وداعُ رجلٍ شجاعٍ: خاطرة : نور نديم عمران – اللاّذقيّة – سورية

نور نديم عمران

الرّوائيّ الكبير الرّاحل حنّا مينة


عذرا حنّا مينة …خالفْنا جميعا وصيّتك ولم نحزن بصمت…
عذراحوّلنا موتك إلى عرس وطنيّ نلتقي فيه بأطيافنا وانتماءاتنا وأحزاننا وآمالنا..
نعم أيّتها السّنديانة العتيقة…جمعْتنا في مماتك على الحزن  والتّقدير كما جمعتنا في حياتك على الحبّ الكبير لأدبك وكتبك..
نعم كنت عظيما في حياتك وعظيما في موتك ،موتك الذي نعزّي به أنفسنا لأنّ الجنازات كما أراها ليست للفقيد ،والمراثي ليست له وإنّما لنا ولراحة أنفسنا،فنحن من يفقد ونحن من يخسر،أمّا الرّوح المبدعة كروحك فهي محلّقة دوما في سماوات العلا.
نعم لم نتمكّن من إخفاء خبر  رحيلك فقد سمعت به (حمامة زرقاء)وباحت به إلى (نجوم  تحاكي القمر )…ذلك( القمر في المحاق)لم يخف حزنه وقد عرف أنّ(الشّمس في يوم غائم)بل إنّها في ظلام دامس يوم رحيلك..
لقد خرجتِ (المرأة ذات الثّوب الأسود)إلى (حارة الشّحّاذين )لتخبرهم أنّ من كتب عن أوجاع الفقراء وهموم الصّيّادين والبسطاء رحلَ …
اخبرتهم ( حكاية البحّار)الذي انتهت رحلته…إنّها (نهاية رجل شجاع) (أضاء المصابيح الزّرق ) وعزم على( الرحيل عند الغروب) ..
كانت أمنيته ان تنتقل دمشق إلى البحر أو ينتقل البحر إلى دمشق لأنّه كان حارسا”مؤتمنا”على جبل قاسيون ،فحمل أصالة الجبل وشموخه في روحه وعاد إلى مدينته السّاحليّة ليكون حارسا”أبديّا”على البحر .
رحل حنّا مينة الرّوائيّ والأديب …رحل تاركا” (بقاياصور) لرجل عانى في الحياة كثيرا لكنّه لم يسمح لها أن تهزمه فواجهها ليترك لنا إرثا أدبيّا وإنسانيّا يجعلنا نفخر بأنّا تقاسمنا وإيّاه الهواء ذاته ..والتّراب…والماء…
تقاسمنا معه حبّ هذا الوطن …
لذا فنحن حين نرثيه نعزّي أنفسنا أولاّ…نعّزي الوطن..البحر والسّماء.


*مابين قوسين أسماء روايات للأديب الرّاحل.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*