قلبي يثمرُ نغمةً : شعر : حسن العاصي – شاعر فلسطينيّ مقيم في الدّانمرك

حسن العاصي

 

 

 1-وعدٌ :

 

كانَ وحيداً

مثلَ مواسمَ لا تأتي

 متجرّداً من صوتِهِ

رأسهُ قاتمُ الاشتعالِ

أضلاعُهُ تتسلّقُ القمحَ

وفمُهُ طوابيرُ النّملِ

وحيداً بين تسعةِ جدرانٍ

والوقتُ الماجنُ فراغٌ

يحتسي أجنحةَ البجعِ

حينَ التهمَ الصّفصافُ

موعدَ البكاءِ

ماتَ وحيداً

مثلَ شجرةٍ هرمةٍ

ربّاهُ

كمْ مرّةٍ يستطيعُ موعدُنا

أن يموتَ

في ذاكَ اليومِ الوحيدِ

زحفَ نحوَ الشّمسِ

فسقطَ وجهُهُ

فوقَ أربعينَ تابوتاً

قلادةً من مطرٍ

 

2- أمنيةٌّ:

 

ولدتْني أمّي في كهفٍ

بقلبِ غابةِ السّروِ

لذلكَ في كلِّ صباحٍ

حينَ تستيقظُ أطرافي

أتحسّسُ أوراقي

وأجري نحوَ زهرةٍ

معقودةٍ على السّاقيةِ

حينَ وهبتْني طحالبُ الأرصفةِ

لونَ ملامحي الباهتَ

صرتُ أبحثُ في حشائشِ العتمةِ

عن عرباتِ الموتى

 أصابعي لم تألفِ الأجنحةَ

كانتْ صلاتي بسيطةً

مثلَ الأحلامِ الصّغيرةِ

وحزينةً كالأغاني المهاجرةِ

أزهرتْ قامتي

قطفني الحزنُ صوتاً بارداً

لكنّي أوقدتُ كفَّ الأولياءِ

في عزلةِ الحياةِ

الحزنً حوّلني عصفوراً

لكنْ قبلَ أن أحلّقَ

استحالَ الغمامُ طيراً

من ورقٍ

فرسمتُ عليه قلباً وأوصدتُهُ

كي لا يسيلَ الحلمُ

 3-لاجئٌ :

غرباءُ بأسماءِ الخطى

يُسندونَ صوتَهمْ

على جناحِ القِطافِ

ظمأى بلا وقتٍ ولا فوانيسَ

خلفَهمْ تبكي أراجيحُ البردِ

والمرايا العمياءِ عرّافةٌ

تنثرُ وحشةَ المعبدِ

فوقَ رائحةِ الضّجيجِ

غرباءُ بلا قصائدَ

ولا موسيقى

جياعٌ بحقائبَ باردةٍ

وأوراقٌ ذابلةٌ ترسمُ وطناً

غرباءُ نحنُ

في عمقِ السّكونِ

نبحثُ عن وترٍ

يقطفُ صراخَنا

قبلَ أن تنطفئَ أصابعُنا

بينما نذوي

 تفكُّ الرّيحُ قيدَ العتمةِ

أفقدُ ضوئي

لعلَّ قلبي يثمرُ نغمةً

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*