الشّاعر الفرنسيّ ستيفان مالارميه يرثي ابنه أناطول : تقديم وترجمة : محمّد صالح بن عمر

 

كان الحدث الأشدّ إيلاما في حياة الشّاعر الفرنسيّ ستيفان مالارميه موت ابنه أناطول البالغ من العمر ثمانية أعوام .فقد هجر الشّاعر بيته بباريس واستقّر بقرية فولان سور سان التي تبعد عن العاصمة  كيلومترا حيث دفنه. وذلك لكي يكون قريبا من قبره وتتاح له فرص الوقوف عليه في خشوع بعيدا عن ضجيج المدينة .

ولقد بلغ الحزن بمالارميه حدّا جعله يختلي بنفسه ساعات من اليل والنهار ليكتب كمّا من النّصوص عن تلك الفاجعة ملأت ديوانا كاملا وسمه ب”لأجْلِ قبرِ أناطوال” لكنّه ضنّ به على القرّاء فلم يُطلِعْ عليه أحدا في حياته .وبقي مخطوطا حتى سنة 1961 تاريخ صدور الطّبعة الأولى منه.

يوم زرتُ بيتَ مالارميه في مارس/آذار الماضي تصفحّ تُ النّسخة الأصليّة من هذا الدّيوان. فوجدته  يحوي نصوصا غامضة  أكثر جملها كُتبت بأسلوب برقيّ يشوبها الحذفُ ويغلبُ عليها ترصيف الكلمات دون روابط منطقيّة واضحة حتّى لكأنّها نبعتْ من لاوعي الشّاعر لا من فكره .لكنّها كانت دون أدنى شكّ متماسكة في مستوى بناها العميقة أثناء عمليّة الكتابة.وهذا ما يدعو القارئ إلى بذل جهد كاف لإكمال ما فيها من فراغات.

ومن هذا الدّيوان نقتطف النّصّ التّالي:

ستيفان مالارميه

أناطول

 

من روحِهِ التي

لها الخلودُ – يمكنُ

أن ينتظرَ

ليكنْ ذلكَ لكنّهُ خلودٌ

من خلالِ حياتي

 

نَقْلُ دمٍ

تغييرٌ في أسلوبِ الوجودِ

هذا كلُّ ما هناكَ

 

ماذا ! الموتُ الضّخمُ –

الموتُ الرّهيبُ

يصيبُ كائنا صغيرًا

في منتهى الصّغرِ

 

أقولُ للموتِ : كُفُّ

للأسفِ ! هو في داخلِنا لا خارجَنا

 

بموتِهِ

حفرَ قبرَنا

 

تنازلٌ

 

الأبُ وحيدٌ

الأمُّ وحيدةٌ

كلًّ منهُما

يخفي دموعَه على الآخرِ

لكنّهما يجدانِ أنفسَهُما

معًا

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*