ديناميتٌ منجَميٌّ : شعر: محمّد عمّار شعابنيّة – المتلوّي – تونس

محمّد عمّار شعابنيّة


تسقطُ  الصّخرةُ تِلْوَ الصّخرةِ

الأحجارُ  والأتربة  البيضاءُ
والحمراءُ تعْلو  في  الفضاءْ
الطّيورُ ـ الرّعبْ قد فرّقها ـ
لم تعُد تدري إلى أيِّ اتّجاهٍ سوفَ تمضي
فالسّماءْ
لوحةٌ مُغبَرّةٌ
والعاملُ الواقفُ فوقَ الهضبةِ الأخرى
يرى هضبتَهُ الأولى رحاها ” الدّيناميتُ ” المنجَميُّ
سوفَ تأتي بعد حينٍ جارفاتٌ
ترفعُ الأنقاضَ :
كْلْسًا
حجرًا
طِينًا
تُرابَا شاحبًا….
صُوانًا ..
والحيتانَ والأسماكَ
أوْ قلْ كائناتُ البحرِ في العصرِ الإيوسينيِّ
تبقى في عراءْ
ميْتَةً في عطَشِ الفسفاطِ
ما أتعسَ هذي الأرضَ تُعطي مخَّها
زيْتًا.. سمادًا
وهي لا تحملُ في أحضانِها إلاّ
جفافًا  ورمادًا .
×××××
تختفي  البيضاءُ
والحمراءُ
والدّكناءُ

يبقى المشهدُ الصّامتُ  مفتوحًا على صَحْوٍ
وممدودًا على كفّيْ هـَواءٍ وعـَراءْ
وسماءٍ ٍتغزلُ الزّرقةَ
والزّرقةُ في ما فاتَ لم تحْضنْهُ
مُذ جفّتْ مياهُ البحرِ في العصرِ الطباشيريِّ
(أي ما امتدَّ من خمسينَ مليونًا من الأعوامِ )
لكنْ ها هنا والآنَ ماذا يفعلُ التّاريخُ
إذْ يعْرجُ نيْفَ إثرَ قرِنٍ من نـَصَبُ…؟
يا شقيقَ الزّنْكِ
والفضّةِِ
والفسفورِ
يا صِهْرَ الذّهَبْ
أيّها  الفسفاطُ يا مَجرى عناءٍ
في عروقِ المتعبينْ
سوْفَ لن تملأَ بطنَ الوطنِ الجائعِ
فهو الآنَ في نومٍ ..
وكم نامتْ عيونُ لا  تراكْ
لا ترى أنّكَ مُخَّ الأرضِ
هل  أرضٌ  أضاعتْ  مُخَّها
نطلبُ  منها  ما  نُحبْ؟
×××××
صامتًا  ترنو  إلى  شمْسٍ
إذا أستيقظَ  صبحُ
أو تمطّى مثلَ ثعبانٍ زوالٌ أو أصيلْ
إنّما  حظُّك أن  ترحلَ
فالعصرُ الطّباشيري

قد  أوجزَهُ الحاضرُ في رعشةِ صوْتِ  الدّينمِيتِ المنجَميِّ
حينَ حرّرناكَ من  سجنٍ
وأخرجناكَ من تحتِ الثّرى
وعلى صدرِكَ ما عانقنا يومًا كرى.
كان صعبًا أن ننامَ اللّيلَ..
كنّا  نحرسُ  اليقظةَ
كي نأخذَ منها ما يريحُ العمْرَ
أو يأخذَنا غولُ العذابِ
بينما هيّ التي ترفضُ أن تُعطيَ
أو يرفضُ أنْ نأخذَ من يـُقصيكَ عنَّا
أيّها الهاربُ منّا
أنتَ لم  تتركْ سوى لوْثةَ وقتٍ  ويبابْ
واحتفاءٍ بالخرابْ
×××××
لوحةٌ  مغبرّةٌ
والعاملُ الواقفُ ذو القبّةِ البيضاءِ يُحصي الشّاحناتْ
ألفُ طـُنٍّ غادرتْ في ساعتيْنْ
وكما يُجزمُ دوما
قبلَ أن يسقطَ من غصنِ الحياةْ
بعدَ جيلٍ قادمٍ ..
بطنُ هذا الجبلِ الأجوَفِ لن يصبحَ إلاّ؟
أثرًا يحرسُ ذكرى بعد عبْنْ

المتلوي/ تونس في 17 و18 رمضان 1439 ـ 2 و3 جوان  2018.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*