في انْتظارِ الآخِرةِ : شعر: محمّد بوحوش – توزر – تونس

محمّد بوحوش

“أمرُّ  في   شارعِ ” الحَبيبِ” 

أرى  “ابنَ  خَلدونَ” يمْضغُ  الشّمسَ

ويُدثِّرُ  ببرنُسهِ  البرْبريِّ أفكارَهُ  الفزِعةَ

في  انتظارِ  مُرورِ المُشاةِ ،

جاهِزا  لشرْحِ   ألغازِ  عِمرانهِ  البشَريِّ،

ابنُ  خَلدونَ في حديقتهِ مرِحًا

 يفْقأ جيشَ  الفقاقيعِ

وهيَ  تهْجو  الرّبيعَ  البديعَ،

تحقِنُ  حناجرَها  بالدّماءِ المُلوّثةِ

وتطفُو  على الأرصِفة.

أتسمّعُ خطاباتٍ بالمسْرحِ  البَلديِّ

تحرّضُ  الشّعبَ  على  اغتيالِ  التّماثيلِ،

وإزهاق  أرْواحِها الفاجِرة!.

الرّبيعُ يفوحُ  على  العابرينَ،

أرى  كلَّ  شيءٍ أمامِي: 

الأحلامُ  معلّقةٌ  على الشّرُفاتِ السّعيدةِ،

كاتمةٌ  أنفاسَها في انتظارِ عفوٍ رئاسيٍّ،

حديقةُ “ابن  خَلدونَ”  واجِمةٌ  تسرُدُ أحزانَها،

الأشجارُ  في مُظاهَرةٍ حاشِدةٍ مندِّدةٌ بانتهاكِ

ظلالِها وإفراطِ العُمّالِ  في صَقلِ  قاماتِها،

– الحكومةُ ستُحقّقُ  في الأمرِ وتعتَقلُ  بعضَ الأشجارِ

المُولعةِ بالتّحريضِ-

باعةُ  الأزْهارِ يَكنِسونَ الجَمالَ بريشِ النَّعام،

رجالُ المَطافئِ  على أهْبةٍ لإطفاءِ

عواصِفِ  العاطلينَ عنِ الأمَلِ.

الرّيحُ  تُشاغبُ أقْدارَها،

النّهارُ الضّريرُ مُرتبِكٌ وحَزينٌ  

منْ  أكياسِ نُفاياتِ حريّةِ  التّعبيرِ المُلقاةِ  هنَا وهناكَ،

الغيومٌ  مُتكلِّسةٌ  في  السّماءِ القريبةِ

تأبَى  أنْ تمطرَ إلى حينِ  استعادة ِ كرامتِها المُداسةِ،

العصافيرُ  تنوءُ  بأثقالِها فاقِدةٌ  قدْرتَها على الطّيرانِ

جرّاءَ  غلاءِ المَعيشةِ،

النّاسُ  يمرّونَ  فوقَ ظلالِهمِ المنْفوشةِ  على  الأرصفةِ

مُندهشينَ ، كاتمينَ   غيظهُمْ

من  مَجالسِ  الأنْسِ  في “باردو” 

وهيَ  تعلنُ  في  كلِّ  يومٍ  عن  إجراءاتِ تقشّفٍ 

لتحصينِ  قَوانينِ  تقاسُمِ  الغَنيمةِ!.

… الكَراسِي  تُغيّرُ  جُلاّسَها … وتُغيرُ...

……………………………..

كلُّ  شيْءِ على  قلقِ في   شارعِ ” الحبيبِ”

في انتظارِ آخرةٍ جديدَة.

——–

* شارعُ  الحبيبِ: هو  شارِعُ  الحبيب بورقيبة الرّئيسيِّ في قلبِ العاصمةِ  تونس.

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*