أبوابُ الجليدِ : شعر: عبد اللّطيف رعري – شاعر مغربيّ – مونبوليي – فرنسا

2015-06-08

عبد اللّطيف رعري – شاعر مغربيّ – مونبوليي – فرنسا

glacier-1508044

 
تعالتُ شقائقُ النّعمانِ على الرّوابي
ورمتْ بحُمرتِها الجبالَ
صمْتُ المكانِ في زوايا الرّعبِ يعلنُ خيبتَهُ
وللظّهيرةِ لونٌ رماديٌّ مبتلٌّ بشُحِّ السّماءِ
سكتتْ العصافيرُ عن شدوِها
وانتهى رقصُ الإعشابِ للنّهرِ على شجَنٍ….
فقلنا للبحرِ سلامٌ…
وأمهلَنا البدرُ أمانًا…
حتّى ننجو منْ مَغصِ العاصفةِ…
تهادتْ إلى سَلْوانا الأشباحُ
تحملُ أشواكًا على رأسِها..
وأراقتْ من هولِنا لحنًا صدّاحًا
وعانقتْ كسرَ الأقداحِ
فقلنا للبحرِ سلامٌ…
تهاوتْ إلى أعماقِنا زفراتُ الأنينِ
ونقشْنا الحرفَ بدمِنا لزمنِ القراحِ سنينَ
وقلنا للبحرِ سلامٌ…
قوافلُ النّملِ لا تهدأُ عن زحزحةِ الأرضِ
وأسرابُ الغربانِ غطّتْ قبورَ السّماءِ بالعَرْضِ
شاردةً في هجرِها كما هي الأحلامُ
تحفرُ بمناقيرِها قبورًا أخرى للرّحيلِ
وتنبعثُ من جناحيْها رائحةُ يأسٍ ذليلٍ
حين تطيرُ تسقُطُ بِذرةُ قبحٍ تنمو في كفِّ الأثيرِ
وحين تغفو برهةً على أحبالِ الغسيلِ تهدأُ الزّوبعةُ
على اليمينِ…
ويتعرّى تموُّجُ القلبِ أمامَ نُصَبِ العيونِ
لا سلامَ للبحرِ اليومَ وأهلُ الدّيارِ يقتربونَ من المدى
وفوهةُ الخواءِ تلتهُم الخواءَ كلّما أطلَّتِ الرّيحُ غاضبةً
لتجمع العاصفةُ أبناءَها في سلّة المهملاتِ
ما سرَقنا للظلِّ رطوبةَ المكانِ
ولا للشّمسِ لمعانَ الحريقِ
ولا غرسْنا عَوْسجًا داميًا للقمرِ…
فكمينُ العواصفِ تصطادُهُ الأشجارُ
فلا سلامَ للبحرِ حتّى اليومِ
ضاعتْ للوجوهِ نعومتُها
وشاختْ على أعقابِها نزواتُ العراءِ
فتسمّرتْ حركاتُ البحرُ جليدًا
على أعتابِ الانهيارِ
وصارتْ مفاتيحُ الهروبِ بيدِ الشّمسِ
موصَدةٌ هي أبوابُ الجليدِ فمن يفتحُها؟
وخزائنُ أحلامِنا هنا تجمّدتْ..
مَنْ يُطلُّ من شرفةٍ بدأتْ في الذّوبانِ
فثمّةَ أحزانٌ تتدفّقُ وبياضٌ يسرِقُ ضيقَ الأفقِ
من يُسعدُني برقصةٍ على الجليدِ عاريًا
أُمدُّهُ بباقةِ ثلجٍ بيضاءَ ؟
من يُشعلُ فتيلَ العشقِ في صدري
فأصيرَ له سطحَ ماءٍ ليقطعَ المحيطَ؟
من يكشفُ لي مخبأَ مفاتيحِ أبوابِ الجليدِ
فأُسكِنَهُ قبّةً بيضاءَ مفتاحُها الحمقُ
وأُعَلِّمَهُ شروطَ السّطوِ على القمرِ
حين تطغى العاصفةُ؟

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*