الجارَاتُ : شعر: مازن أكثم سليمان-دمشق- سورية

مازن أكثم سليمان

 

كيفَما كانَ جَحِيمُهُنَّ
نَعُودُ إلى المَحْظُورِ
تحتَ لسانِ الوقتِ.
بعُشبةِ الهمسِ
نُعالجُ صُداعَ الجُدرانِ،
راسمينَ طريقاً التفافيّةً
لِذاكرةٍ تهزُّ أشجارَها الجارَاتُ
مُتحالفاتٍ معَ الجُنونِ
مُتناوباتٍ على تركِ الأسرارِ سائبةً.. 
. . .
نتخيَّلُهُنَّ، ليتخيَّلنَنا..
. . .
هامساتٍ بِالحَميميِّ
يتناقَلْنَ وصْفةَ الجَمالِ
كداراتٍ كهرُبائيّةٍ تَصْعَقُ
ويُسوِّغنَ بالمَشاعرِ
انحرافاتِ الأصابعْ.
. . .
التّنصُّتُ بآذانِ الخُرافةِ
مُلاحقةُ شياطينَ المَناوِرِ:
عَطَبٌ في تركيبةِ الأرضِ
/ القُبَلُ المُفكَّكةُ
وتأوُّهاتُ اللّيلِ.. /
الحافياتُ فوقَ بَلاطِ الشّهيقِ
الرّاقصاتُ تحتَ خاصرةِ الجريمةِ
ـ مِنْ ثُقوبِ القُلوبِ تُختَلَسُ النَّظَراتُ
لِتُحيطَ بأجسادِهنَّ كأرديةِ الحَمّامِ.
. . .
صبيبُ الماءِ إذ يُشمِّرُ عن ساقَيِّ الظَّهيرةِ، رائحةُ الطَّبخِ حينَ تُطرِّزُ
وِشاحَ الرَّدهاتِ؛ مَقابِضُ الأبوابِ فَتحاً وإغلاقاً كينابيعِ الألغازِ؛
النَّرجسُ العائليُّ مُستولياً على الرَّغَدِ؛ أو خِلافُ الأزواجِ حيثُ
الخِياناتُ تُرسَلُ في طُرودِ العُيونِ؛ طلَباتُ الأولادِ المَدرسيّةُ، أم
أوامِرُ الغُيومِ لِشجيراتِ الصّبابةِ؟! تَهريبُنا الصَّديقاتِ إلى
بُيوتِنا في غفلةٍ منَ الحَيِّ؛ والجَوائزُ مَكسوّةً بالمُعانقاتِ الفُجائيّةِ:
مَحبوبةُ اللُّحُفِ مِغناجُ الرِّيحِ…
. . .
نستمِعُ إليهُنَّ
يختطفْنَ منّا كُلَّ ثمينٍ
يُبَعْثرنَ بَحبوحةَ الخَيالِ في أنفاسِنا:

) صَنابيرُ البيتِ الأرضيِّ
تفيضُ كالغضَبِ
والهائمُ ذو الامتحانِ العاشِرِ
يُخَلْخِلُ عُزلةَ المُراهِقةِ
وعلى السّطحِ المُهْمَلِ
تُثبِّتُ الاستعاراتُ إبَرَ الصُّحونِ اللاّقِطةَ
فلا يُرَى في المُحْدِقِ سوى تشويشٍ).
. . .
ـ ما العميقُ إذن؟!
الجوهريُّ يلتبِسُ بِغَسْلِ السَّلالِمِ
واليوميُّ يرتادُ مِصعَدَ الكُلِّيِّ عشرينَ مرّةً في النّهارِ..
. . .
المُدْغِمَةُ سلامَها في قهوةِ الصّباحِ؛ الذّاهِبةُ إلى دُكّانِ الأوثانِ؛
زوجةُ المُوَظَّفِ مُعتَقَلاً لِعُقودٍ في أرشيفِ الجريدةِ: اهتزازُ تنّورتِها
يُرَعِّشُ في الإسفلتِ الفراغاتِ.. الصَّميميُّ العَذْبُ القادِحُ؛ أصالةُ
الحِبْرِ، وامتزاجُ الحقيقيِّ كما يبدو، باللاّمُبالاةِ كما تخدَعُ؛ إطعامُ
الوَهْمِ كمَلهوفٍ، إكساءُ الوَرْدِ الطّائفِ حولَ مُهْرَةٍ نَفورٍ؛ وعشقُ
الخطيباتِ في خفَرِ الملابسِ الشّفّافةِ.. الدّيكورُ الدّيكورُ: مالئُ
الغُرَفِ، وشاغِلُ الأهواءِ، الحَكاياالحَكايا: بينما الحلوى لِضُيوفٍ
لنْ يأتوا أبداً؟!
. . .
مِنْ أيِّ ثرثرةٍ انسلَلْتَ يا شُعاعُ
ومَنْ تُفَضِّلُ مِنْ رُوّادِ حاناتِ الكونِ؟!
القُرْعَةُ الجَماليّةُ مِفتاحُ السّرديِّ على الشِّعريِّ
واللَّذّةُ طَوَافُ الرُّوحيِّ في الجسَدِ:

)هاتفيهِ بصيغةِ المَجهولِ كُلَّ ضياءٍ
كلِّميهِ بِسَجْعِ غِيابٍ خِشيةَ عِتابٍ
عيِّشي المُتنافِراتِ كائناتٍ تحتَ اللَّبِناتِ
خدِّدي المُتناقِضَ سُمّاً لِفأرةِ العُلِّيّةِ
خزائنُ المطبخِ
ترشُّ السِّجالَ بِتوابلِ الضَّجَرِ والخُصوبةِ
ومَسِيرُكِ المُرَقَّشُ كطَبَقِ قشٍّ
يُزوِّدُ الشّظايا بِيقينِ الأنا والتّيهِ).
. . .
لا يُمْكِنُ أنْ تعبُرَ نَداوةٌ شُرْفَتَها دونَ أنْ يهبِطَ القلْبُ في عِدادِ
المفقودينَ: يُقشِّرْنَ بشرَةَ الشّاطئِ، يرسُمْنَ الحواجبَ على أوابدِ
المَرْجُوِّ؛ المُرْضِعُ حائكةُ الدّراما الشّائقةِ، وجليسَتُها العذراءُ المَدهوشةُ
كدُميةٍ؛ ترتيبُ المائدةِ، ونَثْرُ السِّيَرِ كالممالحِ بينَ الصُّحونِ؛ تثبيتُ الشَّعْرِ
بِخُلاصةِ الكرَزِ؛ قِياسُ المَلابسِ المُتبادَلَةِ بينَهُنَّ؛ تعريةُ المحفوظِ بعيداً؛
تقديمُ الدَّعْمِ والمشورةِ الأنثويّة؛ تنظيفُ مَسامِ المَساءِ أمامَ المرايا؛ زيارةُ
مَرْكَزِ التَّجميلِ كإشعالِ عتَباتِ البالِ بالغَضِّ مِنْ كُلِّ انحناءةٍ؛ والبَداهَةُ إنْ
اقتحَمَتْ شِغافَ العيانيِّ وردَّدَتْ: لَوِّني سُلْطَةَ الزَّمانِ بأحلامِ الرَّحيقِ…
. . .
تقبيلُ قوسُ قُزَحَ ليدِ ناشرةِ الغَسيلِ؛ مَعونَةُ مُهندسِ البلَديّةِ لفَخْذِ مُدَرِّسَةِ
اللُّغةِ ـ هُروباً مِنْ فواتيرَ إلى فواتيرَ ـ روائعُ رَمْيِ الأعضاءِ الجنسيّةِ
اختيالاً كأقراصِ لاعبِي القُوى في الهَواء؛ ضَغْطُ مُخلَّفاتِ الشِّعاراتِ في
عُلْبَةِ كبريتٍ؛ أسرارُ الفضائحِ في العُمْرِ الفَرْضِ العابِرِ، والعابِرُ في سُؤالٍ
يتكرَّرُ: إنْ كُنّا في رَفاهٍ، فالبلسَمُ والعُطورُ وزُيوتُ الغارِ طَراوةُ بنفسجةٍ
استدعاءُ عَواطِفَ، وإنْ كُنّا في ضِيقٍ، فالغُرْبَةُ الغرابَةُ ألا يُنادَى: غيِّري
مِكياجَ الوُجودِ…

. . .
. . .
المُحتمياتُ بِمِتراسِ القيلِ والقالِ
إناثُ الحُبورِ المُعَرِّشِ نُجوماً على نُجومٍ
مَنِ انسكَبَتْ أسماؤُهُنَّ نبيذاً يختطِفُ الوُعودَ
مَنْ صارَتْ دُموعُهُنَّ مَصاطِبَ لِأُصُصِ الزَّنابِقِ
نصعَدُ إليهُنَّ مَرصودينَ بالكمائنِ
مُسالِمينَ ذاكَ الذي لا يُشْبِهُ ثِقَةَ البَحْرِ فينا
نحنُ والفراشاتُ على حَدٍّ سواءٍ
نتضَرَّعُ إلى مطَرٍ صامدٍ كأُسطورةٍ
عساهُ يُغيِّرُ مَآلاتِ البُيوتِ
نشكو تمَنُّعَهُنَّ إلى رغباتِهِنَّ
فيسْمَعْنَ ما لمْ نَقُلْهُ
وما قُلْناهُ يغدو شاهِداً على الإسراءِ تحتَ أثوابِ الكُشوفِ.
. . .
. . .
كيفَما كانَ جَحِيمُهُنَّ
نَعُودُ إلى المَحْظُورِ تحتَ لسانِ الوقتِ
طَلَباً لِحُلْمٍ شاغِرٍ
نُساكِنُ فيهِ الأُغواءَ.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*