أضاءتْ الأستاذةُ ريم هلال بنورِ قلبِها وفكرهاِ سماءَ الأدبِ والإبداعِ – نور نديم عمران – اللاّذقيّة – سورية

ريم هلال

نور نديم عمران

 

خرجت إلى الحياة دون أن تبصر النور بعينيها لكنها أبصرته بعين قلبها وفكرها..
ولدت ريم هلال عام 1960، وعلى الرغم من الحزن الذي غلف قلب والديها عندما علما بأمر عينيها إلا أن الحب الأبوي منحهما القوة ليتماسكا فآمنا أن ثمة رسالة كلفا بأدائها في هذه الحياة؛ فكان قرار المضي قدما مع هذه الطفلة التي لم يتوقعا أنها ستحمل لحياتهما كل ذلك الألق والجمال والدفء.
أخذا بيدها لاجتياز دروب الظلام بوهج محبتهما وتضحياتهما وتعاونا على تعليمها القراءة والكتابة وتثقيفها بمختلف أنواع العلوم والمعارف…كانا عينيها في هذا العالم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى لتمضي الرحلة التي لم تكن يسيرة ومعبدة بل على العكس. ..كان الطريق شاقا اجتازوه معا بالإيمان والصبر والاجتهاد لتتكلل المسيرة بنيلها شهادة الدكتوراة في اللغة العربية وآدابها ولتعمل مدرّسة في كل الآداب قسم اللغة العربية في جامعة تشرين؛
فتشرفني بأن أكون إحدى طالباتها وطلابها الذين يجتمعون بفضول وحب للاستماع إلى محاضراتها وقد سادها جو من الخشوع، بل كنا ننظر بعتب وتوبيخ إذا ما تجرأ طالب وتحدث جانبياليقطع سلسلة أفكارنا الحالمة والمسافرة مع صوتها الرخيم .
كانت كريمة جداوحريصة في ذات الوقت ..كريمة تعيرنا من كتبها القيمة لكبار الأدباء والمفكرين لنستخدمها في حلقات بحثنا، وحريصة ألا تعيرها إلا للطلاب المشهود لهم بتفوقهم وحبهم للكتاب ومعرفة قيمته وبالتالي الحفاظ عليه لإعادته سالما إليها كما قدمته هي.
أبدعت الدكتورة ريم الكثير من المؤلفات نذكر منها: العرافة ، كل آفاقي لأغنياتك، البصر والبصيرة، حركة النقد العربي الحديث حول الشعر الجاهلي.
تأثرت بالدكتور طه حسين فكان قدوتها ولكنها اختلفت عنه بميلها إلى الأدب بشكل أكبر من ميلها إلى عالم الأبحاث والدراسات التي كانت تشغله.
لم تكن ريم هلال موهوبة في الشعر والأدب والنقد فقط بل تميزت بصوت جميل عذب كان مفتاح الوصول إلى قلوب الناس فقد بدأت مسيرتها الإبداعية بالغناء وأنشدت أغاني أحبتها في البداية لتنتقل بعد ذلك إلى كتابة الشعر.
أذكر أمسية أدبية حضرتها لها قبل أن تكون مدرستي في الجامعة ؛ أغمضت عيني طوال الوقت لأرى كلماتها بنور قلبي ولأستمتع بعذوبة صوتها دون أن يشغل النظر ذهني بأي أمر آخر.
اخترت لكم من مؤلَّفها ” مئةُ ورقةٍ وأكثر ”
باسم كلّ عفراء إلى كلّ عروة في الأرض والسماء :
ما أبعَدَ الآفاقَ
ما بينَ همسِنا وضجيجِهم !

*
أُدرِكُ أنّكَ صاحٍ
تُدرِكُ أنني صاحية
فلماذا لا نتبادلُ همساً
تحيّةَ السَّحَر ؟!

**
حلمتُ بأنَّ أُفُقي
واكبَ أوراقَ بَوحي
فما كانَ أغزرَها
دفاتريَ الزّرقاءَ إليك !
**

هل من أحدٍ استطاعَ أن يلمح
ذرَّةَ غبارٍ ما بيننا ؟
ما بيننا المضيء ؟
ليبحثوا عنها
ليبحثوا طويلاً
وإذا عثروا عليها
فليرشِدونا إليها

**
قبلَ أن تبثَّني مساءً
همساتِكَ الشّفيفةَ البيضاء
هل أنتَ تغتسلُ بأنوارِ القمر ؟!

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*