جمعيّة النّهوض باللّغة العربيّة :الجمعيّة التي لم تر النّور : محمّد صالح بن عمر

 

في سنة 2006 اقترحت عليّ السّيّدة نزيهة الزّوابي ( نزيهة العبيدي وزيرة المرأة حاليا  )أن نؤسّس جمعيّة للنّهوض باللّغة العربيّة بالنّظر إلى أنّه توجد بالبلاد جمعيّة للنّهوض باللّغة الفرنسيّة .فكونا هيئة  تضمّ ، فضلا عنّا ،المترجم عبد القادر المعالج و متفقّد التّعليم الثّانويً على الحمريت وصحافيّا بجريدة “الشروق ” كان بشرف على ركن بجريدته خاصّ بتصحيح الأخطاء الشّائعة.

بعد ثلاثة أو أربعة شهر وصلنا ردّ بالرّفض من وزارة الدّاخلية معلّلة فيه رفضها تعليلا غريبا وهو “غموض أهداف الجمعيّة”.

ولفكّ لغز هذا التّعليل  الذي لم يكن في محلّه لأنّ أهداف الجمعيّة كانت واضحة كل الوضوح ، اتّصلت بالموظّف الذي أودعت لديه المطلب وكان  طالبا قديما من طلبتي درس عليّ في بداية الث”مانينات بمعهد بورقيبة للّغات الحيّة بشارع الحريّة .فأجابني بأنّ هذا التّعليل هو نفسه في جميع الرّدود السّلبية التي تصله من الوزير .

ورويت هذه الحكاية على الشّاعر منصف المزغنّي فأشار عليّ أن أستعين بصديق له  علي  يعرف وزير الدّاخليّة عن قرب وكان في ذلك الوقت مستشارا بوزارة أخرى .

فذهبت إلى مقرّ تلك الوزارة .وما إن استقبلني صديق المزغنّي حتّى اتّصل هاتفيّا بوزير الدّاخلية لكن عوض أن يحدّثه  في  الموضوع الذي جئت من أجله مضى في نقاش حماسيّ طويل معه حول آخر المقابلات في كرة القدم التّونسيّة ، متهجمين بلام بذيء  على الحكَم وجامعة الكرة .ولمّا كنت مستعجلا لأنّه كان وقتها  لي درس بدار المعلّمين العليا أخذت أشير إلى  الصّديق بوضع يدي على ساعتي .وبعد أن مضت قرابة السّاعة فاتح الصّديقُ الوزيرَ  في موضوع الجمعيّة فطلب منه أن ينتظر بعض الوقت ريثما يطلّع على الملفّ .وحين علّق الصّديق السّماعة لمته على عدم طرق الموضوع من البداية وتركي أنتظر كلّ ذلك الوقت .فقال لي ساخرا: ” حين يريد أحد أن يفوز بقلب امرأة هل من المعقول أن يدخل معها في صلب الموضوع من الوهلة الأولى ؟ فلا بدّ له من إستراتجيا كاملة قبل أن يصل إلى  مراده “.

بعد دقيقتين أوثلاث كان الوزير على الخطّ وعلّل رفض التّرخيص للجمعيّة قائلا “: ” مبدئيّا هذه الجمعية لا تشكّل أيّ خطر على الأمن العامّ لكن عندنا حكمة نعمل وفقها في وزارتنا هي “أنّ شيئا غير موجود أفضل ألف مرّة من شيء موجود”.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*