نُصوصُ الصّينِ : شعر: محمّد بوحوش – بيكين – الصّين

محمّد بوحوش

 

1-  منذُ  مساءِ السّادسةِ  ، والسّماءُ  تبكي  بغزارةٍ

وأنا  معلّقٌ   في الطّابقِ  الثّانيِ  عشرَ  بنزلِ زهاؤري  بمدينةِ  فانقسينَ

أتأمّلُ  الخارجَ  الخاوي،

اللّيلةَ لا فسحةَ في الشّوارعِ  …

سأغلقُ  نافذتي  ثمّ  أرْخي  السّتارةَ.

2- كلُّ شيءٍ على ما  يُرامُ،

وأنا أنا،

أنا هنا  في  بلادِ  الصّينِ

غيرَ  أنّ  بلادي  التي  في دمِي

بعيدةٌ جدّ ُ بعيدةٍ…

سأبتاعُ  اللّيلةَ فسْتقًا وعُلبةَ  شوكولاَ

وأنامُ   قريرًا.

3- السّماءُ  في مدينة  فنقسينَ تشيرُ إلى الهطولِ

سيسرعُ  في المشيِ هذا الأفريقيُّ  الوحيدُ

حتّى  إذا أمطرتْ ،

جاءهُ  الشّعرُ  من كلّ  جهاتِ  الصّينِ

……………………………………

لكنْ، ماذا يعني  الشّعرُ  في  الزّمنِ  الجديدِ؟

4- يا  سيّدي  الطّاهرُ  قيقة*

ما زلتُ  أذكرُ نصّكَ  ” الصّينيّونَ والذّبابُ”

وأنا  طفلٌ  غِرٌّ في  الصّفِّ  الرّابعِ 

أو الخامسِ من  القرنِ الماضي،

اُصحُ..  يا  سيّدِي  وحَبيبي

ها  قدْ عادَ  إلى الصّينِ  الذّبابُ

بل عادَ  إلى غرفتي اللّيلةَ  من  شهرِ مايو 

في الطّابقِ  العاشرِ   بنزلِ  زهاؤري

في  مدينةِ زيانقَ

بأقصَى جنوبِ  الصّينِ.

 

5- مع  إحدَى الطّالباتِ  من الصّينِ  الصّديقةِ

جلستُ على  مقعدٍ  مجاورٍ بالحافلةِ  التي في اتّجاهِ مدينةِ  يونقزيو

بلكنةٍ أنقليزيّةٍ  تقولُ لي: ما تونسُ؟ وكم عددُ  السكّانِ ،

 فأقولُ  ما يزيدُ على عشرةِ ملايينَ،

تبتسمُ  الطّالبةُ الفطِنةُ وتردُّ: يا  اللّهُ! أنتمْ  أسعدُ سكّانِ العالمِ.

فأضحكُ  ثمّ  أضحكُ ، وأسْتحي  أنْ  أٌقولَ…. “

6- وقفتُ أمامَ   سَدِّ  زهيلينَ بمدينةِ يونقزيو

أمامَ  أكبرِ سَدٍّ في  آسيا.

كأنّي أمامَ البحرِ الأبيضِ المتوسّطِ:

 سفنٌ ،وزوارقُ، وجبالٌ  شاهقةٌ تتوسّطُ النّهرَ العظيمَ أو تحيط ُ به…

هذا السَدُّ/ البحرُ  يشهدُ على عظمةِ الإنسانِ هنا في الصّينِ الجديدةِ.”

 

7- وسطَ   أطفالِ  روضةِ ” بورق كويجنَ” بمقاطعةِ يونقسيو

التقَطوا  لي صورًا وأنا  أكادُ  أدمعُ  من غبنٍ

حيثُ  لم أعرفِ  الرّوضةَ عندما كنتُ طفلاً،

بل عرفتُ عصا الشّيخِ المؤدّبِ والألواحَ  الخشبيّةَ وقلمَ الرّصاصِ  المُدبّبِ..

لكمْ كنتُ أشيّدُ أيضا حِذوَ منزِلنا قصورًا من طينٍ حينَ الصّباحُ

وأفقأُ عينيْها ونوافِذَها حينَ المساءُ،

أبنيةٌ كالأوهامِ تتحطّمُ في نزوةٍ أو لحظةٍ  خاطفةٍ منّيِ

كما تحطّمتْ  منذُ  سنواتٍ أحْلامي وأنا  كهلٌ على عتبةِ الأربعينَ.

8- المدنُ  هنا والقرى بالرّيفِ الصّينيِّ البعيدِ،

حيث  الخضرةُ المُشعشعةُ

والتماعُ  الماءِ،

كأنّ  الزّمنَ  الخُرافيَّ لمْ  يمرَّ عليْها وتناسَاها،

أوْ  هيَ خُلقتْ للتوّ ولم تطأهَا  أقدامُ بني آدمَ  أو آوى.

هنا : أرضٌ بكرُ ، حقولٌ عذراءُ ، جبالٌ شاهقةٌ …

ما مُقامي  بأرضِ الصّينِ  وأريافِها

إلاّ  كمُقامِ  السّعيدِ بين المُروجِ.

 

 9- لكم أنتَ  مولعٌ  بالتقاطِ  الصّورِ

بل لكمْ  صرتَ مُولعًا!

كأنّك تكتشفُ  العالمَ  في لهفةٍ،

كأنْ  لم  تُشعشعْ  أمامَ  عينيكَ  خضرةٌ  أو  زرقةٌ

كأنْ  لم  تعرفِ  الرّبيعَ،

أو لمْ  يخفقْ  قلبكَ  يومًا  بفرْحة……

غيرَ أنّ  لوجودكَ  هنا  في مُدنِ الصّينِ  معنى  آخرُ

وفصلٌ  أخيرٌ  من الكوثرِ والفردوسِ.

10- أنتَ  تَرى الصّينيّاتِ هنا  يَتشابهنَ

بقاماتهنَّ  القصيرةِ ،

بعيونهنَّ  الضّيّقاتِ ووجُوههنِّ  المائلةِ إلى الصّفرةِ

غيرَ أنّ  قلبكَ  يخفقُ

ثمَّ  يَكذبُ ، ويكذبُ، ثمَّ يخفقُ…..

فالصّينيّاتُ  أيضًا جميلاتٌ ولهنَّ ثغورٌ مقفلةٌ من  لؤلؤٍ.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*