رحمة الدّمى..!! : قصّة : بختي ضيف الله (المعتزّبالله) – حاسي بحبح – ولاية الجلفة – الجزائر

_bakhti

بختي ضيف الله (المعتزّبالله) – حاسي بحبح – ولاية الجلفة – الجزائر

stock-photo-15236454-little-girl-and-her-doll

 

تقف عند النّافذة في عيادة طبيب الحي ، ترقب حركاته ومعاملته القاسية لمرضاه.كأنّه رجل حرب ،أودكتاتور جبّار. تعجبها الدّمية الخشبيّة الجالسة في خزانته بين كتب الطبّ المتراصّة،تبتسم لبسمتها المسبّقة،
كانت جميلة جدّا ،ترتدي مئزرا أبيض ونظّارة ورديّة وعلى رقبتها سمّاعة لقياس النّبض.. وحذاء يبدو أنّه لا يُحدث قرعا من شأنه أن يطرد سِنَةً أو نوما عن سقيم .. يزعجه طول وقوفها ومراقبتها لما يفعل وبسمتُها لدميته التي تكاد تفقه ما تريد وممّا تتألم.. !
يأمر الممرّض بطرها عدّة مرات لكنّها تعود في كلّ مرّة لتعيد لقطتها بعناية شديدة كأنّها خبيرة تمثيل .يسألها عمّا تريد لكنّها لا تجيبه رغم أنَ على صفحة وجهها الجميل أسئلة حائرة.

في غفلة منهما، وبعد خلوّ العيادة من المرضى تسلّلت إليها وأخذت الدّمية وهربت ، لكنّهما التحقا بها وطرقا بابها ودخلا ليجدا الطّفلة وأختها المعاقة وأمّهما ميّتة على حصير والدّمية عند رأسها وبلباسها الرّسميّ.. !

قالت (المعاقة) – وقد أجهشت بالبكاء :

– أمّي ماتت بعد ألم شديد ، كانت تعاني من مرض خَطِرٍ لا نعرفه..يا طبيب الحيّ.. لماذا لم تأت لتكشف عنها ..لماذا؟ !
حاولت الطّفلة إسكاتها بلغة الإشارة ،فهي لم تنطق بكلمة منذ أن ولدت وقد صرف أبوها الكثير على علاجها قبل موته.

بكيا بشدّة وانصرفا صاغرين ،وندما على غفلتهما اللإّنسانيّة في فوضى الحواسّ والتّرف. كان مشهدا مَهِيبا وحزينا يلفّه فقر المكان.

ذيع الخبر في المدينة الغافلة ،تجمّع مراسلو القنوات التَّلْفزيّة المستنسخة ومصوّرها ليأخذوا مشاهد تكون مادّة دسمة لبرامجهم الرّاكدة.
لكنّ الصّغيرة لم تأبه لحركاتهم وابتساماتهم الكاذبة .جمعت دمى صديقاتها الخشبيّة والدّمية الطبيبة لتكون جَنازة أمها مَهِيبة … !ولتسعفها عند نقطة النّهاية.. !

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*