في مُتحف الحياة الرّومنسيّة بباريس : محمّد صالح بن عمر

H0027-L17581489

الرّسّام الهولانديّ آري شفّر 1795 – 1858 Ary Sheffer

1002889-George_Sand

الرّوائيّة جورج صوند(George Sand)

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

في غرفة نوم الرّوائيّة جورج صوند(George Sand)

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

في ساحة مُتحف الحياة الرّومنسيّة بباريس

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

في مدخل مُتحف الحياة الرّومنسيّة بباريس

 

باريس في 21 مارس 2016

لقد أذهلني حين وصلت إلى حيّ بيقال (Pigalle) بباريس ألاّ أجد أحدا من أصحاب الدّكاكين يعرف مُتحف الحياة الرّومنسيّة أو حتّى يسمع به .ومع ذلك فالعنوان الذي عندي لهذه المؤسّسة – وقد فتحت أبوابها لأوّل مرّة سنة  1987  – صحيح.وقد احتاج الأمر إلى أن يمرّ بقربي مصادفةً شيخ تجاوز في ما يبدو الثّمانين ليرشدني إلى الطّريق التي عليّ أن أسلكها لأصل إلى مبتغاي .وهو ما قد يفسّر بأنّ الرّومنسيّة عند كثير من النّاس ممّن أخذوا بفكرة ” التّجاوز” الضّبابيّة لم تكن سوى تيّار عابر أزاحته الواقعيّة في النّصف الثّاني من القرن التّاسع عشر وحلّت محلّه نهائيّا ثمّ أزاحت الواقعيّةَ السّرياليّةُ وهلمّ جرّا.

في الحقيقة أنّ المبادئ الرّئيسة التي قامت عليها الرّومنسيّة لا سّيما تصوير جموح “الأنا”والتّغنّي بالطّبيعة وجاذبيّة  كلّ ما هو أجنبيّ بعيد والحنين إلى الماضي وخاصّة إلى الطّفولة، لم تغب عن الفنّ والأدب العالميّين منذ عدة قرون.

ففي هذا البيت الشّهير لامرئ القيس على سبيل المثال- وقد عاش في شبه الجزيرة العربيّة منذ قرابة السّبعة عشر قرنا :

وليلٍ كموجِ البحرِ أرخى سدولَهُ

عليَّ بأنواعِ الهمومِ ليبتلي

تعترضنا ثلاثة عناصر أغراضيّة رومنسيّة هي : الوحدة والكآبة وإسقاط  حالة الشّاعر النّفسيّة على الطّبيعة.وليس هذا سوى مثال مرّ بخاطرنا عَرَضا ، لأنّ الشّعر القديم والشّعر المعاصر يعجّان بالنّصوص من هذا القبيل .ولا يكون  ثمّة أيّ غرابة لو ثبت أنّ النّزعة الرّومنسيّة ولاديّة جبلّيّة في الإنسان .وهو ما قد يبرهن على صحّته علماء الجينات في يوم من الأيّام باكتشاف جين تصدر عنه.

ولهذا السّبب فإن تخصيص مٌتحف كامل للرّومنسيّة فكرة نيّرة .وهو الذي أثار فضولنا لزيارته .

كانت البناية التي تحتضن هذا المتحف محلّ إقامة الرّسّام الهولانديّ آري شفّر (1795  – 1858 Ary Sheffer) حيث كان يستقبل جلّ وجوه الفنّ والأدب البارزة في عصره ،منهم الرّسّام دي لاكروا  (  Delacroix)والموسيقيّون  شوبان (Chopin) وروسّيني (Rossini)  وليسزت(Liszt) وقونود(Gounod) والكتّاب جورج صوند(George Sand) وتورقنياف (Tourgueniev)  وديكنز(Dickens)، محوّلا إيّاها هكذا إلى صالون ثقافيّ.

يشتمل المتحف على مجموعة مختارة رائقة من الرّسوم والمنحوتات وغيرها من التّحف الفنّيّة.على أنّ الذي يلفت الانتباه بوجه خاصّ هو قاعة خصّصت في الطّابق الأوّل لصور وتماثيل نصفيّة  لنساء بارزات عرفهنّ الرّسّام عن قرب في محيطه وأخرى هيئت  على منوال غرفة نوم الرّوائيّة جورج صوند.

لكنّ التقاط الصّور مع الأسف محجّر تماما  داخل المتحف . و هو ما أرغمنا على أخذ بعض الصّور في ساحته  ومدخله الخارجيّ.

ألا أنّ هذا المتحف من المعالم الثّقافية البالغة الأهميّة. فلا مندوحة عن زيارته لكلّ  من يفد على عاصمة الأنوار من عشّاق  المُنْتَجات الثّقافيّة الرّاقية.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*