رحلتي إلى ألمانيا(6): حبُّ الألمانيِّ لأرضِهِ جزءٌ لا يتجزّأُ من شعورِهِ القوميِّ : محمّد صالح بن عمر

قطعتُ على متن القطار آلافَ الكيلومترات عبر جهات مختلفة من التّراب الألمانيّ.فلم أر شبرا واحد من الأرض مهملا .بل كانت كلّ المشاهد التي تتوالى أمام ناظريّ خضراء وحتّى الجبال فهي مغطّاة بالأشجار من متنوّع الأصناف .وهو ما جعلني أظنّ في البداية أنّ ثمّة قانونا يجبر مالكي الأراضي الفلاحيّة على خدمتها .لكن بعد أن سألت عن حقيقة هذا الأمر اتّضح ألاّ وجود لمثل هذا القانون .وانّما تفسير هذه الظّاهرة هو حبّ الألمانيّ لأرضه .وهذا الحبّ جزء لا يتجزّأ من شعوره القوميّ المتضخّم الذي يُلقّن إيّاه منذ طفولته الباكرة .وبفضل هذه التّربية المبكّرة نجد ألمانيا اليوم ضمن أكبر المنتجين الفلاحيّين في العالم. ومن جهة أخرى لا يتّجه إلى الشّعب الأدبيّة والعلميّة النّظريّة من الشّباب المدرسيّ الألمانيّ إلاّ الموهوبون والعباقرة .أمّا الباقون – وهم المعظم الأغلب – فيختارون الشّعب التّقنيّة القصيرة ليدخلوا الحياة النّشيطة في وقت مبكّر ويسهموا مباشرة في ازدهار بلادهم ، بدلا من تضخيم صفوف العاطلين ومن الخمود الموهن للقوى في زوايا المقاهي.وهذا نقيض ما عندنا في الوطن العربيّ حيث يتكدّس في الشّعب الأدبيّة والعلميّة النّظريّة الآلاف من عديمي المواهب ليجدوا في ما بعد سوق الشّغل موصدة في وجوههم.
وهكذا فليخرجَ العربُ والأفارقة من غياهب التّخلّف لا توجد أيّ إيديولوجيا معجزة .بل يلزمهم الإعلاء من قيمة العمل اليدويّ المتخصّص والتّخفيف من حماستهم للخطابة ، يلزمهم منح الأولويّة لليد وإحالة اللّسان على الرّاحة 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*