أرشيف تعاليق محمّد صالح بن عمرالنّقديّة على الشّعر:2 : قصائد أميمة إبراهيم: 2- 1 : أزهرَ في الرّوحِ زيزفونٌ

أميمة إبراهيم

 

ربّما

 أزهرَ في الرّوحِ زيزفونٌ

  فصلّى للتّربةِ

روّتها القصائدُ الخضراءُ

أرضعتْها النّسائمُ العاشقاتُ

وأوغلَ في تضاريسِ البلادِ

يتمرّغُ على عشبِ الحياةِ

كي لا تهربَ من كفّيهِ

رائحةُ الوطنِ .

 

هذه الأبيات  التي تتميّز بنسيجها الاستعاريّ الكثيف تقدّم صورة وحيدة لكنّها تمثيليّة ممتدّة تتبادل فيها الأرض والرّوح مكانيهما ودوريهما ، طالما أنّ الأولى منغرسة على نحو عميق وثيق  في الثّانية . وهو ما مكّن صاحبة هذه المقطوعة من إحلال كلّ منهما بسهولة في محلّ الأخرى .وهكذا  فإنّ الزّيزفزن  في الوقت الذي أزهر في الرّوح  قد أوغل في تضاريس البلد  ثمّ  – وهو يتمرّغ في  عشب الحياة  وهذا فعل خالص التّجريد أو على الأصحّ حركة من جنس حركات  الرّوح  – قد انصبّ همّه  على الوطن أي على الأرض .وهو ما يؤول بنا إلى القول إنّ حبّ الأرض ليس فقط متغلغلا  في الرّوح وإنما الأرض هي الرّوح والرّوح هي الأرض .و ما هذه إلاّ صورة تفخيميّة  تفصح عن مدى تعلّق السّوريين ، سواء منهم المقيمون في الدّاخل أو في الخارج،   ببلادهم ، على الرّغم من كارثة الحرب التي حلّت بها .

إنّ في هذا المقتطف،  إجمالا،  احتفاءً بالشّعب السّوريّ الذي يواجه  فاجعة من أشدّ الفواجع التي حاقت به في تاريخه . ولكنّه ، بفضل حبّه لوطنه ، لن يلبث أن يستعيد وحدته وتماسكه وأن يحبط المخطّطات الجهنّمية  الأجنبيّة والعربيّة التي  ترمي إلى  تفكيكه وتقطيع أوصاله.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*