ندوة دار إشراق للنّشر ومجلّة”مشارف” عن الشّاعر التّونسيّ المرحوم عبد الله مالك القاسمي(5):شعريّة الألم في ديوان ’’هذه الجثّة لي‘‘(1) : عمر حفيّظ

عمر حفيّظ

نروم في هذا العمل النّظرَ في ديوان عبد الله مالك القاسميهذه الجثّة لي للوقوف على سمات الشّعريّة فيه وكيفيّات تشكّلها وحدودها. ولئن كنّا قد ألزمنا أنفسنا باختيار دالّ الألم مدخلا تأويليّا، فإنّ هذا الإلزام لم يكن، في الواقع، إلاّ نتيجة لقراءة ما تواتر في القصائد من اختيارات كتابيّة كثيرة، منها المعاجم المهيمنة، ومنها طرائق التّشكيل والبناء.

والألم ليس إحساسا أو انفعالا بوقائع وأحداث بعينها فقط، وإنّما هو رؤية ذاتيّة للوجود تنشئها عوامل مختلفة ويكيّفها وعي حادّ بالمأسويّ أو التّراجيديّ في حياة الإنسان. ويكفي أن نشير إلى أنّ الوعي الحادّ بالموت يمكن أن يكون مدخلا إلى ’’ شعريّة الألم‘‘ باعتباره شرطا إنسانيّا يفصح عن تذاوت فريد بين الإنسان والأشياء والعالم.

لذلك نقول ببساطة ، قد تكون مخلّة، إنّ الألم هو الإنسانُ. وبصرف النّظر عن الأسباب الذّاتيّة والموضوعيّة للألم، فإنّ الصّلة المعقودة بينه وبين الإنسان يمكن أن تجعله مولّدا من مولّدات الكتابة باعتبارها تخييلا للمرجعيّ، إذ لا تخييل دون مرجع ولا كتابة مقطوعة الصّلات عن سياقاتها إنشاء وتلقّيا.

كتابة الألم:

وإذا جاز لنا هذا أمكننا أن نشير إلى أنّ ما يسم ديوان ’’هذه الجثّة لي‘‘ هو انفتاحه على سياقات كتابته من خلال السّيريّ والعلامات الدّالة عليه، وتوثيق الصّلة بالمرجعيّ مخيَّلا بدرجات متفاوتة، كذلك.

وقد لفتتنا فيه ظاهرتان: الأولى هي حضور السّيريّ في قصائد كثيرة من خلال أسماء أعلامٍ ( هاجر، مالك، زياد، ريم، عبد الله…) وأمكنةٍ ( سيراس، حيّ البساتين، اتّحاد الكتّاب التّونسيّين…) للشّاعر صلاتٌ وثيقة بها. أمّا الظّاهرة الثّانية فهي تعاودُ دوّال متعاوضةٍ متعالقةٍ يمكن أن نجزم أنّ المعنى الذي يستقطبها كلَّها هو معنى الألم. فالغياب والرّحيل والموت والرّماد والحزن والجرح والجوع، والفجيعة، والجثّة، والدّم، والرّصاص، والخديعة، والتّيه … يمكن أن تكون مداخل كبرى لتأسيس ’’ شعريّةَ الألم‘‘.

وكتابة الألم في هذا الدّيوان يوجّهها وعي بالمأسويّة. والقصائد كلّها أو أغلبها على الأقلّ ينتظمها تداخل المعيش الواقعيّ والسّيريّ لعبد الله مالك القاسمي، لذلك اخترنا أن نختزل معنى الألم في بعدين اثنين. الأوّل هو علاقة الشّاعر بالموت. أمّا الثاني فهو علاقة الشّاعر بالمكان.

الشّاعر –الموت:

إذا كانت تعوزنا تفاصيل سيريّة كثيرة لوصل القصيدة بالمرجعيّ وتشعّباته الكثيرة، فإنّ بعض العناوين تفصح عن شذرات من صميم المعيش المثقل بالألم. فـ’’هاجر‘‘ وهي بنت الشّاعر مخصوصة بقصيدتين تحملان العنوان نفسه ’’ إلى هاجر1‘‘ و ’’ إلى هاجر2‘‘.

وهذا العنوان- الإهداء ينفتح على فجيعة في حياة الشّاعر وهي فجيعة الموت وما يتعلّق بها من رغبة في نفي الواقع، وفي استحضار الغائب في آن معا. والقصيدتان الأولى والثّانية على قصرهما تكثّفان حالات التّشظّي والتّمزّق وتستحضران دالّين متواشجين. هما: دالّ الجسد، ودالّ الموت. يقول في القصيدة الأولى:

                               إلى هاجر1

“ها  جسدي

اشتَعلي في ظلمتي

توهّجي في بردتي…

وفي دمي

أنتِ طفولتي

كتابُ الحلم المنفتح الآن على غدي

فمن يقرؤني

هاك دمي

فلتكتبي

ــــــــ …

(جفّ دمي)

هاك رماد الجسد”

لسنا نحتاج إلى اجتهاد لإثبات الصّلة بين ذات منذورة للغياب والموت، وهي ’’هاجر‘‘ بنت الشّاعر، وذات أخرى مسكونة بالفجيعة إلى حدّ أنّها بدت ذاهلة عن كينونتها ومثولها في العالم. وإذا كان المثول في العالم مثولا جسديّا يتشكّل على أنحاء مختلفة، فإنّ جسد الأنا المتلفّظ قدا غدا رمادا (هاك رماد الجسد) نتيجة لوعي الشّاعر باستحالة المعاوضة. وهذه الاستحالة هي التي حوّلت الدّم إلى حبر لكتابة الألم ( هاك دمي، فلتكتبي) وليست الكتابة بالدّم إلاّ كتابة وجع استعصى على اللّغة قولُه. ولعلّنا لا نشطّ في التّأويل إذا قلنا إنّ موتَ ’’هاجر-البنت‘‘ الحادثَ الطّارئَ كان موتًا دائما بالنّسبة إلى الشّاعر. وربّما أمكننا أن نفهم في هذا السّياق اختيار العنوان ’’هذه الجثّة لي‘‘. فمادّة ’’جثث‘‘ تدور على معاني: القطع والفصل والاجتثات. و’’الجثّة‘‘ هي الجسد الذي انطفأت فيه الحياة. فغياب ’’هاجر‘‘ سيغيّر رؤية الشّاعر لذاته وللعالم من حوله.

وفي القصيدة الثّانية يضيق الفضاء (القفص) ويتكرّر معنى الاجتثاث (المقصّ) ويحضر البياض(السّرير الأبيض)  لونا موحيا بالغياب وبالموت.

إلى هاجر2

“للمرّة الواحدة

يستسلم العصفور للقفص

للمرّة الواحدة

تستسلم الوردة للمقص

وأنتِ…

يا بنيّتي

كم مرّة تستسلمين للسّرير الأبيض،

للمرض الشّرس.

لا ترحلي

لا ترحلي

انتظريني عند باب الحلم

قد ينحني الموت

أمام

زهرة القرنفل”

يبدو التّخييل أضعفَ، في هذه القصيدة، منه في القصيدة السّابقة. فالخطاب مباشر والدّلالات طافية على السّطح. لكنّ تكرار الفعل (استسلم) وتركيب النّداء معزّزا بالتّصغير ( يا بنيّتي) وتركيب النّهي (لا ترحلي) يغرينا بالحديث عن استشعار الفقد، وما يمكن أن يترتّب عليه من ألم لا ينقطع. فانتظار الموت قد يكون أفظع وأشّد ترويعا وإيلاما من حدث الموت ذاته. والدّعوة إلى الانتظار ( انتظريني عند باب الحلم) تفصح عن هزيمة أمام الموت. ولعلّ هذا ما جعل الشّاعر يلوذ بالحلم مدخلا إلى العدول بالموت عن طبيعته الغاشمة ( قد ينحي الموتُ أمام زهرة القرنفل)

إنّ ’’هاجر‘‘ التي خصّها الشّاعر بقصيدتين في هذا الدّيوان غدت جرحا منفتحا على سياقات غير السّياقات الذّاتيّة وأحداثا أخرى ولّدت صورا كثيرة يجمعها دالّ الألم. ففي قصيدة ’’ نزفُّ الغيوم إلى النّهر‘‘ التي كتبها الشّاعر سنة 1990 كما هو مثبت في الدّيوان، بدت ’’هاجر‘‘ استعارة لمكان بعينه هو ’’العراق‘‘. وهذا الوصل بين ’’هاجر‘‘ و’’العراق‘‘ يجعل الألم متعاودا، ومعنى الموت قائما ثابتا بل لعلّه يؤكّد أنّ أيّ ألم حادث أو طارئ يذكّر الشّاعر بألمه الذّاتيّ وأنّ ’’هاجر‘‘ قد غدت ذاكرة ألم وشجن تحتضن وجعَ الآخر وتُخَيِّلُهُ:

“لماذا الرّمال لهيب

وهذا الخليج حطبْ

لماذا السّيوف، الخناجر

لماذا العربْ

(…)

يحاصرني الرّمل، أمشي

… و’’هاجر‘‘

بين الرّمال تقلّب جمرتها

وظمأى…

تهزّ الشّواطئ جزرا ومدْ

و’’ هاجر‘‘ فوق الضّفاف

بلا خيمة أو وتدْ”

إنّ تواتر الاستفهام والإثبات والنّفي، وحضور معنى ’’الموت‘‘ من خلال مفرداته المتعدّدة، وظهور الاسم العلم ’’هاجر‘‘ يجعل الصّور، في هذا المقتطع، أصواتَ ذاتٍ متشظّيةٍ بين الكينونة والعدم، بين الوجع الجماعيّ والفجيعة الذّاتيّة، بين تذكّرِ موتٍ وانتظار آخرَ:

“لماذا حمامٌ يطير

لماذا فضاءٌ رصاص

لماذا دم البحر فوق الرّمال يُراقْ

لماذا قرنفلةٌ للعدوّ

رماحٌ لكلّ الرّفاق

لماذا العراقْ”

إنّ تكرارَ الاستفهام متعلّقا بمعجم الموت ( رصاص، دم يُراق، العدوّ، رماح ) لا يعكس حيرة إزاء ما حدث أو يحدث، بل إنّه يفصح عن توتّر ذات مسكونة بوجع قديم تُذكيه أوجاعُ الآخرين وتضاعفه.

وإذا كنّا قد وصلنا الألم بالموت والحرب في ما تقدّم، فالواقع أنّ للألم بواعثَ أخرى لها صلات وثيقة باليوميّ. فقصائدُ ومقاطعُ كثيرة أدارها الشّاعر على شذراتٍ من معيشه اليوميّ الذي لم يخل من المعاناة في وجوه المتعدّدة، منها ما يتعلّق بمهنته الفعليّة وما فيها من إكراهات، ومنها ما تشهده العلاقات الاجتماعيّة من ضيق أحيانا:

“هذا أنتَ…

في موتك السّابع والثّلاثين

(…)

تضحك للآخرين

وتبكي حين تكون وحيدًا

(…)

هذا أنتَ…

بدرّاجتك النّاريّة

ترحل في الصّيف وفي الشّتاء

من عذاب لعذاب

(…)

 هذا أنتَ

لا أحد يعرف أنّ ’’هاجر‘‘ التي …

وأنّ ’’زياد‘‘ و’’ريم‘‘ و’’مالك‘‘ ينتظرون وقتا

للّعب

ولا يلعبون

وقتا للياغورط والشّكلاطة

ولا يأكلون

وقتا للتّلفزة والفيديو ولا…

وقتا للماء ولا…”

إنّ التّخييل في الدّرجة الصّفر، لكنّه لا يخلو على كلّ حال من البوح والشّكوى. فكأنّ الشّاعر بات عاجزا عن العدول بالكلام إلى حيّز الاستعاريّ أو التّخييليّ. وكأنّما هو راغب في كتابة اليوميّ وتفاصيله كما هي احتجاجا على هوان الواقع وفظاعته:

“يا ’’تونس‘‘ أيّتها العجوز

لماذا أنتِ عابسة كيوم الشّتاء؟”

إنّ استحضار ’’ تونس‘‘ ضرب من الاحتجاج على سلطة أضعفت الرّغبة في الحياة بما ضاعفت من آلام ذاتيّة وجماعيّة:

“آه يا مدينة ’’التّضامن‘‘

ويا حيّ البساتين

يا فقراء الحيّ استيقظوا!”

يحيل الخطاب على المرجعيّ على نحو واضح وصريح. ويعلن الشّاعر تمرّده. وما من شكّ في أنّ هذا التّمرّد لم يكن إلاّ تعبيرا عن معاناة واقعيّة تعدّد أسبابها واختلفت وجوهها.

الشّاعر- المكان:

المكان ذاكرةٌ، وعلاقة الإنسان به علاقة انفعاليّة. والانفعال ليس إحساسا فقط، وإنّما هو كيفيّة من كيفيّات الإدراك من خلال تذويت العلاقة بين المدرِك (الإنسان) والمُدرَكِ. وعلاقة عبد الله مالك القاسمي بالمكان (الكاف، وخاصّة والسّرس مسقط رأسه) مسكونة بحنين طفوليّ آسر. فالذّات في قصيدة ’’سيراس‘‘ تعيد بناء المكان على نحو يتداخل فيه الأسطوريّ والتّاريخيّ والسّيريّ، وتفصح عن ألم دفين ظلّ يرفد الذّاكرة ويرسم مساراتها المتشعّبة، وهي تؤالف بين صور متباعدة.

إنّ ’’سيراس‘‘ Cérès الأسطوريّة –بما يتعلّق بها من دلالات الخصوبة والحياة لمغالبة الموت والفناء-هي التي وهبت الذّات معنى كينونتها لذلك كان البعد عنها فقدًا وحنينا لا ينقطع إلى زمن لن يعود. فكأنّ البعد المكانيّ ضرب من ضروب الموت والاجتثات.

“إنّي هنا حجرٌ ينبت

عشبٌ يتكسّر

خطوة تسيح على الرّصيف

قطّ يموء في الشّوارع آخر المساء

مدنٌ تنكرني

مدنٌ لا لون يصبغها

ظلّي يخاتلني

والأصدقاء”

إنّ الدّال المكانيّ (هنا) ينتظم الزّمان والمكان، ويبئّر حالات الذّات المتعدّدة: فـالـ (هنا) مدنٌ تنكر أو مدنٌ لا لون لها. وليس النّكران أو غياب اللّون إلاّ مدخلين إلى الرّفض الذّاتيّ لواقع مثقل بالشّجن والأسى. والـ(هنا) يحوّل الذّات إلى حجرٍ (عديم الإحساس ) وعشبٍ يتكسّر( يموت فتدوسه الأقدام ) وخطوةٍ تسيح على الرّصيف( التّيه والذّهول) وقطٍّ يموء ( التّشرّد والضّياع ) والظلَّ إلى مخاتل (ظلّي يخاتلني) والأصدقاءَ إلى مخادعين( استشعار الخيبة والإحساس بالفراغ ).

ونحن نحسب أنّ هذه الحالات التي يمكن أن يجمعها دالّ الألم ليست إلاّ تعبيرا عن الإحساس باليُتم والفجيعة في سياق حاضر بغيض لم تتخفّف الذّات من وطأته إلاّ باستذكار الماضي بما له من قدرة على الثّبات أمام سلطة الزّمن وتحوّلاته، خاصّة إذا كان على صلة بالسّيريّ:

 

-نهر الطّفولة يصّاعد في الذّاكرة

الأغنيات التي حفظتها في صباي

تلك المنازل في الرّيف تناديني

“وتلك المراتع التي رسمت خطاي

غبار الثّنايا قد تعلّق بي

رائحة الشّيح والزّعتر قد عبقت في جسدي

بيتنا الصّغير يجثو على ضفّة ’’تاسا‘‘

ـــــــــــ

جرس المدرسة الابتدائيّة/

اللّقلق الحزين فوق المحطّة/

القطار يمرّ”

إنّ وظيفة هذه الشّذرات السّيريّة، في ما نتصوّر، هي التّخفيف من وجع المكان –الهنا الذي ارتبطت به معاني الوحدة والفجيعة والمعاناة والبكاء والموت. فـ’’سيراس‘‘ الآلهة -الأسطوريّة هي التي سيلوذ بها الشّاعر ليستعيد الطّفولة الآفلة:

“سيراس

ها أنا العاشق الواحد

أوّل من يأتيك مندلعا في اللّحظة الهاربة

يسبقني طائر الحبّ إليك

إليك يرحل الفجر نهرا من ضياء

تنهض الحقول من جدبها

سنابل… تغزل الشّمس ضفائرها

القمح تاج… وشارة

وأنت إلهة

ونحن العبيد”

إنّ الذّات هي الخيط النّاظم لهذه المقاطع. وهي ذات منكسرة. وقد تضاعفت انكساراتُها بما شهده المكان (سيراس) من تحوّلات محت صوره القديمة وتركته منذورا للوحدة والفراغ بل الموت. وما من شكّ في أنّ تلك التّحوّلات تضاعف الألم لأنّها تهدّد الذّات بفقدان ذاكرتها المكانيّة:

“سيراس …

هل أنتِ (…)

أم أنتِ التي نُهبتْ

يا امرأة وَهَنتْ

جوعي ولا تأكلي

فلا رغيف لأطفالك في السّوق

ولا كساء

لقد هوّمت مساربُ في الحقول

سنابل لا تلد

رائحة الدّفلى

’’ تاسة‘‘ يبكي الفصول

سيراس قاتلتي

كيف تنامين

والوقت يتيم… يتيم

قومي …

فهذا الخرابُ قد يليق بقدّاس عظيم؟!”

إنّ بناء الخطاب بأساليب متنوّعة ( الاستفهام، النّداء، النّهي، النّفي، الأمر) يشي بأنّ الشّاعر يعقد علاقة متعدّدة الأبعاد بالمكان. فـ’’سيراس‘‘ بالنّسبة إليه أزمنةٌ متراكبةٌ وحالاتٌ من الحلم والألم مختلفةٌ. فمعاني النّهب (أنتِ التي نُهبت) والوهن( يا امرأة وهنت) والعُقم( سنابل لا تلد) واليُتم (الوقت يتيم) والخراب( هذا الخراب) تتضافر كلّها لتجعل الألم دالاّ ثابتا وميسما لافتا تُجليه صور متعدّدة.

خاتمة:

لقد حاولنا أن نستجلي صور الألم في ديوان ’’هذه الجثّة لي‘‘ في حدود ما كان للقصائد من طاقة على ذلك، وسعينا إلى وصل تلك الصّور بسياقاتها، وحرصنا على أن ننصت قدر الإمكان إلى طرائق البناء   والتّشكيل. ولئن كانت تلك الطّرائق مختلفة متفاوتة من حيث طاقة التّخييل فيها، فإنّ المشترك بينها هو التّعبير عن الألم. ويمكننا أن نثبت في النّهاية أنّ قصيدة عبد الله مالك القاسمي كثيرا ما ترتدّ إلى الماضي، تعيد بناء صوره وتحوّلاته، وتتأمّل الحاضر بما له من قوّة تستبدّ بذات منكسرة. والثّابت أنّ أسباب الانكسار كثيرة، منها الفرديّ الذّاتيّ، ومنها إكراهات الواقع في أبعاده المتعدّدة.

1- هذه الجثّة لي، الدّار التّونسيّة للنّشر،تونس 1999

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*