قصيدتان لريتا الحكيم – اللاّذقيّة – سورية

ريتا الحكيم

طيفُ امرأةٍ

 

المرأةُ النّحيلةُ تلك

تُشبِهُ كلَّ النّساءِ بصمتِها وارتباكِها

حينَ تُكمّمُ فَمَ السّماءِ

كي لا تبوحَ بأسماءِ أبنائِها السّبعةِ

تندبُهم، وتُطرّزُ أسماءَهم على زُرقتِها الغامقةِ

التي لمْ تشهدِ الحربَ يوماً

 

المرأةُ النّحيلةُ تلكَ

لا تُؤمنُ بسفراءِ النّوايا الحَسَنةِ

ولا تُقيمُ وزناً لكلِّ ما قرَأتْهُ عنِ التّاريخِ

ماهرةٌ في ابتلاعِِ الخيباتِ بَدَلَ المُهدّئاتِ

تُتقنُ الحزنَ، وتحفظُهُ عنْ ظهرِ ألَمٍ

 

المرأةُ النّحيلةُ تلكَ

أضاعتْ مفاتيحَ النّسيانِ

إلا واحداً.. عَلّقتهُ قرطاً على سحابةٍ لا تُمطرُ

كلَّ شوقٍ، تُتمتِمُ في سِرِّها صلاةَ الاستسقاءِ

تُعاندُها السّماءُ عمداً

وترمي لها باسمِ واحدٍ مِنْ أبنائِها

صمتٌ مُبينٌ

 

أيّها الصّامتُ في ضجيجِ الأسرارِ

لا تُقحِمِ اللّغةَ في فَضحِ النّصّ

دَرْبُ آلامِهِ شاقٌّ وطويلٌ

النّصُّ الذي لا تتشقّقُ قدماهُ

ولا ينزفُ دمُ حروفهِ على الأخطاءِ الشّائعةِ

لن يُعرّجَ على تخومِهِ السيّدُ المسيحُ

ولنْ تمسحَ جراحَهُ العذراءُ مريمُ

أنتَ وأنا نحتاجُ إلى كتابةٍ بعيدةٍ عنْ كلّ الشُبُهاتِ

وإنْ سألوني عنكَ

سأقولُ لهم:

إنّ اللّغةَ متورطةٌ بكَ

تنجبُ منكَ أطفالاً وتزغردُ عند كلِّ ولادةٍ

سأقولُ لهم:

إنّني من صُلبِكَ.. ألِدُ دواوينَ شِعْرٍ

وبأنفاسِكَ.. أكتبُ العناوينَ

اللّغةُ المشاكسةُ.. مُتمرّدةٌ وغيورةٌ

ترفضُ الاعترافَ بي ابنةً بالتّبني

تُلوّح لي بعلاماتِ التّرقيمِ

وتهدّدُني باللّجوءِ إلى صمتِكَ المُبينِ

أحتاجُكَ علانيةً

لا سِرّاً منْ أسرارِ التّكوينِ يقبع خائفاً بينَ مكانينِ

قصيّينِ..قلبي وعقلي

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*