في بيت الشّاعر الألمانيّ الكبير يوهان شيلر (1759 – 1805): محمّد صالح بن عمر

 

لئن أنجبت الأمّة الألمانيّة في العصر الحديث أكبر عدد من الفلاسفة الأفذاذ على الصّعيد العالميّ منهم إمّانوال كَانْتْ وفرييادريش هيقل وفرييادريش نيتشه وكارل ماركس وأرتور شوبنهاور ومارتن هيدقر وأدموند هوسّارل فإنّها لم يظهر فيها مقابل ذلك سوى شاعرين عدّهما العارفون من عباقرة الأدب العالميّ في كلّ العصور هما : قوته وشيلّر اللّذان عاشا في عصر واحد وكانا صديقين.
وإذا كان الأوّل يجسّد القوميّة الألمانيّة ويمثّل فئة المثقّفين الألمان فقد كان الآخر شاعرا وكاتبا ملتزما يتعلّق بفكرة الوحدة الإنسانيّة الكونيّة وقد قضّى معظم فترات حياته في مقاومة الحكم المطلق والاستبداد والظّلم وفي الدّفاع عن الفئات الاجتماعيّة الفقيرة التي ينحدر منها.وهذا ما جعل المجلس التّشريعيّ الفرنسيّ الذي انبثق من ثورة 1789يعيّنه على الرّغم من أنّه لم يكن فرنسيّا”مواطنا شرفيّا” .
في سبتمبر/أيلول 2018 بمناسبة سفري الأخير إلى ألمانيا وقد كان عائليّا بحتا لم أكن أنوي زيارة أيّ موقع أثريّ أو أي ّمؤسّسة ثقافيّة .لكنّ وجودي مدّة يومين في ضاحية مدينة ستوتقار على بعد عشرين كيلومترا فقط من مدينة مارباخ التي فيها ولد شلّر وقضّى السّنوات الأربع الأولى من حياته قد شجّعني على التّنقّل إليها.
إنّها مدينة صغيرة جدّا ، حسنة التّنظيم، يطالعك في كلّ مكان منها في الكثير من واجهات المحالّ التّجاريّة والمقاهي والمطاعم وغيرها اسم شلّر.أمّا البيت الذي ولد فيه وصار اليوم متحفا يحمل اسمه فقد حوفظ عليه كما كان في الأصل .وهو يتألّف من طابق سفليّ يحوى غرفة ومطبخا في منتهى الضّيق كانت تشغله عائلة الشاعر على وجه الكراء ومن طابق علويّ فيه ثلاث غرف كان يقيم فيه مالك المحلّ وأصبح اليوم جزءا من المتحف.
لقد ترك هذا الشّاعر والكاتب العظيم على الرّغم من أنّه لم يعش سوى خمسة وأربعين عاما تسع مجموعات شعريّة وعشر مسرحيّات وسبع دراسات فلسفيّة.وهذه الأعمال التي تجمع بين الضّخامة والطرافة قد رفعته إلى مصافّ العباقرة الكونيّين.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*