ما لا يفقهُ الموتَ أو يدركُهُ الوجودُ: شعر: عبّاس ثائر – ذي قار- العراق

عبّاس ثائر


كنّا صغارًا،
و أرادَ أحدُنا أن نسمّيَهُ فجرًا
كان يحبُّ أن يكونَ فجرًا.
صاحَ رجلٌ لم يبلغْ من المعرفةِ شيئًا:
اُقتلوهُ واخنقُوا الصّبحَ في نفسِهْ.
وصاحَ آخرُ معتّقٌ في الوعظِ والوعيدِ
أطفئوا ما تبقّى من ضوئِهِ،
أغلقوا شبّاكَ روحِهِ؛
لئلاّ يتسرّبَ ذلكَ الفجرُ،
فيصيرَ ثقلًاً يقصمُ ظهرَنا.
كانَ يريدُ أن يُنعتَ فجرًا؛
فالأنفاسُ نائمةٌ؛
ولا يؤخذُ من هوائِهِ إلاّ قليلٌ.
أنا أعرفُهُ، كان سكّةً لا تعرفُها الأقدامُ،
او تسحقُ أنفَها الخطواتُ.
صغيرٌ وفي رأسِهِ شيءٌ
من حكمةِ الأرضِ،
وشيءٌ من إباءِ النّهرِ؛ إذ لا ينظرُ خلفَهُ،
او يكترثُ لمنْ يرميهِ بحجرٍ.
كانَ يقولُ: ما الحكمةُ من أن يسيرَ النّهرُ قدومًا؟
ما الحكمةُ حين لا يعطشُ مثلَ الأرضِ،
بينما يموتُ مثلَ الإنسانِ؟

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*