زهرةُ الضّوءِ :شعر : محمّد بوحوش – توزر – تونس

محمّد بوحوش

 

لطمتْ بجناحيهَا المصباحَ،

فرّتْ إلَى ركنٍ قَصيٍّ فِي الصّالةِ حيثُ النّورُ الخافتُ

علّهَا تتهجَّى طريقًا آخرَ إلى قبسِ المعْنى.

 استراحتْ قليلاً، رفرفتْ بجناحيهَا، طارتْ، جالتْ،

 جابتْ أرجاءَ الغرفةِ،

وظلّتْ تتشمّمُ عطرَ النّورِ، تتلمّظهُ ملءَ شفتيْها،

 تتطايرُ، أعْلى وفوقَ، يسارًا، وسَطا، ويمينًا:

 شبحًا متراقصًا يلوّحُ بالوهمِ!…

  وطوّفتْ ثانيةً حولَ المصباحِ

حتَّى لامستْ جانبهُ فاحترقَ الجناحُ.

صارتْ، على عرجٍ ووهنٍ، تطيرُ …

تحاولُ مخرجًا، تقاومُ شركَ الإغراءِ، وتحاولُ أملاً…

لكنَّ الضّوءَ الخدّاعَ جذبهَا ثالثةً فاحترقَ جناحُها الثّانِي

ومضتْ تتخبّطُ في القاعِ.

لم تكنْ تدركُ سحرَ الضّوءِ، أو لعلّهَا أدركتْ أنَّ الطريقَ إليهِ

 محفوفٌ بخطرِ الاحتراقِ،

ومعَ ذلكَ ظلّتْ، عنادًا، تحاولُ النّورَ وتحاورُ معناهُ

حتّى احترقتْ منْ شغفٍ ومنْ شوقٍ، علَى وهجِ المصباحِ.

………………..

لوْ لمْ تكنْ فراشةً، لكانتْ شاعرةً لاَ تفقهُ الشّعرَ،

فالشّعرُ أنْ تحترقَ، ولا تدركَ معْنى الأنوارِ.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*