المرّةُ الوحيدة التي لَقِيتُ فيها الصّحفيَّ والأديبَ التّونسيَّ الكبير الهادي العبيدي (1911 – 1985): محمّد صالح بن عمر

الهادي العبيدي

 

ذات يوم  من سنة 1971  خطر لي أنا والمرحوم الصّديق حسين الواد أن ننشر بعض نصوصنا  بالصّفحة الثّقافيّة لجريدة” الصّباح “وكانت تحمل عنوان”الثّقافة والأدب” ويشرف عليها  ريس تحرير الجريدة نفسه .وهو الصّحفيّ والأديب الهادي العبيدي، أحد الوجوه اللاّمعة من حركة “تحت السّور” التي نَشِطت بتونس العاصمة في الثّلاثينات والأربعينات.

وبتلك المناسبة أرسل إليه حسين قصّة قصيرة وأرسلت أنا مقالا عن الشّعر الحديث.

وبعد مضيّ أكثر من شهرين وإزاء عدم صدور ذينك النّصّين اتّفقنا على الاتّصال بسي الهادي مباشرة لاستفساره عن عدم النّشر أو ليمدّنا بنصائحه.

لكنّه اعتذر مرّتين عن مقابلتنا.وهو ما جعلنا نلتمس من صديقنا المشترك الصّحفي الكبير حسن حمادة الذي كان يشتغل في الصّحيفة نفسها  ليساعدنا على مقابلته.ودون أدنى تردّد طلب منّا حسن أن نتبعه.وحين وصلنا إلى مكتب سي الهادي العبيدي دخل وحده ليسأله  إن كان مستعدّا لمقابلتنا .وبعد دقيقتين أو ثلاث  أطلّ من الباب وأشار إلينا أنِ ادْخُلا وعاد إلى  في الحين مكتبه .

كان السّاعة  نصف النّهار والنّصف تقريبا. وكا ن سي الهادي العبيدي، في ما يبدو، يستعدّ لمغادرة مكتبه.فنهض من مكانه واتّجه إلى حامل معاطف كان يوجد في آخر القاعة  ملقيا علينا هذا السّؤال الغريب:”لماذا تكتبان؟ “.ودون أن يلتفت إلينا لبس معطفه في هدوء واتّجه  صوب الباب .فلم نجد بدّا من أن نتبعه .وما ان خرجنا حتّى أغلق الباب وهو يرّدد : “اقرآ اقرآ اقرآ” (أقراو أقراو أقراو ).ثمّ نزل الدّرَج دون أن يلتفت إلى ورائه.

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*