قصيدة جديدة للشّاعر التّونسيّ بوجمعة الدّنداني: لابدَّ من مطرٍ غزيرٍ

بوجمعة الدّنداني


لا بأسَ
بعضُ الشّعراتِ النافرةِ
سنسوِّيها
وهذا الأنفُ مائلٌ نحو اليمينِ قليلاً
والابتسامةُ لا تملأُ الوجهَ
هناكَ ظلالٌ لحزنٍ يغطّى جهةَ الشّمالِ
وعندَ الرأس ثُقَبٌ
كالزّيرِ
لطخةٌ بالفرشاةِ نسدّهُ
والقدمانِ تقفانِ على  أرضٍ رخوةٍ
من جهةِ اليمينِ هناكَ ريحٌ قويّةٌ
ورعدٌ وبرقٌ خلّبٌ
ورؤوسٌ تتدافعُ لتظهرَ في المشهدِ
ويدٌ تلوّحُ بالعصا
وثعابينُ تصفّرُ وتختبئُ
أحنتِ الجذعَ قليلاً
كأنه لا يتمالكُ
يمدُّ يديهِ حتى لا يسقطَ فيعثرَ في حجرٍ
فتلقفهُ شجرةٌ
صوتٌ شجيٌّ يخرجُ من اللوحةِ
وإن لم نتبيّنِ الكلماتِ
مخارجُ الحروفِ غيرُ واضحةٍ
العربيةُ لكنةٌ في أفواهِهمْ
والغناءُ بلا طعمٍ

الآنَ

تمرّْسنا على الرّسمِ
وعرفنا السّقطاتِ
والى أين تؤدّي الخطوطُ وكيف تتعرّجُ
والمنحنياتُ كم تخفي من مطبّاتِ
والصراخ العالي كالنباحِ
والبلاد يمكن أن تخونَ
تمشي معك
ولا تمشي معك
وفي أول منعرجٍ أو صرخةٍ أو طلقةٍ
تخدعك

الآن نرسمُ لوحةً جديدةً
وثورة جديدةً
وأغنيةً تبدأ بهبوبِ الريحِ
واضطرابِ البحر، أمواجه ترتفعُ حتّى تغطّيَ الشمسَ
ويسودّ الأفقَ
وتسدّ كل المخارجِ
وتهجم الجموعُ
ونضبطُهم في جحورهم كالفئرانِ
ونعزلهم خشية مرض الطاعونِ
يضاء الكونُ
ونمشي في الأرض أسيادا وسيداتٍ
ونزحف كالماء نطهّر الأماكنَ من الرّطوبةِ
والشّمس من فوقنا تشيّحُ البللَ والروائحَ الكريهةَ
لا فأر يجأرُ
ولا كلب ينبحُ
ولا حمار ينهقُ
و تنتهي فصيلة البوم والوطواط والببّغاءِ
والأرانب المذعورة والأسود المتورّمةِ
وأبطال الرّبع ساعةٍ الأخيرِ

من قوّادينَ وعلوجٍ
وحتى نطمئن نهائيًّا
نصعد لليلِ
على ظهور الخيلِ
ونصرخ فيه وندلكُهُ
فنرطّب جلده الخشنَ
ويذوب سوادُهُ
والسنديانةُ، سنديانةُ جدّي ، نعمّق الحفرةَ
لتمتد جذورها إلى حدود شنقيط َ
وتترامى إلى قاسيونض  وظفارٍ ونجدٍ
وتعانق الأهراماتِ وجبل الأوراسِ
وترتوي من النيل وتشربُ من دجلةَ
وبَرَدَى ونهرِ الأردنِ والشّليفِ
وتعبّ من مجردةَ

مطرٌ غزيرٌ
لا بدَّ من مطرٍ غزيرِ
يجرفُ وجهَ الفأرِ

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*