حالِكٌ ( Obscur ): شعر: ليديا شابار-داليكس – شاعرة فرنسيّة – فيلاردي لان – فرنسا

149482_10200200096620044_1578179498_n

ليديا شابار داليكس – شاعرة فرنسيّة –فيلاردي لان- فرنسا

stock-photo-20871664-discovering-a-cave

في أعماقِ الهوّةِ
لا أرى شيئًا البتّةَ
ما أعذبَ المُنْحدَرَ حيثُ يسيلُ الأملُ
وحيث تنسِفُ الوعورةُ هنا وهناكَ
ما تبقّى من شكوكٍ
فوقَ الظلامِ الدّامسِ
مازالتْ تمتدُّ منخفضاتٌ
تنسلِخُ عليها قلوبُ شَحَاريرَ ساهيةٍ
تعبُرُ في غفلةٍ أسفلتَنَا
فتُسُحَقُ سَحْقًا.
طُرقُنا تلوِّثُها غدرانٌ قانيةٌ
وريشٌ أسودُ أضحى حطامًا
أتلبّسُ بالكهفِ ،
أتحوّلُ إلى هابطةٍ* طويلةٍ مدوَّرةٍ
أغنيةُ الرّاعيةِ الصّغيرةِ* ترسُخُ
على جناحيْ مالكِ الحزينِ
الرّاعيةِ الصّغيرةِ : أغنية فرنسيّة تراثيّة.
أغنيتي – وقد هدّها التّعبُ –
لم تعدْ تقوى على الحركةِ
فتنطفئُ شمعةً خرساءَ

 

*الهابطة : راسب كلسيّ متحجّر في سقوف المغاور.
*الرّاعيةِ الصّغيرةِ : أغنية فرنسيّة تراثيّة.

 

تعليق محّمد صالح بن عمر:

هذه قصيدة تزخر بالرّموز النّمطيّة.وهي تتّصل في معظمها بالمفهوم الأساسِ المُعلَن في العنوان :”حالكٌ” الذي يشير إلى ما يجده المرء من صعوبة في رؤية الواقع الخارجيّ أو أعماق الذّات أو كليهما معا  عندما يضيع نقاطَ الاستدلال.وأوّل رمز تذكره الشّاعرة هو “الهوّة” التي تتناغم جيّدا مع هذا المفهوم من جهة ما تنطوي عليه من عمقٍ مذهل وغياب تامّ للرّؤية ، فضلا عمّا للهوّة من دلالة خصوصيّة لا يختلف فيها اثنان : وهي الإحساس بالعدم الذي يبتلع كلّ معنى للحياة ويعطي الفرد انطباعا بأنّ كلَّ أفعاله تذهب أدراج الرّياح. على أنّ هذا التّفسير ، على الرّغم ممّا يحظى به من إجماع ، إنّه لا ينطبق على الحالة التي نحن بصددها ، لكون عمليّة النّزول إلى الهوّة لا تتّخذ هنا شكل السّقوط وإنّما ضربا من الانزلاق الممتع على منحدَر.وهذا الإحساس قد يُفسَّر بالجاذبيّة إلى الأسفل التي نظّر لها فرويد( Freud) والتي تجعل الكائن البشريّ يستطيب العودة على جناح اللاوعي إلى التّراب أي إلى المادّة التي خلق منها.
وهناك رمز آخر لا يقلّ إدهاشا. وهو “الكهف”الذي يقابل ” الهوّة” من حيث شكله الأفقيّ والذي دلالته، على العكس، إيجابيّة .وهي حماية الكائن البشريّ من الأخطار الخارجيّة.وهذا ما يُماهي بينه وبين رحم الأمّ حيث ينعم الجنين بالأمان قبل الدّفع به إلى العالم الخارجي المليء أشواكا وعراقيل مثّلتها الشّاعرة بالصّورة الدّمويّة للشّحارير المسحوقة، المهشّمة.ونتيجة هذه الرّؤية للذّات والآخر والعالم هي هروب إلى الوراء وانكفاء على الذّات ، ذانك اللّذان يصوّرهما جيّدا تشبيه الشاعرة نفسها ب”الهابطة” (أتلبّسُ بالكهفِ ،أتحوّلُ إلى هابطةٍ* طويلةٍ مدوَّرةٍ ).
إنّها قصيدة  من  اللّون النّفسيّ، شديدة الاقتضاب، كثيفة الدّلالات ، تجمع بين عمق المعنى و لطف الأسلوب.
ليديا شابار داليكس:
ليديا شابار داليكس شاعرة فرنسيّة تعرّف نفسها بأنّها”صحافيّة وكاتبة ورَاوِية”.وهي أيضا رحّالة مِقدامة، شديدة التّعلق بشمال إفريقيا .ففي سنة 2011أذهلت الكثيرين بتحوّلها إلى سيدي بوزيد، الموضع الذي انطلقت منه شرارة الثّورة التّونسيّة في الفترة التي بلغت فيها الأحداث الدّامية ذروتها لتجمع المعلومات التي ستستثمرها في تأليف كتابها عن الشّهيد محمّد البوعزيزي .شعرها وإن كان قليلا يلفت الانتباه برشاقة التّقنيات الوصفيّة التي توظّفها فيه وبأسلوبه القائم على الهذيان والموغل في الرّمزيّة.

تعليق واحد

  1. Mohamed Salah Ben Amor

    Afkar Abdallah
    روعة

    Une merveille

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*