حوارات”مشارف” : 10 – مع الشّاعر المغربيّ نجيب بنداود

نجيب بنداود

من هو نجيب بنداود؟

ولد نجيب بنداود في 13 جويلية /يونيو بتطوان ( المغرب). زاول دراسته العليا في العلوم النّفسيّة بجامعة تولوز ( فرنسا). مدرّس باحث في علوم التّربية بدار المعلّمين العليا بتطوان . عضو مؤسّس في هيئة مجلّة الآفاق المغربيّة التي تصدرها جامعة تولوز” الميرال”. شاعر متخصّص أو يكاد في اللّون العشقيّ. برهن في قصائده على معرفة دقيقة بنفسيّة المرأة .وهو ما يتيح له إمكان استبطانها وتقمّص مختلف شخصياتّها. يتميّز ما كتبه في هذا الغرض المركزيّ بخصوصيّة فريدة استمدّها من التّراث الصّوفيّ.أسلوبيّا يمتاز شعره بكثافة الاستعارات وتسارع الإيقاع الدّاخليّ.
مجموعاته الشّعريّة :الأثداء الشّاقّة ،دار الفكرللنّشر،الرّباط 2011 – حنان،دار دبوس الأمان للنشر، باريس 2013 – ميرا ، دار علامات للنّشر، الرّباط 2015.

السّؤال 1:يدور شعركم حول غرض طاغ هو الغزل.والمرأة فيه دائما حبيبة أو عاشقة أو عشيقة أو حتّى ابنة هوى.لماذا يجلبكم هذا المظهر الخاصّ دون غيره في الجنس اللّطيف والحال أنّ المرأة في حياتنا هي أيضا زوجة وابنة وأمّ وزميلة في العمل وصديقة ومناضلة ومفكّرة ومبدعة…؟

نجيب بنداود :صحيح أنّ شعري يلفت القارئ من الوهلة الأولى بذلك الاهتمام المشطّ بالمرأة.فذلك الموضوع قد يلوح كأنه الغرض الوحيد الحاضر في كلّ نص من نصوصي بل حتّى الخانق للأنفاس. المسألة التي تثار ثمّة هي التالية :ما هي المرأة بالنّسبة إليّ؟
قبل كلّ شيء المرأة فيما أكتب رمز،هي ذلك المعنى العظيم الذي يمكن أن يُهدى إلى الحياة، إلى حياة متعدّدة الأبعاد لا سبيل إلى الفصل فيها بين الرّوح والجسد. فالرّوح والجسد لا يعكسان عندي إلاّ وحدة الشّخص.أرفض فيما أكتب وجود أيّ ثغرة بين الثّقافة والطّبيعة.عندئذ المرأة في شعري ليست ثديا ولا شفتين ولا سرّة، ليست رقصة ولا عشيقة ولا بائعة هوى ولا أمّا ولا أختا ولا مناضلة ولا عاملة.هي ايطوس كلّ هويّة أرضيّة وسماويّة. إنّها الفرح والمرارة، النّهار واللّيل، الخير والشّرّ ، الحضور والغياب، الفراغ والانتشاء.
المرأة عندي هي المشهد الذي تتجلّى فيه الحياة بكلّ ألوانها وكلّ حالاتها الجنونيّة وكلّ ما ينتابها من جزع ونشواة وكلّ مظاهر جمالها وقبحها…إلى غير ذلك. إنّ حبّ الحياة لا يقصي الجسد لصالح الرّوح أو العكس.فالوجود وكذلك الجوهر لا يؤلّفان سوى وحدة .وليعذر جان بول سارتر قناعتي هذه .

السّؤال 2 :تتناولون في بعض قصائدكم موضوع الحبّ الرّوحيّ وتستلهمونه أحيانا من التّراث الصّوفيّ الإسلاميّ .لكنْ في قصائد أخرى يجد القارئ نفسه بكل وضوح إزاء الحبّ الشّهوانيّ.فهل يمكن أن نرى في ذلك تناقضا؟ أم هل تتقمّصون في كلّ نوع شخصيّة متكلّم مختلف؟

نجيب بنداود : انطلاقا من جوابي عن السّؤال الأوّل ومن مفهومي للإنسان باعتباره وحدة هي في الوقت نفسه ماديّة وروحيّة ، لا أشعر بوجود أيّ تناقض في مقاربتي لموضوع الشّعر.فالحبّ الشّهوانيّ ليس سوى تعبير عن الحبّ الرّوحيّ .وهذا الامتزاج بين مختلف مظاهر الحياة هو الذي يمنح ألفاظي العشقيّة دلالاتها. أنا محبّ نعم ، محبّ لهذا المزيج المدهش الدّنيويّ.

السّؤال 3:أنتم تعلمون دون أدنى شكّ أنّ توظيف الشّهوانيات في الشّعر وفي الفنّ عامّة لغايات جماليّة أمر عسير المنال .وذلك لما يتهدّد الشّاعر أو الفنّان في كلّ خطوة من الانزلاق إلى البورنوغرافيا. فما هي الطّريقة التي تتوخّونها لحلّ مشكلة كهذه حين تطرقون هذا الموضوع؟

نجيب بنداود : الأدب البورنوغرافيّ هو جنس أدبيّ لا أقلّل من أهمّيته.فهو مقاربة للحياة كغيرها من المقاربات .على أنّ هذه الرّؤية لا تغريني لأنّي للست متمكّنا من آلياتها الإنتاجيّة. أحسّ على نحو لاواعٍ بأنّي غير قادر على إنتاج هذا الجنس الأدبيّ. لكنّي مع ذلك لا أبذل أيّ جهد لاجتنابه لأنّي أنتج ما أنتجُهُ وَفق أحاسيسي وانفعالاتي، تلك التي تقودني إلى غبطتي بالكتابة .وهي فبطة منسجمة مع ذلك المعنى الذي أمنحُه للحياة و للذّات البشريّة ب اعتبارها نتاجا للطّبيعة والثّقافة ، للرّوح والمادّة

السّؤال 4:شاءت السّنّة الشّعريّة العربيّة ألاّ يتغزّل الشّاعر بزوجته.أفليس للزّوجة الشّرعيّة الحقّ في أن تخصّص لها بعض القصائد؟ وبكلّ صدق هل طرحتم على أنفسكم مثل هذا السّؤال؟

نجيب بنداود : كلاّ ، لم ألقِ على نفسي هذا السّؤال لأنّي بكلّ بساطة لم أفرّق قطّ بين المرأة الشّرعيّة والمرأة غير الشّرعيّة .فالمرأة إنسان لا أكثر ولا أقلّ.

 السّؤال 5 : أذكر أنّي في سنة 2010 حين بدأت أعلّق على قصائدكم كنتم تحملون لقبا عائليّا آخر.وحين غيّرتم ذلك اللّقب ضاعت كلّ التّعاليق التي كتبتها عن قصائدكم في تلك الفترة.فهل يمكنني أن أسألكم لماذا لم تحتفظوا بلقبكم العائليّ الأصليّ وأين هي القصائد التي أمضيتموها به؟

نجيب بنداود : صحيح أنّ لقبي الأوّل كان ابن داود.وقد اخترت الإمضاء بلقب مستعار لعدمي ثقتي في هذه الشّبكة الاجتماعيّة .فكان بمنزلة اللّعبة بالنسبة إليّ .

السّؤال 6 :خضتم منذ بضع سنوات تجربة في الأدب الإذاعيّ بإذاعة كليوبترا. فهل أفادتكم تلك التّجربة بعض الإفادة من الناّحية الأدبيّة؟

نجيب بنداود : هي أفضل تجربة تواصليّة عشتها في حياتي .فالإذاعة أداة ناجعة جدّا في أيّ عمليّة تواصل.و إنّي أقترح عليكأن تنشيء إذاعة وستكتشف أنّها اداة فعّالة للغاية في البثّ والتّأثير في كلّ النّاس وأتذكّر جيّدا أنّ شخصيّات بارزة في ميداني السّينما والفنّ كانت تهاتفني لتتحدّث على المباشر إلى ناشري كتبي. لقد كانت تجربة رائعة لا تنسى .وشكر ا لك على هذا السّؤال.

السّؤال 7:المغرب هو البلد العربيّ الوحيد الذي أفاد من المشروع الأمريكيّ الذي سمّي “ربيعأ عربيّا” والذي كان يهدف إلى إيصال الإخوان المسلمين إلى سدّة الحكم في كلّ الأقطار العربيّة للاستعانة بهم على ترويض الجهاديّين والتّحكّم فيهم.فالمغرب اليوم في ما يظهر بلد في أوج الازدها ر.وقد فسّر بعضهم ذلك بدهاء الملك وفسّره آخرون بطبيعة الشّعب المغربيّ المسالمة.لكنّنا نراكم ،مع ذلك، غير مرتاحين للوضع السّياسيّ في بلدكم.

نجيب بنداود :عرف المغرب كيف يدير “ربيعه العربيّ”.فأداره بمنتهى الدّهاء .هذا صحيح أوافق عليه.لكنّ هذا لم يكن في تقديري كافيا .فالمغرب في حاجة إلى ديمقراطيّة حقيقيّة و إلى إصلاحات أعمق للمؤسّسات تمسّ جميع القطاعات وبوجه خاصّ إلى توزيع عادل لثروات البلاد والتّقليل من مظاهر التّفاوت الاجتماعيّ والاقتصاديّ.

السّؤال 8:أنتم تنتمون منذ قرابة العشر سنوات إلى منتخبنا الشّعريّ العالميّ. فما هو تقويمكم  لما يكتبه بقيّة أعضاء   المنتخب ؟

نجيب بنداود :قبل كلّ شيء أحيّي الجهود التي تبذلها حبّا للأدب والفنّ وأعبّر لشخصك عن عرفاني.

في ما يخصّ المنتخب أستحسن تنوّع أعضائه الذي يشمل الجنسيّات واللّغات والثّقافات والأجناس الأدبيّة وما هذا بالأمر المتاح مقدّما .وهذا النّشاط يبرهن على عقل متفّتح وموقف إنسانيّ صلب لا يعبأ بالحدود.

السّؤال 9:أنتم تنشطون على الفايسبوك منذ قرابة العشر سنوات .فهل قدّم لكم شيئا إيجابيّا؟

نجيب بنداود :تغيّرتْ حياتي على الفايسبوك.فقد جرؤت على النّشر فوجدت ثمّة  لكلماتي صدى وقرّاء وبطبيعة الحال أصدقاء من كلّ البلدان.

السّؤال  10:ما هي مشروعاتكم القريبة والآجلة؟

نجيب بنداود :عندي مشروع  سيظهر قريبا. وهو مجموعة شعريّة  مزدوجة اللّسان : (بالفرنسيّة والإسبانيّة  ) بالاشتراك مع الشّاعرة آنا هرّيرا  عنوانها فرح أبله  ستصدر بفرنسا.

 

تعليق واحد

  1. Merci ami Mohamed Salah ben Amor

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*