( جازٌ ) ورصاصٌ : شعر : عبد الله سرمد الجميل – شاعر من العراق

عبد الله سرمد الجميل

 

ضوءٌ يُباغتُ ماءً ثمّ ينفلِتُ    

من قبضةِ الموجِ والرّؤيا مشتَّتَةُ

نامُوا قروناً وحينَ الحُلْمُ زارَهُمُ

شدُّوا عيونَهُمُ بالشّمسِ والتفتُوا

لِصَحْوِهِم، للنّداءِ المُرِّ ثُمَّ نَمَتْ

من أبجديةِ ريحٍ صَرْصَرٍ لغةُ

هُمُ المُروجُ وأصداءُ الكهوفِ فإِنْ

جفَّتْ بيادِرُهم، من روحِهم نبتُوا

وحينَ يقعُدُ كرديٌّ على جبلٍ

تُحِسُّ أنَّ جميعَ الأرضِ آمِنَةُ

وحينَ يعزِفُ ناياتِ الغروبِ شَجَاً

تكادُ تخرجُ من آهاتِهِ الرّئةُ

غيمٌ حديدٌ وشُبَّاكٌ يُخبِّرُنا

ما لو حكَتْهُ لصارَتْ فحمةً شفةُ

بابٌ يتيمٌ، بناءٌ مُجهَضٌ، ولدٌ

يعدو من الموتِ لا تعدو بهِ الكرةُ

من بعدِ ما أكلوا عشباً وأرغفةً

منَ الخيالِ وموتاً ما لهُ صفةُ

تقاذفَتْهم حِرابُ النّاسِ ألسنةً

وأرذلُ النّاسِ مَنْ عن عُهْرِهم سكتُوا

صِرْنا نُفاخِرُ بالموتِ الذي رقصَتْ

غرقى مراكبُنا فيهِ ولا جهةُ

تقولُ طائفةٌ: ألفٌ لنا رحلُوا

ترُدُّ أخرى: ومليونٌ لنا خفَتُوا

ينسَونَ قاتلَهمُ، يُهدونَ جثَّتَهم

أيضاً لقاتلِهم، أعمارُهم هِبَةُ

ويُدخِلونَ غريباً بيتَهم علناً

ويهربونَ وما في مِلَّةٍ ثبَتُوا

كلُّ البيوتِ التي في مَوْصِلِي بُنِيَتْ

ترى المنارةَ منها وهْيَ رائيةُ

الظّلُّ أحدبُ، صيحاتُ الرّضيعِ هنا

كالبحرِ تُطوَى فهل في موجةٍ ثقةُ ؟

وتسألينَ: نُريقُ الشّمسَ؟ قلتُ: أجل

كي نُطلقَ الفجرَ ممّا قيَّدَتْ فئةُ

أحلى طبائعِها كانت إذا برزَتْ

من شرفةِ اللّيلِ والأحياءُ قد صمتُوا

تُريكَ فضّةَ أوقاتٍ مضتْ هدراً

لرُبَّما اختُصِرَتْ في لحظةٍ سَنَةُ

في رقصةِ ( الجازِ ) أدنو حابساً جُمَلي

إنَّ التَّوَرُّدَ في وجْناتِها سِمَةُ     

و ( السكسفونُ ) ضبابٌ فيهِ جاثمةٌ

قاماتُ مَنْ بعيونِ القلبِ قد نُحِتُوا

والقارعاتُ بأكوابِ الحنينِ فمي

والأقربونَ بغيرِ البُعْدِ ما نُعِتُوا

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*