ممّا ينبغي أن نتعلّمَهُ من الألمان(1): محمّد صالح بن عمر

 

في سنة 2016 ، زرتُ تسع مدن ألمانيّة كبرى أقمتُ فيها بفنادق.لذلك كان ما كتبته عن الألمان بمناسبة تلك الزّيارة في مذكّراتي(انظر : www.masharif.com) لا يتعدى أن كمون مجموعة ملاحظات وانطباعاتْ عنّت لي وأنا أنظر إليهم و إلى سلوكهم من الخارج .لكنّي في زيارتي الأخيرة عشت مع ألمان جرمانيّين خُلّص.وهو ما مكنّني من أن تكون لي فكرة أدقّ عن هذا الشّعب الذي أثار إعجاب العالم بعد الحرب العالميّة الثّانية بالإنجاز الباهر الذي حقّقه. وهو أنّه أعاد في وقت قياسيّ بناء بلاده التي أصيبت بدمار شامل وارتقى بنفسه إلى مصفّ الشّعوب المتقدّمة.
ما إن تطأ قدمك عتبة بيت ألمانيّ حتّى تجد نفسك في فِناء صغير نُصبت فيه حاملةُ أحذيةٍ ويُطلب منك بكلّ لطف أن تنزع حذاءك وتلبس بدلا منه أحد الخفاف الموضوعة هناك خصّيصا لكلّ من يفد على البيتمن أفراد العائلة ومن الضّيوف.ولئن لم تكن هذه العادة غريبة عنّا فإنّ معظم التّونسيّين لا يلتزمون بها إلاّ أمام المساجد. أمّا في مداخل البيوت فقلّة منّا تطبّقها .و إنّي لا أزال أذكر أنّ أحد أصدقاء طفولتي كانت علاقتي به بعيدة تماما من الكُلفة جاءني ذات مرّة في يوم ممطر إلى البيت ومعه زوجته وكان حذاءاهما ملطّخين كلّيّا بالوحل .فقلت لهما مازحا: ” إنّ الطّقس الرّديء يجبرنا مع الأسف على نزع أحذيتنا و تركها خارج البيت”.فكان لكلامي وقع سيّئ في نفسيهما وعادا في الحين من حيث قدما دون سماع اعتذاري وتوسّلي. ومنذ لك الحين لم يعد ذلك الصّديق يكلّمني.
أمّا عند الألمان فالبيت، على العكس، مقدّس كالمسجد عندنا.وإذا كان البيت  عندهم مقدّسا فلكم أن تستنتجوا نظرتهم إلى العائلة.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*