صناعةُ ولَدٍ . . :شعر: مازن أكثم سليمان – دمشق – سورية

_548

مازن أكثم سليمان

 

لا تأتي المحبّةُ بالتّزكيةِ

ولا تُشبهُ العصا شجرةً حيّةً

فلْتختبرْ عُلُوَّ الأغصانِ

كُلّما طابتْ لكَ الجاذبيّةُ

واستدرَجَتْكَ العاطفةُ استدراجَ مأخوذٍ

قفزاً فوقَ الأعرافِ

وتجرِبةً في تجرِبةٍ لم تحدُث بعدُ.
. . .

ـ هل ستكونُ الأبَ الصّالحَ

سيِّدَ الطّاعاتِ، وعلّامَ غُيوب الأبناءِ.

بريدَ الأوامرِ والخُلاصاتِ المُبْتَسَرةِ،

ومُحمِّلَ راية الخُلودِ

إلى يومِ الأنينِ..؟!
. . .

ـ هل ستجرُّ على ظَهرِكَ كيسَ العاداتِ

مُعاهداً نفْسَكَ يومَ اللّقاءِ:

(سأترُكُ الوئامَ يسري كمدٍّ بحريٍّ

إنّها أنثايَ

وقد ألحَّتْ عليها الهرموناتُ

كطفلٍ يهرُشُ بعُنفٍ

فُقاعاتِ جِدري الماءِ على جلدِه)
. . .

جَهِّزْ غُرفةَ نومٍ وثيرةً

تُيسِّرُ لكَ الآلهةُ أمرَكَ

جسَدانِ سيتعانقانِ ويتَّحدانِ

مَرايا ستزفُّ النّبأَ السّعيدَ كزغاريدِ القريباتِ

تجلّياتُ ريحٍ تُوسِعُ الجُدرانَ قُبَلاً

ومُراقبةُ بطنٍ يكبرُ كاستدارةِ الكُرَةِ الأرضيّةِ قبلَ الطُّوفانِ.
. . .

ـ لكنْ لا..!

ليستِ المسألةُ عبثَ التّفاصيلِ بالخُطوبةِ

أو تسلُّلَ الجنسِ إلى بيتِ المَنامِ..
. . .

ليسَتْ هُنا

في حفلةِ عُرسٍ..

يظلُّ الوجهُ فيها وحيداً

كنبتةٍ في باديةٍ

وليستْ هُناكَ

في تدويرِ شهرِ العسلِ

على مُحيطِ خاتَمٍ ذهبيٍّ

ولنْ تكونَ أيضاً

إحصاءً لمواعيدِ القمَرِ الشّهريّةِ

وساعاتِ الإباضةِ في نهرِ اللُّغةِ

أو امتثالاً لأعشاشِ الشّهوةِ

ومُتابعةً حثيثةً

لدَوْخةِ الموجِ الحبيبِ.
. . .

ليسَ الأمرُ على هذا النحوِ أبداً:

(أنْ أضعَ خُوذَةَ مُتسلِّقِ الجبالِ على

رأسي وعلى عينيَّ أنْ أضعَ نظّاراتِ

المُتسابقينَ وأنْ أرتديَ مُلاءةَ المخبريِّ

وأمضيَ لصناعةِ ولَدٍ)

(ليسَ الأمرُ أنْ أستدعيَ العُمّالَ المَهَرةَ،

كالسّلاطين العُثمانيّينَ، من دمشقَ، لتزيينِ

المَولودِ بالزّخارفِ والقناطرِ والأحلامِ المأثورة)

(ولم تكُنِ العوائقُ في جمعِ الموادِّ اللاّزمةِ

لصناعتهِ كأنْ نحتاجَ ثلاثةَ كيلو قُرُنفلٍ ومترينِ

من تمدُّدِ الأرضِ تحتَ ضغطِ القلَقِ الوجوديِّ

وثانيةً سريعةً لتلقيمِ الرّحيلِ المُتجدِّدِ في خلايا

الرّغبةِ أو كأنْ نحتاجَ حدقةً وارفةً واستعداداً

كافياً للتّناوبِ على العجائبِ والسّعيِ الشّاملِ

للتّطابُقِ مع يانصيبِ المدارِ  )
. . .

ـ … لا تظنّي هذا بلاغاً عنِ اليأسِ المُتكوِّمِ في مُستودعاتِ السّنينِ

أو شكوى ضعيفٍ ضدَّ الغشِّ في نسبِ البناءِ العاطفيِّ

هذا قلبي أيّها الناسُ

لا فائدةَ تُرجى منهُ

لنْ ينفعَكُم في الصّناعاتِ الخفيفةِ أو الثَّقيلةِ

ولا يُمكنُ استخدامُهُ في تخصيبِ اليورانيومِ

أرضُهُ ليستْ صالحةً للزّراعةِ أو المُواصلاتِ

وأعماقُهُ خاليةٌ منَ الثّرواتِ المعدنيّةِ أو النّفطِ.
. . .

إنّهُ قلبي

/ فلذةُ كبدِ الحياةِ /

قيمةٌ مُضافةٌ إلى الموتِ

كائنٌ ينمو أمامَ أعيُنِ الرّوحِ

زُجاجةُ حليبٍ مدرَّجةٌ « بكُلِّ شِبْرٍ نِدْرٍ «

ومُتوَّجةٌ بحَلَمةٍ كقُبّعةِ الصّيّادِ

وحركاتُ يدٍ تُحفَظُ غيباً كالكُتُبِ المُقدّسةِ

تقليدُ ما يُقلِّدُنا، ومُراقبةُ ما لا يُراقَبُ

قَرْصُ نحلةِ الأشواقِ على رُعبِ الحنينِ

وصَدَأُ الجَمالِ في لهَبِ العجزِ.
. . .

… أأصنَعُ ولَداً أنفُهُ كأنفي

عيناهُ كجدِّهِ لأمِّهِ

وبَشَرَتُهُ كبحرِ عمَّتِهِ

لكنَّ طُموحَهُ غريبٌ عن تعَبِي..؟!!
. . .

أأصنَعُ ولَداً

ولا أتبنَّى هرّةً جميلةً كالغيمةِ

ثمّةَ حصرُ إرثٍ قادمٍ

أو حَجْرٌ عليَّ قبلَ موتي

وربّما نَقيقُ والدةٍ تُردِّدُ :

(تكبرُ المشاعرُ، وتفترقُ كالأبناءِ)…

الأُسْرةُ ضميرٌ مُستترٌ بالألمِ

والغرائزُ مُنْحَلَّةٌ في رِيقِ المكانِ

المُرَبِّيةُ العصريّةُ حمَلتْ صولجانَها، وجلَدَتِ الأُبوّةَ

والوجباتُ السّريعةُ انتحَلَتْ صفةَ المَواعِظِ

وأنا لاشيْءَ أقرَبُ إلى نفْسي

أكثَرَ من جناحيْنِ وفلاةٍ بلا حدٍّ.
. . .

… أفعَلُ الآنَ ما يفعَلُهُ الآباءُ

لكنْ لولَدٍ من ندًى

أُعمِّمُ عليهِ أوامرَ الرّحيقِ، فيُزهِرُ

أمنَحُ وقتي للّعبِ مع رفّاتِ عينيْهِ

فتبكي اللّحظاتُ على كتفي

أُنجِبُ لهُ ملايينَ الأشقّاءِ بلا وجَلٍ

وأُخوةً من أمّهاتٍ فاتناتٍ

قد لا تأتي أرزاقُهُم معهُم

لكنَّهُم يحفَلونَ بمُخيّلاتٍ لها دائماً حُلولُها

/ وهكذا..

لانحتاجُ بعدَ اليومِ

لوسائلِ منعِ الحُلْمِ

وقد أُنجِبُ في العامِ الآتي

قصيدةً أخرى عنِ الأُبوّةِ

مطلَعُها الخالدُ سيكونُ:

” تكاسَلوا تكاسَلوا

فإنّي مُباهٍ بكُم الغَرابةَ

يومَ المَجاز “ِ

جَنَيْتُ على الوردِ

ولم يَجْنِ عليَّ أحَدٌ.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*