سَبَّابتِي تَحْمِلُ حُلمَ الشَّيطَانِ : شعر : عبد اللّطيف رعري – شاعر مغربيّ مقيم بمونبوليي بفرنسا

عبد اللّطيف رعري

 

مَنِ السَّائِلُ…؟

منِ السَّائِلُ فِينَا…؟

 ونَحنُ كُثرٌ نَرسُمُ مَوَاسِم َالاجْتياحِ

 نُصفِّفُ ضَفائِرَ الوَهْمِ باللُّغْزِ المُباحِ

ونُصْغِي  إلى أنِينِ النُّدْبةِ فِينَا بِفَرْطِ الكِفاحِ…

 أطْيَافُنَا بَارِدَة كَطَيفِ النَّارِ

ظُهُورُنا تَتعَرّضُ لِرشْقِ النَّكَباتِ

وخَلفِياتُ الرُؤى التِّي تُدثِّرُنا

مُصَابةٌ باهتزَازِ التَّجرِيبِ الغَبِّي لِلأنَا

والكُلُّ يمْشِي وَيدُهُ علَى الجُرْحِ

عَينٌ تَعدُّ الخَطوَاتِ

وعَيْنٌ تنتَظِرُ مُرُورَ الدَّمَارِ

 كُلُّ العَصَافيرِ التِّي أدْرَجتْهَا العَاصفَةُ

 لِلاخْتبَاءِ   فِي قَرَارِ النَّهرِ

 أهْدَت لِلّيْلْ أجْنحتَهَا فتعرَّتْ

والكُلُّ يمْشِي وَيدُهُ علَى الجُرْحِ ثانيِهً

 فتلَحفَّتْ بمَنادِيلِ الشَّكِ لتَسْكُنَ الغِيابَ

بَدلَ الأعْشَاشِ التِّي هَيأتْهَا لِصَيفٍ قَادِمٍ 

اسْتحَالَ العِشْقُ فِي حَضْرةِ السُؤالِ

قُرْبَ قَطْرَةِ مَاءٍ فِي شَطِّ بَعِيدٍ

عَكَّرَتْهَا زَوَابِعُ الخَجَلِ بِالدَّجَلِ

بِالفَشَلِ

بِالمَللِ

 فتَهَاوتِ البنَايَاتُ الوَرَقِيةُ علَى حَافاتِ الانْهِيارِ

 والكُلُّ يمْشِي وَيدُهُ علَى الجُرْحِ

 فأتمَّ الجَبلُ مَلْحَمةَ الصَّمتِ بِالصَّمتِ

 فَحَطَّتْ خَمْسةُ غِربَانٍ مُحمَرَّةُ العَيونِ

والغَدرُ سَادِسُهُم

 يتنقُرُ الحَجرَ…

بلِاَ ضَجَرٍ

لَا يَسْتَبيحُ الجِوَارَ

 كَلامُهُا قَلِيلٌ …

فَمَا قَصْدِيّةُ السُؤَالِ يَا غُرَابُ؟

مَنْ ترَاهُ أَهْلاً لِلْجَوَابِ…؟

هَا سَبَّابتِي كَمَا يعْرِفُونَهَا

تلحَسُ عَسَلَ السِّنيِنَ مِن كُلِّ فَجرٍ

 ويأتِينِي يَعسُوبُ الرَّوَابِي باليقِينِ

 فمَنْ ترَاهُ أَهْلاً لِلْجَوَابِ…؟

وَمَا قَصْدِيّةُ السُؤَالِ يَا غُرَابُ؟

 حَاشِيةُ اليمِينِ سَاءَ بِهَا الظَّنُ

وأجْبَرَتْ خَوَاطِرَ الخَلْقِ عَلَى الوَسَنِ وزَادَ المَنُّ

طِيلَةَ العَذَابِ حتَّى مَتمِّ الخَرَابِ

 وعُمرُكَ آنذَاكَ صَيفٌ حَارِقٌ تُرابٌ

 وخَرِيفٌ يَقْتَاتُ الفُتَاتَ ويُقْتلُ العُقَابً

 العَهْدُ بَينَنَا اسْتِقَامَةٌ فَوْقَ سَبَّابتِي

 عَارِيةٌ تَضُخُّ عَرقَ الرِّجَالِ

لا لِغَزلِ كُسوةٍ حَرِيرِيِّةٍ لمِكْنَسَةِ الشَّارِعِ العَرِيضِ

لا لِحَرْقِ المَارَّةِ بِوابِلِ الظُّنُونِ

فيهمْ الحُرُّ وفِيهم ْالطَّرِيدُ

شَرَفُ سَبَّابتِي أن تبقى فِي السَّمَاءِ

لا كَمَا أنْتَ بَاقٍ بِعُقمكَ المَرِيضِ … 

يَا غُرابُ…

 مِفتَاحُ الكَونِ في يُسرَى الرِّيحِ

 فكَمْ يُلزِمُكَ مِن قَبْضَةٍ لتسْكنَ قَارُورَةَ النَّجَاةِ

 وَهَذهِ السَّواحِلُ

كَم أعْددْتَ لهَا مِنْ نِهَايةٍ لِغمْزِ المَطَرِ

 وهَذَا أنَا بَينَ أسْطُرِي حَزِينٌ

كَم مِن قُبلةٍ تَرُدُّنِي  إلى قَلبِ الحَبِيبِ

وَهَذهِ المَرْثِيّاتُ الخَالِدَةُ فِي دَهْشَةِ العُيونِ

 لِمَنْ غَيْرِنَا هِي قِلادَةٌ

فمن السَّائِلُ فِينَا …؟

والكُلُّ يمْشِي وَيدُهُ علَى الجُرْحِ

الأبْوَابُ مُوصدَةٌ بِصَخْرٍ وَحَدِيدٍ

وَزَبانِيّةُ القُصُورِ تَحْكُمُ تُرَابَها مِنْ جَدِيدٍ

ساكنةٌ لا تُحرِّكَها الرِّيحُ

تأكُلُ بِعُيُونِهَا المَارَّةَ

وَتُلهِمُ البَاقِياتِ بِعُسْرِ قَرِيبٍ

 تَجْثُو عَلَى نَعيمِ اللهِ بِثِقلٍ ثَقِيلٍ

رُباعَ وأخْمَاسًا   وأقدامُ الفِيلِ

 يُمَلمِلُونَ الجُرْحَ أنّى شَاءَ لهمُ الوَطءُ

 وأنَّى شَاءَتِ اللَّعَنَةُ العَجْفاءُ …

وأنّى شَاءَتْ شَمَاتةُ العِبادِ

 ونُزُوحُ الأسْيادِ

 لِكَوْمةِ قَشٍّ تُدفئُ الأجْسَادَ

 خَلفَ طَابُورِ العِشقِ المُكْرَهِ

 لِصَالاتِ الذِّكْرِ البَخِسَةِ

 حيثُ  بُؤسُ القُبُلاتِ

ورُكُودُ السَّاعَاتِ

 وَمَوتُ شُمُوخِ  العَادَاتِ

 تحْتَ نَقْرَةِ الجَاحِدِ المُقْرفَة

 علىَ طَاوِلاتِ القِمَارِ

 وَكَرَاسٍ نَخَرهَا طَلاءُ الاحْذِيةِ

وأفْسَدَهَا زُهْدُ الثأرِ

تَعْلُو القَصبَةُ حَتَّى العَناءِ وَظلُّهَا قَلِيلٌ

فِي كرِّهَا دَليلٌ وَفِي فَرِّهَا تَعْليلٌ

عَثْرةٌ فِي رِحَابِ عَثرَةٍ

ثُمَّ انحِنَاءُ حتّى الأرْضِ بِتعْظِيمٍ وَتبْجِيلٍ

 وَعُمْرُهَا الطَّوِيلُ

 تُنْهِيهِ إشَارَةُ بَالِيةٌ مِنْ شَيخٍ عَلِيلٍ

عَلَى رَأسِهِ أصْنافُ المَهَابَةِ

وَلِجُرْأتِهِ نِظرةٌ خُرَافِيةٌ نِهَايتُهَا نَاصِبةٌ

عَرَّتهَا ظُرُوف الكِتَابةِ

دُخُولٌ دُونِ تَفصِيلٍ بُشْرَى هِي آمِينْ

قَهقَهةٌ وَنَدِيمٌ وَحُورِيّونَ

أوْ نَذيِرَ شُؤمٍ بِلكْنةِ اللَّعِينِ

 حِينَها انسِلالٌ وَتشَاوُرٌ لِخَسْفِ الكَمِين

 شَرْطُ الطَّاعَةِ لَا تُلغِيهِ لَّاغِيةٌ …

فَيَومَ أنْزَلنَاهَا كِتَابًا صَارَ عَذابًا

 وقَدَاستُهُ إلهِيّةٌ

مَرَدُّها للأصُولِ الخَالِيةِ

زَمَنَ الجَهَالةِ والطُّقُوسَ الفِرْعَوْنِيةِ

زَمنَ الذّرْعِ والمُدْيةِ الحَدِيدِيّةِ

زَمَن المُتاحِ واللاّمُتاحِ

 زَمَنَ الشَّهوَةِ واللَّاشَهْوانِيّة

إن تسْألنِي فأنَا مُجِيبُ

  الكُلُّ يمْشِي وَيدُهُ علَى الجُرْحِ

وشَرْطُ الطَّاعَةِ لَا تُلغِيهِ

 لَّاغِيةٌ إلَّا لاَغِيتِي

وسَبَّابتِي تَحْمِلُ حُلمَ الشَّيطَانِ

والعَهدُ بَينناَ….

فمَنْ ترَاهُ أَهْلاً لِلْجَوَابْ…؟

وَمَا قَصْدِيّةُ السُؤَالِ يَا غُرَابْ؟

 

 

 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*