وهنا تشرفنا بمداخلة أحد ضيوف المعرض الفنان التشكيلي اللبناني حسن سبيتي حيث قال: ” إن المشاهد العادي كما أرى ينظر إلى  اللوحة بكليتها دون الولوج إلى تفاصيلها التي يراها المشاهد الناقد  إذ  يرى أمورالا  يراها غيره ..ويكون نقده متختصّصا.. وكلما كانت اللوحة قادرة على إيصال الانطباع الحسي للمتلقي وجعله يعيش حالة خاصة من خلال رؤيته الخاصة ..فإنها ستزداد نجاحا وتميزا. ** وما رأيك  أنت الناقد بما قدمه الفنان بسام في هذا المعرض ؟ بسام       من حيث هو شخص…..ماهو الخيال لديه وماهو الواقع..؟ إنه مزيج من الثقافة والإحساس.. ينشأ لديه تصور معين ليس المقصود به شخصا معيّنا أو امرأة معيّنة ولكنها حالة أو تصور…ما بين الأسطورة والحركة الملموسة التي نراها تترك خيالا انطباعيا معينا من الصعب تفصيله أو ربطه بعامل معيّن لأنه كما قلنا عبارة عن مزيج ؛لذا لابد من الربط ما بين الجانب الخيالي الذي ينظر إلى  المرأة بما يشبه القداسة،وبين الحالة الواقعية الصادمة للتعامل مع المرأة…لذلك نجد الحزن في لوحاته..إنه يصطدم بالعوامل الواقعية التي تؤدي إلى وجود شرخ ما بين المتخيل والمعيش. وأمّا الكاتبة اللبنانية والفنانة التشكيلية سمر المحمود…فقد كانت سعيدة بما رأته ..فمن بين الوجوه أحبت عددامن الأعمال وجدتها مختلفة في طريقة طرحها كما في لوحة المرأة والثور. فلقد أحست بها تشكيلا جديدا…إنها تخلق قصصاوحكايات أسطورية.. وكذلك لوحة لرجل وحيدة بين مجموعة لوحات لنساء.. ولعل لوحة الرجل حظيت باهتمام الكثيرين لتفردها في هذا المعرض. فهاهو السيد ياسر جمعة أحد ضيوف المعرض يشير إلى تلك اللوحة ويخبر الفنان بوغا بأنها اللوحة الأميز…إنها مختلفة في طرحها عن غيرها…لا تشبهها ..فجميع اللوحات تصور حالات المرأة بطرق مختلفة إلا هذه اللوحة… وهنا يجيب الفنان بابتسامة: في الحقيقة الموضوع تكاملي مابين المرأة والرجل. ولو أمعنا النظر لشعرنا أن اللوحة التالية للمرأة كأنها مكملة لها…لكن ما نخشاه حقا أن نعود إلى الزمن الأول  حين كانت السلطة المطلقة للمرأة وحينها لن يغدو الأمر تكامليا بل سيكافح الرجل لنيل حقوقه مجددا. وحينها سنقيم معارض عنه .. أما عن سر عودته الدائمة  إلى العرض في هيشون آرت كافيه فقد أخبرنا: بأن العرض هنا كوسام شرف يناله المبدع…فصالة هيشون قدمت للاذقية مبادرات كثيرة وجميلة ومهمة …نشطت الحركة الثقافية وحفزت الناس على العرض والتلقي… الحضور اليوم كثيف والمتابعة دائمة..لذا لا يمكن إلا أن نعود …إنها كبيت دافئ للفن . والحق يقال لم يكن بوغا إلا صادقا . فهيشون آرت كافيه تتمثل قيم المبدع الذي حملت اسمه… فكانت كما كان منزل الراحل هيشون ومرسمه ملتقى لذواقة الفن الراقي والمهتمين به ..لأن رسالة الفن السامية تحتاج إلى دعم واهتمام ومتابعة من كل الجهات لنشر الوعي الفني والثقافي ومحاربة كل صنوف الجهل.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*