شموعُ السّلامِ تضاءُ في اللاّذقيةِ : نور نديم عمران – اللاّذقيّة

نور نديم عمران

الفنّانة لينا رزق

ليس الفنّان مصوّرا “فوتوغرافيّا”يطارد الواقع ،إنّ آلة تصويره موجودة في داخله ،مخفيّة في مكان يجهله هو نفسه. ولهذا هو لا يرسم بعينيه أو ينحت بهما وإنّما بذاكرته وخياله وبأشياء أخرى…ولكلّ إنسان  بنيته النّفسيّة الخاصّة وقيمه الرّوحيّة أو فلسفته الخاصّة بالحياة لكنّا جميعا”نتفق في الرّغبة بإضاءة شموع السّلام…ولذا تضاء شموع السّلام بألوان من فرح وحبّ وألوان في المعرض الذي تقيمه( جمعيّة شموع السّلام )بالتّعاون مابين وزارة الشّؤون الاجتماعيّة والعمل ووزارة الثّقافة في المركز الثّقافيّ العربيّ في اللاّذقية..إيمانا منهما بدور الفنّ التّشكيليّ في التّعبير عن حضارات الشّعوب ومن منطلق قيمة السّلام في حياتها،لتعزيز رسالة الفنّ للسّلام والنّهوض بالوطن بالتّصدّي للإرهاب الذي يحاول دفنه تحت الرّكام.
فالأزمة ،كما أشارت الفنّانة لينا رزق، رئيسة جمعيّة شموع السّلام؛ جعلت سورية مريضة من كلّ النّواحي وكذلك الفنّ ،لكن مع ظهور بوادر النّصر وانتهاء الأزمة بدأ الفنّ يتعافى ولاسيّما الفنّ التّشكيليّة الذي شهد حركة قويّة على السّاحة السّورية خلال العامين الماضيين .
وقد أكّدت الفنّانة رزق دور الفنّان في توثيق الحدث وتأريخه بصعوباته وآلامه وآماله.
وكما يبدو فإنّ اختيار الاسم لم يأت عن عبث بل إنّه ينطلق من الأزمة التي نعيشها في البلدان العربيّة؛ لذا رغب المشرفون  في أن تكون انطلاقة شعلة السّلام من سورية  لتنتقل إلى جميع البلدان…وهنا لابدّ لنا من وقفة مع ذاكرتنا الطّفوليّة لنعود إلى أيّام مهرجان المحبّة والسّلام الذي كان يجمع فنّانين وأدباء ورياضيّين من مختلف بلدان العالم هنا في اللاّذقيّة عروس السّاحل،كما هو الحال مع المعرض الجماعيّ الضّخم( شموع السّلام )الذي يضمّ نخبة من فنّانين سوريّين وعرب لكنّه يختلف في كونه يتنقّل بين المناطق السّوريّة على الرّغم من الأحداث الجارية على أمل أن يشمل أراضينا السّوريّة المحرّرة جميعها.
يتميّز المعرض الخامس للجمعيّة بالخبرة التي اكتسبها الفنّانون من تجارب السّنوات السّابقة التي تتجلّى في اختيار أعمالهم وطرق عرضها.. وحتّى يستطيع الفنّذان تقديم عمل صادق أصيل لا بدّ من أن يتمتّع بحرّيّته وهذا ما وفّرته له الجهات المشرفة إذ تركت له حرّيّة اختيار ما يتناسب مع عنوان المعرض دون شروط تحت رسالة السّلام ،لأنّ الرّؤيا تختلف من فنّان  إلى آخر كما تختلف طرق المعالجة والطّرح.
فالسّلام  كما تقول الفنّانة رزق يجده فنّان ما في وجه امرأة بينما يجده ثان في أمر آخر …..وهكذا.
وإلى جانب المناشط الفنّيّة تقام جولات سياحيّة للفنّانين العرب والسّوريّين المشاركين إلى ريف اللاّذقيّة للتّعريف بجمال ساحلها .
ولعلّ أهمّيّة هذه الملتقيات والمعارض تتأتّى من كونها توسّع خبرات الفنّانين وتعرّفهم بثقافات الفنّ التّشكيليّ المعاصر ومدارسه …كما أنّها تعبّر عن حالة صحّية نعيشها فتؤدّي دورا مهمّا في توثيق العلاقة بين المشاهد والعمل الفنّيّ وتوضيحها…
كما أنّها تنظّم الفكر الجماليّ للأجيال فتتعرّف على حضارتها وأثر الفنون في تأريخها على نحو ميدانيّ وليس نظري فقط،لذا نحن بحاجة إلى الاستمرار في ظاهرة الملتقيات والمعارض الجماعيّة لتشمل العالم العربيّ كلّه وتضيء في أرجائه شموع السّلام.
 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*