ندوة دار إشراق للنّشر ومجلّة”مشارف” عن الشّاعر التّونسيّ المرحوم عبد الله مالك القاسمي(3): قراءة في ديوان حالات الرّجل الغائم لعبد اللّه مالك القاسمي : منّوبية بن غذاهم

 

يحتوي ديوان حالات الرّجل الغائم لعبد اللّه مالك القاسمي على ستّ مجموعات شعريّة، كتبت بين عامي 1993- 1999 وصدر في طبعته الأولى  عن المكتبة المتوسّطية  التّابعة  لجمعيّة الكتاب بتازركة في ديسمبر 1999.

انتهج الشّاعر في هذا الدّيوان خطّا تصاعديّا بدأ بوصف حالات المعاناة فالخلق والولادة ثمّ الارتقاء والتّسامي لينتهي إلى الجمود، واصفا مختلف حالاته النّفسيّة  في أثناء كتابته للقصائد التي أودعها في  ديوانه ،مستبطنا تجارب شعراء وفنّانين يشاركونه التّوجّه والهموم.

جمع الشّاعر في هذا الدّيوان بين أسلوب القصيدة التّقليديّة  القائم على نظام الأبيات وأسلوب القصيدة الحديثة  الذي يعتمد الأسطر الشّعريّة.

1- المحتوى :

يتألّف الدّيوان من  جزأين : جزء مداره على تجربة الشّاعر الذّاتيّة وجزء خصّصه لتجربة  الفنّانين والتّجربة المشتركة.

1-1:تجربة الشّاعر الذّاتيّة :

التّجربة الأولى هي رحلة القاسمي الشّاعر مع فنّ الشّعر. وهي تتميز بالسّير في خطّ تصاعديّ ،ينطلق من وصف المعاناة التي عاشها لأجل  إنشاء القصيدة  الحاملة للكلمة الهادفة ، تلك التي تمكّنه من تغيير الواقع ، إلاّ أنّ بلوغ هذه الغاية يحتاج إلى  جهاد ومعاناة .وهو ما جعله  يخصّص مجموعته الأولى لتصوير هذه المرحلة  التي تتوزّع إلى مرحلتين فرعيّتين :  مرحلة ما قبل الخلق والولادة ومرحلة الولادة، مراوحا  بين زمنين اثنين : الماضي بتوظيف “كان” و”قبل”والاسترسال في الماضي باستعمال “كان  متبوعة بصيغة المضارع مع تكرار الظّرف “قبل”، ومستخدما الطّباق (بين الكلمات) والمقابلة (بين المعاني)  في الجمع بين ثنائيّة الاتّصال/والانفصال ، الاتّصال بين أنا الشّاعر وأنا الإنسان” كنّا ” فإذا هما ينصهران في ذات واحدة  لكونهما عاشا معا ونموا معا حتّى لكأنّ الأنا الإنسان أمّ حبلى تعسر ولادتها ” كنّا قبل حرائقنا“(1)، “كنّا قبل قصائدنا“(2) ، إلاّ أنّ هذه المعاناة تتّسم بالتّمزّق بين الأمل واليأس – وهو ما يظهر مثلا  في استعماله  التّشبيه التّمثيلي ، كما في قوله :”كنّا شجرا ينمو في الطرقات“(3) في مقابل “كنّا شجنا يصحو في الكلمات“(4) –  وبين الحياة والموت – وهو ما يلوح  في مقابلته بين “ينمو” في مقابل “كم مات الشّاعر مشنوقا“(5) وبين النّور والظّلمة  في قوله “مؤتلقا وجه العتمة“(6).

هكذا يعبّر الشاعر عن معاناته  قبل لحظة الانفراج التي  جاءت هنا  فجئيّة وتلقائية .وهو ما أضفى على أسلوبه  في سرد الأحداث التي يعيشها الإنسان الفنّان طابعا قصصيّا.

وبقدر ماكانت مرحلة ما قبل الولادة بل الخلق عسيرة بدا حدث الخلق خاطفا (يومض البرق)(7)، بكلّ ما يحمله من رموز دينيّة  ومن  معاني النور الذي ينبثق عنه.  إنّ لحظة الكشف لحظة البدء: بدء حياة جديدة  بها يتجاوز الشّاعر الموت .ف” كم مات الشّاعر مشنوقا بحبال الكلمة” .

وقد جاء الإيقاع  في المرحلة الأولى من القصيدة حزينا  ومتناغما مع الصّور الّتي صمّمها الشّاعر باستخدام الاستعارة ، كما في قوله : “ كم مات الشّاعر مشنوقا بحبال الكلمة ”  و ثنائيات الظلمة /والعتمة  والألم/والأمل .وأبرز عنصر إيقاعيّ  وظّفه هنا لهذا الغرض هو السّجع ، كما نرى  بين الكلمات التّالية “حرائقنا وقصائدنا” /و “الطّرقات والكلمات”  /و”ينوح ومذبوح” /و”الكلمه والعتمه“. وممّا يلاحظ  الوقوف المتعمّد على السّكون ربّما للإيحاء بالتأوّه والتّوجّع ، فضلا  عن الجناس اللاّفت  في العبارتين التّاليتين “الكلمه والعتمه”  و”الكلام والظلام“.

فالشّاعر في هذه المرحلة  إنّما  يتماهى ، في حقيقة الأمر، مع عمق الأزمة التي  يعيشها.لكنّ هذه المرحلة تطوى لتحلّ محلّها مرحلة  مناقضة لها تماما ، بداية من قول الشّاعر : ” يومض البرق ” وفيها يتّخذ من الشّعر أداة يتجاوز بها عتمة الوجود. وهو ما  نراه جلّيا في قوله “ديك ينقر مصباح الفجر وينوح“(8) وقوله “نجم في الشّرفة مذبوح“(9).وفي هذا دلالة على بداية النّهار وبداية الحياة.

ولمّا كانت القصيدة تعبّر عن ذات تتألّم فقد كان للتّكرار التّركيبيّ نصيب في تعميق النّفس الحزين .وذلك في قول الشّاعر:”كنّا شجرا ينمو في الطّرقات / كنّا شجنا يصحو في الكلمات” .وكذلك شأن المعجم :” الشّجن، ينوحُ، العتمة، الظّلام، مذبوح “.

فالشّعر أداة الفّنان بها يتجاوز المناطق المعتّمة من الوجود وبها يؤسّس عالمه البديل، خاصّة إذا كانت الكلمة هادفة. وهو ما نجد له صدى  في قصيدته “ارتباك”(10) الواردة في مجموعته “اشتعالات”(11)، عندما جمع بين المرئيّ واللاّمرئيّ  وبين مختلف الحواسّ وجعل اللاّملموس ملموسا واللاّممكن ممكنا،  مستعينا في ذلك بالاستعارة .فشخّص الياسمين  في قوله: “احمرّ وجه الياسمين ” و”اختضّ عشب في السّماء“. إنّه عالم خياليّ بل إنّه العالم الّذي صاغه الشّاعر شعرا لنكتشف قدرته على خلق عالم مخصوص، إلاّ أنّ هذا العالم يبقى سرابا “.وهذا ما فصح عنه في قوله:  “توهّمت أنّك وردي وأقاحي، وأنّك فجر لهذا الصّباح“(12).

المجموعة الثّانية ليست إلاّ فصلا يلخّص مسيرة الفنّان   منفصلا عن الإنسان بل لعلّهما يحترقان فينصهران ليعودا في شكل جديد ، كما يشير إليه الشّاعر في هذا القول: ” لمّا أفقت وصرت نبيّا وطفلا“(13). إنّها بداية جديدة كبداية طائر العنقاء اّلذي كلّما احترق انبعث من جديد.

وكلّ من القاسمي الإنسان والقاسمي الشّاعر يحترق ،ليستفيقا معا في ثوب النّبيّ .وكم يبدو الشّاعر متساميا من استعماله هذا الجناس الاشتقاقيّ :” نبوءة ونبيّ”  ومن التّرديد التّركيبيّ الذي فصل به  بين الإنسان والنّبي في قوله :” ولمّا أفقت وصرت نبيّا وطفلا“. إنّ هذا التّرديد يوحي بسعادة الشّاعر لتحوّله من إنسان عاديّ إلى إنسان مختار، من إنسان لامسؤول إلى إنسان مسؤول، بل إلى إنسان  أقرب إلى العالم العلويّ، عالم المثل والطّهارة والكمال. والفاصل بين المرحلتين هو فعل “أضاع ” الذي خصّ به الذّاكرة وحلم السّنين وأراجيح الأعوام الأربعين.

فالمرحلة الأولى هي مرحلة الإنسان اللّاواعي والمرحلة الثّانية هي مرحلة الفعل الحقيقي.

وفي هذا استلهام من الرّومنطيقيّين الّذين يعتبرون أنفسهم أنبياء وأصحاب رسالة بل إنّهم حسب جبران خليل جبران ” ظلّ الإلاه”.

لهذا يحتفي القاسمي بهذا التّحوّل ويتغنّى به مستخدما التّرديد التّركيبيّ الذي سبق ذكره ومتّبعا النّسق السّريع  في المقطع الأوّل من القصيدة  في مقابل المقطع الثّاني الذي تتوفّر فيه أفعال المكابدة والإصرار.وليس ذلك للتّعويض بل للذّوبان لأجل بلوغ الهدف وهو إنشاء القصيدة .وقد وظّف لهذا الغرض الجمل الفعليّة والحاليّة و التّشبيه في قوله: “مشيت إليك أحثّ الخطى مثلما شجر راحل نحو بيت الحريق“(14). فالقصيدة والاحتراق في القصيدة إنّما يقصد به  أن تكون حاملة لرسالة وأن تكون هادفة، تعبّر عن أزمة الفنّان بل عن أزمة المثّقف عامّة .

والملاحظ أنّه صوّر هذا  المشهد باستخدام جملة فعليّة حاليّة ومن الفعلين اللّذين  اختارهما في قوله  “مشيتُ أحثُّ الخطى ” .فجاء بحكم التّشبيه التّمثيليّ  الذي شبّه بمقتضاه  صورته وهو يحثّ الخطى بصورة “شجر راحل نحو الاحتراق” مشهدا شبيها بمشهد الصّوفيينحين الذين يسعون  إلى الاحتراق والحلول في ذات الإله باعتبارهما غاية غاياتهم . إنّها رحلة الحلاّج  بشطحاته الصّوفيّة  وما فيها من عذابات ورحلة أبي هريرة، في نصّ المسعدي، وما فيها من مشاقّ.

وفي كلّ مرّة يفاجئنا الشّاعر بفكرة لم نكن ننتظرها. ففي قصيدته “رجل غائم”(15) نجده ينبعث من جديد ليبني عالمه الشّعريّ ويواصل رحلته مع  هذا الفنّ. فالقصيدة تبدأ من حيث تنتهي السّابقة. وما بين الاحتراق والبعث “تلفّه العظام”   .وذلك كناية عن موت مؤقّت، بل غفوة هي لحظة الحلم. وتتميّز هذه القصيدة بكثافة المعاني الثّواني فالغفوة في المعجم الدّيني تحيلنا على الجهل وفي اللّسان العربيّ تحيلنا على الموت المؤقّت .والحلم في علم النّفس هو الهروب من الواقع وهو تعويض عن الموجود.  وهو     يحيلنا في الموروث الثّقافيّ العربيّ على مفهوم الأمل كما يحيلنا على المستحيل.

أمّا مصطلح الغمام فإنّه يحيلنا اصطلاحا على انعدام وضوح الرّؤية و في الوقت نفسه على السّحاب الذي ينذر بالمطر والمطر ماء وحياة وخصوبة وعطاء. ونفاجأ في هذه القصيدة بتحوّل في الضّمائر. فضمير “هو” يحلّ محلّ ضمير “أنا” لنجد عبد الله القاسمي ينفصل من جديد عن الشّاعر ويصبح مجرّد ناقل لما يعيشه الشّاعر بعد أن بُعِث فيستقي صورته من صورة البعث في الدّيانات وخاصّة منها الدّين الإسلاميّ .وذلك في قوله:”عاريا تلُفّه العظام” وقوله: “يدفع نحو الزّحام” تعبيرا منه عن استمراريّة الرّحلة والمعاناة.

في هذه القصيدة تقابل بين مشهدين : مشهد الرّجل الذي ينهض  ومشهد الطّبيعة التي لا تنهض. فالبعث للإنسان وليس للطّبيعة أي على وجه التّحديد هنا الإنسان الشّاعر ليعود إلى واقعه وحقيقته فيجد العالم الذي ينشده نقيضا للعالم الموجود.

ومن ناحية أخرى  تألّفت هذه القصيدة  من مقطعين متفاوتين من حيث الطّول ، يتكوّن أوّلهما من خمسة اسطر يتكرّر فيها الفعل “ينهض” مرّة إيجابا ومرة نفيا ، إيحاء بالتّقابل بين الحلم والحقيقة، بين الموت والحياة، بين الفعل واللاّ فعل .أمّا الإطار المكانيّ فهو الحديقة بعناصرها ومعانيها الجماليّة والحضاريّة .وهو يوحي للقارئ بحلم الشّاعر ورغبته في تغيير واقعه الذي نجد صداه في المقطع الثّاني.وهو مقطع يتألّف من تسعة أسطر ويبدأ ب “مازال يمشي” للدّلالة على التّعب والمعاناة وطول الرّحلة. وفي هذا السّياق يكثّف من استعمال الصّفات و الأحوال  في قوله: “مبعثر الخطوات، وحيدا، ثملا، عاريا، مسلوب الإرادة، يدفعه للزّحام“. فيعبّر عن غربة الشّاعر الذي يظلّ مصرّا على تجاوز الجدب ليحلّ في عالم الشّعراء والشّعر ويبني عالما مثاليّا خصبا جميلا يتخطّى به العالم بل الواقع العربيّ المؤلم.

وتنتهي رحلة الشّاعر بحالة من التحجّر. فلا الكلمة قادرة على تغيير الواقع ولا الإصرار يجعله ينجح في مسعاه. ففي قصيدة ” اللّقلق الحجريّ”(16) يرسم ما يعيشه من ألم ،مستحضرا ما يربطه بالحجر من دلالات رمزيّة وموظّفا صورة التّمثال الحجريّ الذي يجّسد ثلاثة لقالق في حالة تأهّب للطّيران فيعود إلى العلاقة القديمة التي كانت بينهما ليوحي إلى  القارئ بأسباب فقدان كليهما (تمثال الطّيور والشّاعر) القدرة على الغناء والحركة لتصبح تجربتهما مجرّد وميض برق في المدى. وتتميّز القصيدة بقلّة الأفعال في مقابل كثرة الصّفات (مكبّلا  ، منطفئا ، ناشجا ،  خافقا …) مسقطا فيها صورته على صورة اللّقلق، كما تتميّز بكثرة الأماكن المغلقة ( البار ، محطّة القطار ، سماء مغلقة ، الحجر …). وهكذا فتجربة الشّاعر هنا شبيهة بتجربة طائر اللّقلق وهي تجربة مأسويّة إذ ينتهي الحال باللّقلق الّذي كان يحلّق في الفضاء حرّا طربا للحياة ودفئها فإذا هو يتحوّل إلى مجرّد تمثال حجريّ .فيتّخذه الشّاعر رمزا لوضعه .ذلك أنّ الشّاعر خلق ليحلّق بعيدا بكلمته الحرّة فيرسم حياة أرادها رغم الحزن الوجوديّ الذي عاشه ورغم معاناته ورغم احتراقه إلاّ أنّ الواقع جعل منه تمثالا حجريّا مكبّلا غير قادر على قول الشّعر .ولعلّه بذلك يشير إلى وضع الفنّان في المجتمعات العربيّة حيث تصادر الكلمة و يحبط  المبدع عامة.

1 – 2: التّجربة المشتركة :

وبذلك يكون عبد الله مالك القاسمي قد صوّر رحلته مع الشّعر، هذه الرّحلة التي تنطلق من معاناة المريد لتنتهي بمعاناة المثقّف في مجتمع عربيّ مكبّل بقانون مصادرة الكلمة فيجد ملاذه في التّغنّي بالفنّ بمختلف ألوانه شعرا ورسما وغناء ، انطلاقا من تجربته وتجارب غيره من الفنّانين. ونجد ذلك جليّا في قصائد “صليحة” و”خالد النّجّار” و”اشتعالات” وغيرها.

فقصيدة “صليحة”(17)، غنائيّة .وفيها احتفاء بالصّوت .لذلك يسند الشّاعر إلى  الصّوت صورا استمدّها من عوالم الخمرة والماء والطّبيعة ( معتّق ، رقراق ، ينسكب ، يطفو ،يعلو ) .ومن صورة النّار (اللّهب) .وهي عناصر الحياة والفلسفة الوجوديّة. فيصبح الفنّ ذا بعد وجوديّ، إذ الصّوت قادر على تجاوز الزّمن .فهو رغم موت الشّاعر والفنّان يخترق الموت ويتحدّاه ليحقّق الخلود.

وتتميّز القصيدة بنسق سريع   متأتّ  من نظام الأسطر القصيرة .فكأنّ الشّاعر يعتمد الصّوت احتفالا بالحياة فتصبح  القصيدة نشيد الخلود.

وكذلك الشّأن في قصيدتي “خالد النّجّار” (18)و”كتاب البربر”(19) من مجموعته “ألوان” (20). ففي الأولى يرثي الرّسام  فتتكرّر الجمل الاسميّة المنفيّة “لا امرأة لا ريح لا مطر” جاعلا بذلك  الصورة خواء وجفافا انتفت فيهما مظاهر الحياة .ولعلّ هذه القصيدة ثورة على الموت وعلى غربة الفنّان حيّا وميّتا. أمّا الثّانية فقد أكّد فيها على مصطلحات الموت “حجارة قبر منسيّ” ،كما كرّر عبارة “أقصى الصّحراء”  للتّعبير عن ثورته  على لا مبالاة الآخر به، هذا الأخر لا  يشعر بقيمة الفنّ والشّعر. ويتحوّل اللّوم والعتاب إلى لحن رثائيّ، رثاء الذّات لأنّ الشّعر عنده هو ذاته ووجوده.وفي هذا يقول :  ” أين تمائم أمّي ، أين دواتي أين (…) وألواني الصّمغية ، من سيعيد لهذا الجمر مواقده “. ومن ثمّة  يتحوّل الشّاعر من الحديث عن تجربة الأنا إلى تجربة الفنّان، إلى الحديث عن تجربة الإنسان.

1 – 3:المرأة :

في مجموعة “اشتعالات”، وتحديدا  في هذه القصائد: ( عيناك(21)- ذلك البرق(22)– حرائق المطر القديم(23)– أحبّيني(24) ) يتكرّر ضمير المخاطب  المفرد المؤنّث  “أنتِ” وتصوّر المرأة تصويرا رمزيّا.

ففي قصيدة  “ذلك البرق” تتماهى صورة القصيدة وصورة المرأة  للإعلان عن فراغ في ذات الشّاعر أحدثه غياب كلّ من المرأة والقصيدة لاتسام وجود كلّ منهما بالسّرعة الخاطفة .وكذلك شأن غيابهما. فبرحيلهما تنتفي الحياة وتتحوّل إلى مجرّد ذكرى .وقد التجأ للدّلالة على ذلك إلى استحضار ثنائيّة الموت /والحياة والغياب /والبقاء ملحا في إبراز مواجهة الموت باستحالة النّسيان .وذلك في قوله: ” إثرها ، ليس من غد أو شروق” في مقابل:

    “برقها الّذي ، ذات يوم

   قد أضا

  لم يزل هنا، في عروقي “

لقد اتّخذ من المرأة رمزا ليؤكّد أنّ الكلمة كالمرأة تماما ، إذ تشتركان في الخصب والولادة والحياة  والوجود. وهنا  نلاحظ قدرة  الشّاعر على تحويل المجرّد إلى ملموس .ذلك أنّ الإيحاء  هو أساس القصيدة كما أنّ المرأة أساس الحياة والوجود.

أمّا قصيدتا ” آخر الاشتعالات” و”أحبّيني ” فتعترضنا فيهما ثورة على الكلمة وتجاوزا  للممنوع والمحظور.وقد   استلهم الشّاعر هذا التجاوز في ما يبدو  من  نزار قبّاني . ففي القصيدتين حديث عن الحبّ والمرأة   ويغلب عليهما الخطاب المباشر الماثل في ضمير “أنتِ ” وفي تكرار الفعل “أحبّيني”  ثلاث مرّات. وفيه طلب للحبّ ودعوة  إليه يكشفان عن وجود فراغ في الذّات  من جرّاء غياب الحبّ والمرأ ة .وفي هذا يقول  :” أنا ليل بلا امرأة ولا شرفات”   محيلا إيّانا بالتّقابل بين النّور والظلمة  وبين عالم الشاعر المظلم وعالم الوجود الحيّ النّيّر على مفهومي الظّلمة واليأس في مقابل حياة الكون.

ويمكن أن نشير إلى أنّ هذا الإلحاح في الطّلب بتكرار صيغة الأمر ” أحبّيني ” ما هو إلاّ شكوى من الفراغ العاطفيّ والفقدان والجمود ( أنا ليل) في مقابل ما ورد في القسم الأوّل من القصيدة الّذي استعمل فيه أفعالا في صيغة المضارع  تدلّ على الحركة والمستقبل (ستأتي الرّيح ، وتأتي في المساء … يأتي البحر …)، كما كثّف استعمال معجمي الطّبيعة والكون المتحرّك النّيّر الذي تمتزج فيه الألوان ( الرّيح، البحر، الصّدفات…) الضّوء الظّلمة والحركة والسّكون

إنّ ثنائية الضّوء /والظّلمة  والحركة /والسّكون تدلّ على تمزّق الذّات وصراعها مع الحاضر وعلى عدم الرّضا عن وضع الذّات. إنّ الشّاعر يعيش مأساة الإنسان بلا حبّ أي بلا حياة ،إلاّ أنّه  في قوله”سيأتي” يبقى أمله في الغد موجودا بل لعلّه يستشرف بذلك حياة أفضل بل واقعا أفضل، هو الواقع المنشود الّذي من أجله تكبّد المعاناة ومن أجله بذل الكلمة والقصيدة ومن أجله كان شاعرا .

في مجموعة “ألوان” يجد عبد الله القاسمي متنفّسا يلتجئ إليه ليتحدّث عن قيمة الفنّ والفنّان  قصد تخليدهما فيصف الفنّانين وقدرتهم على الخلق والإبداع ويعتبر الفنّ ضوءا، بل نورا قادرا على خلق الجمال والكمال وخلق وجود رائع بديع .وذلك في قوله: ” أفلاك  في يده تتجلّى أنوارا وضلالا”(25) وقوله : “أفراس تركض في الماء ولا تبتل  ” وقوله: “ألوان في بهجتها ترعى أو في معراج الصّورة تنحلّ”. وقوله في قصيدة ” إلى الأمين ساسي”(26) (في المرايا  ذائبا قمر يسيح). أمّا في قصيدة  “ابتسام لويز تيراز”(27) فيكفينا هذا البيت لنكتشف القدرة الخارقة الّتي يتمتّع بها الفنّان لإنشاء عالم جميل  يكون بديلا  عن عالم الواقع. إنّها الرّؤيا الّتي يتميّز بها الفنّان عن غيره.وفي هذا يقول :

” تغزل صوف حكايتها

وترى اللوحة مزهرة في الكفّ “

(شعر وتصاوير على ورقات ذابلة من شجر الكالبتوس) هذه القصيدة الّتي ينهيها بقوله ” لكنّ حبال يديها الصّوتية مازالت تترقرق بين يدي”.

يمتلك الشاعر هذه القدرة على جعل الملموس مجرّدا والمجرّد ملموسا .وما الرّسّم إلاّ صوت الفنّان به يعبّر عن ذاته وغربته ووحدته ليصنع عالم الكمال الذي يتوق اليه ، عالما فيه الحياة بديلا عن الواقع الّذي لا حياة فيه ولا لذّة.

فالفنّان يتحدّى الموت وبصنع الحياة  وهو الدور الذي تؤدّيه الأصوات ،كما نكتشفه  في قصيدة “خزف الأصوات”(28). فالقصيدة حركة وحياة وحرّيّة وحبّ وثورة .وهذا ماثل في جمع الشّاعر بين أنواع مختلفة من أصوات الطّبيعة “شجن القصب / عويل الأحجار” ” خلف الحجب الزرقاء / أفلاك تبتهج / افراس تضبح / ووعول تخبط ورد البستان”. فكلّ هذا  من فعل الصّوت .فالكلمة ليست معجما فحسب، بل هي أصوات تعبّر عن ذات الشّاعر الثّائر الصّاخب المريد المحبّ  حتّى لكأنّ الأصوات في قصائده  تتكلّم فتحاكي ذاته.

ولأنّ الشّعر كما يقول الشّابّي “نُفاثة صدري”، فالشّعر عند القاسمي ليس تصنّعا بل هو حديث الرّوح . وللتّأكد من ذلك يكفي أن نتمعّن في قصيدته “نشوة الحواسّ”(29)  التي يشخّص فيها حواسّه ويجعلها تنتشي بل يجعلها مجنونة الإحساس ويجعل شعره خمرة تجري صلب العروق. وكذلك شأن لغته(30)  التي هي كائن سحري ّ خارق قادر على إتيان العجيب ، كما في قوله: ” تمشي على سطح المياه”، “من الغيم تسوّي دربها”، ” تسكن الموج”، “تحضن النّجم القصيّ”. بل هي تتحرّك صعودا ونزولا، تتحدّى المستحيل .وفي هذا المعنى يقول : “تحضن النّجم القصيّ المنفرد وتضمّ الورد في فستانها” ولا يقف تغنّيه بها عند هذا الحدّ، بل يرتقي بها ويسمو ليجعلها كالصومعة في طيبها ويجعلها كائنا سماويّا يرى ما لا يرى ويجعلها عصيّة عن الآخر. وللّغة القدرة على التّأثير في القارئ .ففعلها  يضاهي فعل الخمرة،  بل إنّ الخمرة  نفسها تشتهي أقداحها. وقد تمكّن من هذا بتوظيف الاستعارة و استعمال أفعال في صيغة المضارع  من شأنها أن تجعل اللّغة فاعلة.

ويجمع في هذه القصيدة بين المعجم القديم والمعجم الحديث فيجعل اللّغة متجذّرة في الحضارة الإنسانيّة. وما تغنّي الشّاعر باللّغة وقدرتها على فعل العجيب إلاّ افتخار بذاته  وقدراته على الكتابة وقول الشّعر .وهاهو في قصيدته “بيت الأقواس”(31) المكوّنة من بيتين اثنين  يصرّح بالمعنى نفسه في اختزال شديد :

إنّي أنا الطّير المغرّد هاهنا

ريشي بنى بيتا من الأقواس

قبس النجوم ، إذا رأيت ضياءه

هو بعض من سنا أقباسي

يلتجئ  الشّاعر هنا إلى نظام البيت ليختزل تجربته الفنّيّة بل قدرته على قول الشّعر، متعاليا بنفسه حتّى لكأنّه مصدر النّور وما قبس النّجوم إلاّ انعكاس لنوره .

2 – البنى الدلالية في الديوان:

يتميّز شعر عبد الله مالك القاسمي في ديوان حالات الرجل الغائم بوفرة  الثّنائيات صلب  القصيدة الواحدة وبين القصائد(32) :

2 -1:ثنائيّة الاتّصال والانفصال:

في القصيدة الواحدة يتعدّد  المتكلّم .فهو مرّة إنسان منفصل عن الشّاعر، فيكتفي بوصف معاناة الشّاعر ومرّة يتحدّث عن معاناته باعتباره حاملا للشّاعر يعيش ألم الولادة والمخاض ثمّ يصبح هو الشّاعر فينسى الإنسان فيه ليتحدّث عن دوره في الحياة. فهو نبيّ يحمل رسالة بها يرنو  إلى تغيير الواقع فيلقى ما يلقى من الشّقاء فيتحمّله بصدر رحب.وفي هذا يقول :  ” مشيت إليك أحثّ الخطى“.

وفي بعض قصائده يجعل الشّاعر مستقلاّ عنه ثمّ سرعان ما يعود ليتصّل به فينصهر أحدهما في الآخر. وإذا به يستعمل  ضمير نحن في قوله: ” يداهمنافيناأصابعنا “. أمّا في قصيدة “اللّقلق الحجريّ” فقد جاء الانفصال كلّيّا ليصبح الأنا مستقلاّ تماما.لذلك يتوخّى أسلوب الخطاب حينا

وأسلوب السّرد حينا آخرليتحدّث عن الآخر، أي عن الهو  متعدّدا .فإذا هو مرّة فنّان ومرّة صوتا ومرّة لغة ومرّة امرأة. ويستقلّ الأنا ليصبح واصفا لمعاناته النّاتجة عن علاقته بالآخر وعن علاقته بالشّعر والقصيدة.

2 -2: ثنا ئيّة الماضي والحاضر:

في قوله: “ما قبل الحرائق” أي ما قبل الولادة وما بعدها،  استخدم النّاسخ الفعليّ “كنّا” مع المضارع الدّالّ على استرسال الفعل في الزمن الماضي في قوله:  “كم كان يرىكنّا شجرا ينمو“، في مقابل المضارع الدّال على الحاضر في قوله : “فجأة يومض البرق” ، كما استعمل مركّبا ظرفيّا في قوله : ” لمّا أفقت وصرت نبيّا ” .وذلك  في مقابل مركّبات حالية “مشيت أحثّ الخطى  – ينهض مبلّلا  – مازال يمشي في الممرّ المترب“،  موحيا بسرعة التحوّل الذي طرأ على ذاته مقابل صعوبة تحقيق أهدافه.

ومما يلاحظ هنا أيضا كثافة التّراكيب الفعليّة في مقابل قلّة التّراكب الاسميّة .وهو ما  قد يدلّ على أنّ الشّاعر مريد متحرّك ومتحوّل وفاعل لأجل تغيير واقعه.

2 – 3: ثنائية الأمل /والألم:

تلوح هذه الثنائية من خلال المعجم المستخدم ( ينمو – يصحو –أفقت – صرت – مشيت- الحلم – الغمام – نرسم – الوردة – الطّفولة – الأفق – الأغنيات  – المزامير – البرق –النّور- مترقرق – الياسمين  -الكرم – العشب – الصّباح … ) في مقابل (الشّجن – مشنوقا ينوح – مذبوح – النّشيج – يعضّ …)

2 -4: ثنائيّة السّكون والحركة:

نجد هذه الثنائيّة  في الجمع بين الصّفات والأفعال : “ينهض-لا ينهض”، “نما”، “ينهض”، “أفقت”، “يترقرق”، “نمضي”، “نرسم” =/=  “تنطفئ” “في كرسي” ، “مشيت أحثّ الخطى” =/= “مكبّل، يغرق  في زحمة الحجر”، “اللّيل منسدل” ،”حجارة قبر منسيّ” ، “ملقى على الأرض” ، “تسكن الموج”  =/= “يطفو – يعلو، تأتي الرّيح – يأتي البحر”…

2 – 5:ثنائيّة الظّلمة والنّور:

تلوح لنا هذه الثّنائيّة في الألفاظ التّالية:

العتمة – الظّلام – المغيب – اللّيل الأخير – الغيمة – الغمام – المساء -القفر –المعراج…

مصباح الفجر – شمس – النّجم – الحريق – اللّهب – موائد الأقمار – أنوار- ظلال – أفلاك – الضّوء – اللّهب المصفّى – متنزّه الضّوء – الضّياء – القبس…

2 – 6: ثنائيّة القديم والحديث:

نجد القديم  في  الإحالة على الرّسل والدّيانات والأسطورة و الاستلهام من الشّعر القديم  ومن صور المريدن والمتصوّفين وفي نظام الأبيات وفي  استحضار الأطلال ،سواء باستخدام ألفاظ تدلّ عليها أو ذكر شخصيّات وأحداث نحو : الرّسوم والإبل والصّحراء ( قصيدة موشّح وعبد الوهّاب البيّاتي ) -استحضار أجناس أدبيّة تراثيّة نحو “المقامات” – “الموشّح” وفي الاستلهام من النّواسيّات، واستحضار الأمكنة نحو : أرض يباب (عراق) – شيراز – الخيمة – الجدب – الصّحراء.

أمّا الجديد فماثل في : نظام الأسطر واستعمال  ألفاظ متداولة نحو : (الطّريق – الحديقة – البيت) وفي  استحضار شخصيّات دمن العصر الحديث  و الاستلهام من نصوص الشّعراء الرّومنطيقيّين (جبران، الشّابي…)وشعر نزار قبّاني.

2 – 7:المعاجم المستعملة في هذا الدّيوان:

معجم التّصوّف : الاحتراق ” مريدون صحائفهم بين أياديهم”، ” الخرقة”، ” الحكمة ” “صحائف ”

المعجم الدّينيّ: نبيّ – النّبوّة – الأعوام الأربعون – مبعثر الخطى –الوحدة – تلفّه العظام – الملاك – المعراج – البدء – التّكوين – الطّين – التّراب – كتاب .

معجم الغربة : تكرار عبارة غريب – وحيد، غربة…

معجم الطّبيعة : الورد – الياسمين – النّعناع – النّجوم – السّماء – البحر – الأشجار – الصّحراء  – الطّير…

2 – 8:خصائص الصّورة الشّعرية في هذا الدّيوان:

يتميّز شعر عبد الله مالك القاسمي في هذا الدّيوان بكثافة البديع والبيان .ومردّ ذلك إلى أنّه يصوغ صورته بتوظيف التّشابيه والاستعارة. والملاحظ  هنا أنّ أكثر أنواع التّشابيه  التي يستعملها هي التّشبيه البليغ والتّشبيه التّمثيليّ، موظّفا إيّاهما  في  جعل اللّا معقول معقولا، كما في قوله:   “صوت نما  بين الأصابع والشّذىاختضّ عشب في السّما “. وهو ما مكّنه من تصوّر عالم مخصوص شاده شعرا لينتصر به على سماجة الواقع وما يولّده في نفسه من إحساس بالغربة. وقد تمكّن بفضل الاستعارة من  توظيف الرّموز منها صورة اللّقلق الذي فقد حريّته في أقواله التالية : “رأيته مكبّلا وفي المفترق“، “الحديد يسكن الجناح“، “سماء مغلقة“، “سنوات العمر في موقدها تنطفئ“، “غريبين متكئين على نجمة مطفأة“.والحاصل منها أنّ اللّقلق في هذه الحال أشبه ما يكون بالشّاعر المحروم من حرّيّة التّعبير.

فمن بداية الدّيوان  إلى آخره يتكثّف الحلول في الذّوات وفي الأزمنة ، تلك التي يهرب إليها الشّاعر .وفي ذلك إيحاء بأنّ وضعيّة المثقّف العربيّ واحدة لم تتغيّر. وتتجّسد هذه الوضعيّة  في ما هو عليه من اغتراب وتهميش وكبت يسعى إلى الخلاص منها بالإفراج عن كلمته المصادرة دون المغامرة بخوض تجربة المواجهة .

ومن جهة أخرى نلاحظ  في هذا الدّيوان كثرة الشّكوى  مع الاستكانة وكذلك التوظيف الرّمزيّ  لتجارب بعض الشّعراء والأساطير كأسطورتي العنقاء أو الفينيكس وقصص الأنبياء والمتصوّفة لبيان  أنّ قضيّة الشّاعر في علاقته بالوجود ليست قضيّة فرديّة. وذلك بحكم  أنّ الإنسان ،كما جاء في أسطورة سيزيف ، دائم المحاولة إلاّ أنّه يرتدّ في النّهاية حسيرا. وهو المعنى نفسه الذي  وظّف لأجله صورة الأنبياء المصطافين ، أولئك الذين يمتّون بصلة وثيقة إلى العالم العلويّ إلاّ أنّهم ينتهون بعد معاناة قاسية إلى مواجهة كلّ من البشر والموت. وللغرض ذاته التجأ الشّاعر إلى تجارب الصّوفييّن الّذين بلغوا مرحلة الاندماج في الذّات الإلهيّة و تجربة الرّومنطيقيين الّذين جعلوا من كلمتهم رسالة  غايتها إنقاذ النّاس من أدران الواقع وعدّوا أنفسهم “ظلّ إله ” إلاّ أنّهم يواجهون بالجهل واللّامبالاة فيصابون باليأس والإحباط ويثورون على شعوبهم  الرافضة لتغيير الواقع العفن، تلك  الشّعوب الّتي تبدو مطمئنّة راضية بواقعها ولما يفعله السّاسة بها.

وللغرض ذاته يلتجئ إلى تجارب  بعض الشّعراء المحدثين كالبيّاتي الّذي أنهي حياته في المنفى و نزار قبّانيّ الّذي حاصره الموروث الثّقافي العربيّ ولوركا الذي أعدمه الجنرال فرانكو . فهذه الفئة من الشّعراء حاولت تشييد واقع بديل عن واقعها المتردي في ظل أنظمة تصادر الحريات وفي ظل موروث ثقافي يرفض الجديد.فاذا هي تعيش تجارب قاسية. وقد استطاع ةعبد الله مالك القاسمي التّعبير عن هذه المعاني باستعمال معجم قديم وحديث ورموز وأساطير تحيلنا على الواقع العربيّ والإنساني”.

خاتمة:

تتلخّص قراءتنا لهذه المجموعة الشّعريّة في محاولة للإحاطة  بالرجل الغائم ، هذا الكائن الضّبابيّ الذي يُطْلِعُ المؤلّف عليه القارئَ  ويسعى إلى وصفه.فمع عبد الله مالك القاسمي  حاولنا أن ندرك قلب هذا السّحاب ،بغية العثور على شيء ما صلب في هذه الكومة القطنيّة والوصول إلى  الشّاعر السّجين داخل هذا القطن الذي يتحوّل إلى حجر بل حتّى إلى قبر

هوامش:

1 – أوّل بيت في الديوان، ص 8.

2- ص 9.

3 -ص 8.

4-   ص 9.

5- ص 10.

6-  ص 10.

7-   ص 11.

8- ص 12.

9- ص 12.

10 -ص 32.

11 – ص 31.

12 – آخر الاشتعالات”،ص 37.

13 – ص 14.

14 – ص 15.

15ص 16.

16 – ص 21.

17 – ص 27.

18 – ص 28.

19 – ص 54.

20 – ص 43

21 -ص 33.

22 – ص 34.

23 – ص39.

24 – ص 41.

25-ص 44.

26 – ص 46.

27 -ص 50.

28 – ص 56.

29 – ص 64.

30 – قصيدة”لغتي” ،ص 66.

31 – ص 66.

32 – أنشودة الحواس – ظمأ –أحبّيني –لغتي –بيت الأقواس

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*