الإسبان اليوم : شعب مثابر ومنظّم : محمّد صالح بن عمر

4399740_7_a249_le-reservoir-de-mequinenza-construit-dans-le_0a7f3eb6395532aa7ddc25d14053e6f2

07

لنعد مرّة أخرى إلى إسبانيا اليوم التي هي ، بكلّ موضوعيّة،مختلفة كلّ الاختلاف عن إسبانيا القرون الوسطى أو حتّى عن التي كانت ترزح تحت حكم الجنرال فرانكو.فالانطباع العامّ الذي يحصل لزائر هذا البلد هو أنّ الشّعب الإسباني شعب مثابر، منظّم،ذو معرفة دقيقة لخصوصيات بلاده. وهو ما أتاح له إمكان الإفادة منها إلى حدّ بعيد وجنّبه خوض التّجارب غير المجدية.وذلك أنّ هذا البلد لمّا كان فلاحيّا في المقام الأوّل ويحتوي على مناطق كثيرة جذّابة ، سواء لجمالها الطّبيعيّ أو لمعالمها التّاريخيّة فقد تركّزت أكثر جهود أهله على الفلاحة والسّياحة.
أمّا الميدان الأوّل فقد أبهرتني فيه الخضرة العارمة التي تغطّي كلّ منطقة عبرتها من الشّمال إلى الجنوب ومن الشّرق إلى الغرب في اتّجاه البرتغال ، إلى حدّ أنّك لا تكاد ترى قطعة أرض مهملة ، سواء في السّهول أو في الجبال التي غُرست كلّها زياتينَ وأشجارا مثمرة ويصلها الماء والكهرباء.ومن ثمّة فلا غرابة في أن تحتلّ إسبانيا، على الرّغم من مناخها نصف الجافّ – وقد تراوحت فيها الحرارة أيّام زيارتي لها بين 45و50 درجة – المرتبة الرّابعة أوروبيّا في الإنتاج الفلاحيّ بعد فرنسا و إيطاليا وألمانيا.وهذا الإنتاج الوافر في ميدان حيويّ كهذا يجعلنا نتصوّر مدى إسهام الفلاحة في الحدّ من البطالة التي تشكو منها في الغالب البلدان القليلة التّصنيع و غير المصنعّة .
طبعا حين أبدي هذه الانطباعات أتمثّل الوضع الاقتصاديّ الصّعب الذي تتخبّط فيه تونس – وقد كانت في مضى ” مطمور روما” – على حين تمتدّ اليوم فيها مساحات شاسعة جدباء أو غير مستغلّة ، كما أنّ الأرياف تتناقص قواها الحيّة يوما بعد يوم لا سيّما من الشّباب.وذلك من جرّاء الصّعوبات التي يجدها أهل الرّيف في توفير لقمة العيش وعدم توفّر الشّغل القارّ بالعدد الكافي والحال أنّ البلاد تتوفّر على كفايات عالية في العلوم الفلاحيّة وتحلية مياه البحر والتّنقيب عن المياه الجوفيّة. فلم لا يتلقّى المتصرّفون في القطاع الفلاحيّ عندنا إذن دروسا عن الإسبان قي هذا الميدان ، ما دام البلدان متشابهين فيه، بدلا من النّغنغة طوال الوقت والتّشكي من ندرة النفط والغاز ،على عكس ما يوجد في البلدين المجاورين : الجزائر وليبيا؟

OLYMPUS DIGITAL CAMERA

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*