يوم جديدٌ للطّفلِ الفقيرِ يجوعُ ولا يسرقُ : شعر : محمّد بن رجب – قليبية – تونس

محمّد بن رجب

 

تكتبُني بالأحمرِ تلك الأيّامْ…

ولا أكتبُها رسمًا ولا بالكلامْ

أنا لا أعرفَ كيف أصوغُ الحلمَ

  تهزمُني لغتي وأفقدُ الكلامْ

أقتاتُ دمي من ثورتي المهدورةِ

دمي يا سيّدي هو المهدورُ

والقبيلةُ تمتصُّ ثورتي منّي

 وتدفعُ بدمي خارجَ الحلمِ

تهزمُني القبيلةُ وتبيعُني في عوالمِ الفسقِ

وتتحدّاني بالخيانةِ

وتقطعُ الرّأس منّي…

لا تصرُخي أيّتُها القبيلةُ بعنادِكِ

واستمعي إلى النّبضِ يصدرُ منّي

واكتبي تاريخَكِ من جديدْ

دفاتري نطقتْ بالسّوادِ والصّديدْ

والقلبُ سيولُهُ انبثقت ثقيلةً منّي

لا أدري ماذا كنتَ يا قائدَنا تقولُ ؟!

فالثّورةُ انتحرتْ …

لا انتقامًا من التّاريخِ

إنّما للغضبِ الشّاهقِ منّي

شراييني تصلّبتْ

والثّوارُ تكلّموا بالفشلِ عنّي

واندحروا تاركينَ الأبوابَ مشرّعةً للتّافهينْ

ولم تكنِ المطرُ في الموعدِ للاغتسالْ …

وإعادة تركيبِ الخطابِ بلا كلامْ

والحفرِ في أفقِ الثّورةِ بلا افتعالْ

انفجرتِ السّماواتُ بالأباطيلِ

 وتبدّدتْ – يا للخسارةِ – أحلامُ اليافعينْ

فلا تورّدتْ خدودُهنَّ

ولا سكتَ الوعدُ اللّعينْ…

هل ازدهرتْ أيّامُ العاشقينْ

و شربتْ نخبُها من سخفِكَ ومنّي

وتلاقتِ الكؤوسُ شاهقةً…

 تحكي للقادمينَ عنكَ و عنّي

وتعلنُ…. إنَّ القبيلةَ عادتْ

بأخطائها الزّرقاءِ عادتْ

بخنقِ أحلامِ الطّفولةِ عادتْ

بانزلاقِها في آفاقِ السّاقطينَ عادتْ

فلا هي متعبةٌ منكَ…

ولا هي ترقصُ على جثثِ المتعبينْ…

الأضواءُ لا تستمدُّ نهارَها منّي…

وتسعى لخلعِ جلدِها كالثّعابينْ

والوادي جفّت منابعًه منّي

وطارتْ عصافيرُه حزينةً

ترتقي في السّماواتِ في عمقٍ مكينْ

لتحترقَ مع الغافلينْ

و تعودَ بلا أجنحةٍ

وتسقط َشريكةً لهزيمةِ الصّامتينْ

افتكّوا منها حرّيّةَ محبّيها للسّخريةِ منهمْ ..

وأيضًا للسّخريةِ منّي

وإفنائِهم برياحِ الحاقدينْ

ونسجِ كلامٍ آخرَ

كم هو زاخرٌ بنا

يتحدّثُ عن نهايةِ التّاريخِ

 ولا تدري القبيلةُ

أنّها أطلقتْ شعلةَ العاشقينْ

ونسجتْ من أعماقِ الفاتحينْ

خيمةَ الفجرِ للثّائرينْ

احتفالاً بالطّفلِ الفقيرِ

ذاك الذي جاعَ ولم يسرقْ

وللكاذبينَ لم يهتفْ

وأبدًا لم ..يصفّقْ ..

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*