خَانَاتُ المَمْلَكَةِ تُقِرُّهَا ثَوْرَةٌ: عبد اللّطيف رعري – شاعر مغربيّ -مونتبوليي – فرنسا

عبد اللّطيف رعري

 

خَانَاتٌ يَقبَعُ ظِّلُهَا فِي خَوَاءٍ

وبالتَّوَالِي تصْطّفُ أخْريَاتٌ

ويقْبعُ بفي ظِّلهِن خَواء ٌآخرُ

فمَا أصْلُ الخَواءِ حِينَ تحْجُبُ المَرَايَا

عَرضَ أكْتافِناَ….

وَمَا عُمْرُ الخَواءِ

حِين تُصفِّقُ الأياَدِي للرِّيحِ

وتهزِمُ تماثيِلَ الرَّمْل بإيماءةٍ شَارِدةٍ

مِن عَجُوزٍ طَالَ زَمَانُه

مِن عُشٍّ تَرهَلَّ سَقفُه وَظَّل رَهِينةً للمَاءِ

مِن كِبْرِياءَ غَلَّفَ المَسْخُ عُرَاه ُ

وتئنُّ مِن حَولنَا شَامَاتُ الفَخْرِ

عَلَّنِي في تَعثُّرِي أدُوسُ بِذرَةً هَاوِيةً

عَلَّني في تمرّدي أخيط للرّيح شهوةً داويةً

علَّنِي فِي جُنونِي أرْتَدِي وَقَارَ الهَارِبَاتِ مِن جَحِيم ِالثَّورَةِ

وأجْعلُ العُيونَ الغَائِرَةَ نَبْعاً للِحُلمِ

وأقُصُّ شَعْرِي لأصَالِحَ المَدَى بثَوبٍ شَفّافٍ

يُقرئُنِي حَقيقَةَ مَنْ أخَلَّ بِوعُودِ الثَّوْرَةِ

يُمَهّدُ لي سُبُلَ البَلاَءِ لِحَرْقِ رَايَةِ الغَدْرِ

فمَا عَافاهُ الليْلُ بَينَنا صارَ خَائِناً

فَلا تسْألُوا المَرَايَا انْكِسَارَهَا

 ولَا الطُيورَ شُجُونَهَا

وَلاَ تَتـيَمَّنُوا  بهُرُوبَ الغُزَاةِ ومَكْرِها

ولاَ تَمُدُّوا حِبَالَكُم لِظهْر الجَبلِ

فَالَأسَدُ يَزْأرُ نَائِماً

…..نعَم ْالأسَدُ يَحْلُمُ وَاقِفاً لِيُدَاعِبَ حَمَامَةً

وأمُّهُ غَمَامَةٌ فِي ثغْرِهَا ندَامَةٌ

فلَا تُقْرئوهَا سَلَامًا….

فَمَا شَأنِي فِي الخَانَاتِ

وَسُلطَتي مَجْبُولَةٌ بِنطَّةِ رُعْبٍ

يَحُدُّها قِصَرُ المَسَافَاتِ

مَا شَأنِي فِي الخَا نَات

وَأُحَادِيّة عِشْقِي تَحُفُنِّي بِالمَوْتِ

كُلّمَا دَنوتُ مِن مُعَسْكَرِ الشَّرِ

بَياضُها لِي ….

سَوَادُهَا لِي ….

وَحَرَكتِي سُكُونٌ…حَتَّى أكُونَ

هِي الخَاناَتُ لِأصْلِها جُنُونٌ

أنا البَيْدَقُ السّاخِرُ مِن الظِّلالِ

أنا الفَارِسُ المَبتُورُ السَاقَينِ

وَعُيُونِي تَثرقَّبُ وَردَةً تَدَلَّى عَبقُهَا فِي حصْنٍ عاج

أنا العَاهِلُ  المَخْلُوعُ مِن سَرَايَا الحُبِّ

شَبِيهٌ بالجِبالِ فِي وَغَى الجِدالِ

أتيَمّنُ ٍ لأمِيرَاتِ الهَوى فِي صَفَحَاتِ الأرْصِفَةِ

 عَلى ضِفَافِ العَتْمَةِ

فِي اعْتِصَارِي بِالقُبُلاتِ حَتّى يَمُرَّ الفَجْرُ

وَيسْتفيقَ النّهرُ مِن غَفوَةِ المَتاهَةِ

 أهيِّئُ مَمْلَكتِي لِنُشُوبِ الحَرْبِ

أخَلّدُ المِتْرَاسَ والبُندقِيةَ لصَحْرَاءِ القَلبِ

أرْمِي أعْدَائِي بِالجَمْرِ كُلَّمَا سَقَطَتْ وَرْدَةٌ

 وأزفُّ الشّهِيدَ خَبَرَ الأَزَلِ رَوْضَةً

 مَملكَتي خَاتَمٌ شِعْرِيٌّ يَدُورُ  في أفْلاكِ السّمَاءِ

 سَقَطَ لَامعاً على صَدْرِ مَوجَة تتَسلّى بعُذرِيّتِهَا

 فَغارَتْ مِنهَا حُورياتُ البحرِ

وشَرّدَتْها النّوارِسُ

مَملكتِي أقْلاَمٌ وَمَصَابيِحُ

 وَصَلاحِيتِي فِي الحُلمِ حتّى العِشْقِ

طُقُوسُها غَرَابَةٌ بِيَد مَجْنُونٍ

 يُسيُّرها كَمَا تَشَاءُ الغَرابَةُ

وَالعِزَّةُ اليومَ للِحَكْيِ وَالإنْشَادِ…..

صَاحبةُ السُّمُو فِي جَلاَلِها تنْتظِرُ مِنّي رِحْلَة فِي جَسَدٍ مُتعَبٍ

لا تَكْفيِهَا رُقعَةُ العَرشِِ بِخَاناتِها

لا يَكفِيهَا الخَوَاءُ كُلُّهُ

لا يَكْفيها تَسَكُعِّي بَحْثاً عَن المَجْهُولِ

لا يَكْفيهَا الضَّياعُ

خَدمُهَا شِدادٌ مُدَجَّجُون

بالرَّقصِ

بِالصُّولِ

بالإدْمَانِ

أنْ أرُشَّ زَوَايَا القَصْرِِ بِمَاءِ الذهَبِ

لتِسْتحِمَّ بِلغْزِ الإنْفِرَادِ

وَتَمُربَّ هَادِئةً كَالبَياَضِ

ان أرصّعَ جُنُونِي بِزَعْفَرَانِ الرُّبى

وأَمْلأ خَواتِمِي السَّبْعَ باللُبَّانِ

أنْ أرْتِق خَبايَا العُقْمِ بالحَرِيرِ

 فَمَن قَالَ إنّه الحَجَرُ؟

أخْبِرُهُ أنَّهُ هَشٌ بَينَ أضْرَاسِي وَلاَ ضَرَرَ

وصَدَأُ الأقْفَالِ النُّحَاسِيّةِ دُهْنٌ فِي مَعْصَمِي وَإنْ فتَرَ

وَفِي زِنْزَانتِي تنمُو القَصيدَةُ   

وَالعُنوانُ شَرَرٌ

وَتتزَيَّنُ أطْيافِي بِوابِلٍ من مَطَرٍ

وآثَارُ الفَجِيعَةِ أغْسِلُها ببُعْدِ نَظَرٍ

وأمْضِي سُلطُانًا عَارِيًا فِي جَدَاولِ السَّهْوِ

وَأضُمُّ الجِبالَ حتّى مُرْسَاهَا

وأبِيحُ للسَّوَاقِي السّيرَ في مَجْرَاهَا

وأتْلُو القَصَائِدَ جَمِيعَهَا لِفَجْرٍ قَادِمٍ

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*