قصيدتان جديدتان لريتا الحكيم – اللاّذقيّة – سورية

ريتا الحكيم

لا تُصدّقْ

 

لا تُصدّقْ امرأةً، لا تَستحِمُّ بحِبرِ قصيدتِكَ

بعد كلّ عناقٍ

ولا تُزيّنُ جيدَ الشّغفِ بقوافيكَ

المرأةُ التي لا تُدندِنُ أشعارَكَ

وتحفظُها عن ظهرِ حُبٍّ

ستطأُ مملكتَكَ مهزومةً

وفي ذِمّتها مئاتُ القصائدِ الميّتةِ

المرأةُ التي لا تُنجبُ منكَ طفلاً

كُلّما تلوْتَ أبياتَكَ على مسامعِها

ستجعلُ فصولَكَ خريفاً دائمَ الشّحوبِ

عليكَ بامرأةٍ تتقنُ الإنصاتَ

وتورِقُ كالأشجارِ

تنفخُ روحَ اللهِ في عزلتِكَ الموحِشةِ

لتكون أنتَ، بدايةَ الكونِ والمُنتهى

تعجنُ أنفاسَكَ بأرغفةِ الخبزِ

وتسدّ بهِ رمقَ الشّوقِ

تهطلُ نسغاً

وتنثالُ في اخضرارِ ربيعكَ، آياتٍ

ستكونُ في أوردتكَ نبضاً واحداً

لا شريكَ لهُ إلّاكَ

فاسجدْ في محرابِ الهوى وتعبّدْ

وكَفّرْ عنْ إلحادٍ دامَ ديواناً وربّما أكثر

 

كم هو صعبٌ

 

كمْ هو صعبٌ

أنْ أموتَ والحياةُ مِنْ حَوْلي

تَدُسُّ أعذارَها في أنفي المزكومِ

وتحتَ إبطيّ

كوْنُها لمْ تُمهلني ريثما أستحِمُّ

وأغسلُ أخطائيَ بماءِ الوردِ

مِنَ السّخفِ أنْ نكونَ بَشَراً

حينَ لا يُبكينا أحَدٌ

أهمسُ لليقينِ الرّاسخِ في ذاكرة السّماءِ

أنّ كلّ مَنْ كانوا قبلي

لمْ يَرْثِهم أحدٌ، وأنّني مِنْ دُعاةِ

اسعَ يا دمعي لأسعى معكَ

كلَّ يومٍ، تبكينا قهوةُ الصّباحِ حينَ تندلقُ

على حوافِّ الوقتِ وتُقيمُ لهُ عزاءً

يشهدُ بفخامتهِ بياضُ مَفارشِنا

البقعُ السّوداءُ عنيدةٌ، تأبى النّزوحَ عَنْ جبينِ الأيّامِ

وأنا بكلّ إلحادي، أُدوّنُ هذهِ الطّقوسَ للذينَ يُشبهونَني

للذينَ يَرَوْنَ الحياةَ مأزقاً

زجّتهُم بهِ ضحكاتٌ قصيرةُ الأمَدِ

للذينَ يخترعونَ أسباباً للبكاءِ في كلّ تفاصيلِهِمْ اليوميّةِ

وهم يمارسونَ الحُبَّ، ويكتبونَ شعراً رديئاً

لعشيقاتٍ عابراتٍ على جسرِ أوجاعِهِم

للذينَ يطهونَ أطعمةً لا نكهةَ لها

ويرمونَها لأنّهم يعانونَ مِن ارتفاعِ الضّغطِ والسّكّري

للذين يعانقونَ المَرايا بحثاً عنْ أطفالِ الأمسِ

ريثما أغسلُ ذاكَ المفرشَ المُلطّخَ وأجفّفُهُ

أكونُ قد أنهيتُ آخِرَ فصلٍ

منْ أكبرِ حماقةٍ اقترفتُها، الحياةِ

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*