هزيلةٌ أنا.. : ريتا الحكيم – اللاّذقية – سورية

ريتا الحكيم

كتلكَ القصيدةِ التي سرقتِ الحربُ عنوانَها

وأخفتهُ تحتَ إبطيْها

كنتُ أريدُ أنْ أُذيّلَها باسمكَ

لكنّكَ رفضتَ ذلكَ لدواعٍ أمنيّةٍ

هكذا نحنُ يا صديقي، نكتبُ هزائمَنا شِعراً

يُعاني منْ سوءِ التّغذيةِ بفعلِ الحربِ

وغيرِها مِنَ الأمراضِ الوراثيّةِ النّادرةِ

البارحة، قرأتُ لصديقةٍ مُشتركةٍ بيننا، قصيدةً مُصابةً بمتلازمةِ داون

مَعَ أنّها حاولتْ فيها أنْ تكتبَ سيرتَها الذّاتيّةَ

إلاّ أنّها سقطتْ في مستنقعِ النّسيانِ

واستبدَلتْها بأخرى عنِ الحربِ

تضحكُ ملءَ خيبتِها وتنهرُني حينَ أنوّهُ لها

أنّنا لا نُتقنُ سوى الانكسارِ

تفاجئُني حينَ تقولُ: لنْ أكُفَّ عنِ الحُلُمِ

حتّى إن أصبحَ كابوساً

أُحبُّ جرأتَها وأحاديثَها التي لا تنتهي

عنْ زوجاتٍ يُنظّفنَ قلوبَ أزواجهنّ منْ آثارِ نساءٍ أخرياتٍ

بماءِ الكلورِ

تضحكُ، تبكي، فينسكبُ دمعُها في كأسِ موتِنا 

تُحدّثُني عنِ الفكرِ الثّوريّ الذي مافتئَ يُردّدُهُ على مسامِعِها

عاشقٌ منْ زمنٍ مضى، مُكتنزٌ بالنّظرياتِ والمَقولاتِ

يهتزُّ كرشُهُ كُلّما حاولَ أنْ يُقنعَها بثوابتهِ

وهي تُحكِمُ سُدادةَ رفضِها على عنقِهِ؛ فيتحوّلُ إلى حشرةٍ 

في زجاجةٍ

في آخرِ قصيدةٍ لنا سَويّاً، مَشيْنا إلى حتفِنا ونحنُ ننفثُ

لفائفَ تبغٍ مِنْ بقايا وطنٍ

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*