ذكرياتي مع مؤرّخ الأدب التونسيّ الكبير أبي القاسم محمّد كرو (1)

أبو القاسم محمّد كرو

 

مؤرّخ الأدب التّونسيّ الكبير أبو القاسم محمّد كرو (1924 -2015) هو واحد من الكتّاب  الذين أدين لهم بالكثير في مسيرتي النّقديّة ،أوّلا لأنّه كان مثالا للمثابرة والعمل الدّؤوب.وهو ما تشهد به المدوّنة الضّخمة من  الكتب التي ألّفها والتي تزيد على السّبعين كتابا  ومعظمها عن الأدب التّونسيّ ، ثانيا لأنّه كان مؤلّف أوّل كتاب عن أبي القاسم الشّابي .وهو أبو القاسم الشّابّي حياته وآثاره الذي صدر ببيروت سنة 1952، ثالثا  بفضل  رسائل الشّابّي  التي أصدرها سنة 1965  عن مؤسّسته كتاب البعث بتونس تعرّفت إلى هذا الشاعر العظيم في وقت مبكّر جدّا ّإذ لم أتجاوز وقتها الخامسة عشرة من عمري ، كما تعرّفت إلى رفيقي دربه النّاقد محمّد الحليوي والأديب المتعدّد المواهب محمّد عبد الخالق البشروش ( كان قصّاصا وناقدا ومؤرّخا للأدب ومنظّرا وصاحب مجلّة )  من خلال الرّسائل التي تبادلوها .

لقد لقيت أبا القاسم محمّد كرو لأوّل مرة سنة 1971 في اجتماع انتظم بمعهد الفتيات بنهج روسيا  مساء وقد عقدته لجنة كوّنتها وزارة الثّقافة لمناقشة السّياسة الثقافية بالبلاد واقتراح حلول لتعديلها .وقد انتخبنا لرئاسة  تلك اللّجنة أكبرنا سنّا. وهو  الشّيخ محمّد الصّادق بسيس وقد تألّفت من أعضاء ينتمون إلى  أجيال متباعدة  منهم محمّد المرزوقي ومحمّد العروسي المطوي والجيلاني بالحاج يحي وأبو القاسم محمّد كرو وعز الدّين المدني وأحمد القديدي وسمير العيّادي وغيرهم

كانت أوّل ملاحظة أبداها لي هي أنّي في المقالات التي كنت أنشرها أخطئ في رسم اسمه .فقد زعم أنّ “أبو” في اسمه ليس كنية بل جزء لا يتجزأ من اسمه لذلك ينبغي أن يكون مبنيّا على الضمّ .وذلك خلافا لما تنصّ عليه القاعدة التي يعرفها جميع النّاس وهي أنّ هذا اللفظ اسم من الأسماء الخمسة لذلك يرفع بالواو وينصب ويجرّ بالياء.والملاحظة الثّانية أنّ الشّعر الجديد “غير العمودي والحرّ” الذي ظهر في تونس في ذلك الوقت وكنت أدافع عنه في مقالاتي ليس جديدا وأنّه قد كتب فيه ديوانا كاملا صدر له ببيروت سنة 1952 وضرب لي موعدا بمؤسّسته “دار  كتاب البعث”الكائن مقرّها بنهج شارل ديقول ليسلّمني نسخة منه.لكنّه في اليوم الموعود تخلّف عن القدوم ولم أتسلّم منه تلك النسخة إلاّ سنة 1990 بمكتبه باللّجنة الثّقافيّة القوميّة بشارع الحريّة مع كامل الاعتذار عن هذا التّأخير المشطّ.

لكنّي حين تصفّحت ذلك الديوان وجدت النّصوص التي فيه من جنس النّثر الشّعريّ الذي سمّاه المشارقة في الثّلث الأوّل من القرن العشرين ” شعرا منشورا” (والأصّح هو النّثر المشعور) والذي  كتب فيه جبران ومي زيادة وأمين الرّيحانيّ والشّابّي وغيرهم ولا علاقة له بغير العموديّ والحرّ” الذي ظهر بتونس في نهاية السّتينات .

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*