بودّي لو تقعُ الأرضُ بين يديَّ : شعر : سعاد الوليدي – العرائش – المغرب

14344722_1783603178589088_2363453743135197911_n

سعاد الوليدي

28356708-jeune-et-belle-femme-avec-un-globe-terrestre-banque-dimages

 

بودّي لو تقعُ الأرضُ بين يديَّ

فألاطِفَها

وأخفّفَ من حزنِها

وأزيّنَ حدائقَها

بالوردِ والياسمينِ

وأفوّحَ طريقَها كلَّهُ

بروائحِ السّعادةِ.

بودّي لو أنّ الأرضَ

تقضّي اللّيلَ بجانبي

مثلما كانتَ بينَ أحضاني

وأن تضغطَ بيديّها الصّغيرتينِ

على صدري

وقد انتابَها الخوفُ

من أن تستيقظَ

فتجدَ نفسَها وحيدةً

ومن أن تضيعَ في الزّحامِ.

بودّي لو أرسمُ على شفتيْها

ابتسامةً أبديّةً

لنغمةٍ كونيّةٍ

وأن أهمسَ في أذنِها:

“كم  أنت محبوبةٌ !”

بودّي لو كتبتُ على جبينِها

بدمي :

“لا تمسُّوا بأبنائي ! “

 
تعليق : محمّد صالح بن عمر :

 

سعاد الوليدي هي صوت آخر من الأصوات الشّعريّة النّاطقة بالفرنسيّة التي اكتشفتْها مجلّتنا” مشارف” بعد الشّعراء الموهوبين مختار العمراوي ولورا موسلّي كلامْ وريمي دوكسّي .فالقصائد التي نشرتها فيها لم تحظ بموافقة لجنة القراءة فحسب بل نالت إعجابها  أيضا مثل هذه القصيدة التي تستحقّ في تقديرنا القراءة على نطاق واسع والنّقد أيضا.

لقد صاغت  الشّاعرة قصيدتها هذه على هيئة أمنية تستجيب ،في حقيقة الأمر، لحلم يراود اليوم عددا متزايدا من المثقّفين في مختلف أنحاء المعمورة وهو أن يروا البشريّة في يوم من الأيّام متّحدة ومتكاتفة ومتضامنة بعضُها مع بعض في مناخ تسوده الأخوّة والتّسامح والسّلم . إنّه حلم الكونيّة الذي يُطرح باعتباره الأفق الوحيد لمجتمع بشريّ مزّقته الحروب وأشاعت  المصالح المتضاربة والأحقاد الاعتباطية روح الفرقة في صفوفه .

انطلقت الشّاعرة من هذه الخلفيّة الفكريّة لتولّد منها صورة مبتكرة هي صورة احتضان للكرة الأرضيّة يطفح حنانا ، تارة مع معاملتها على أنّها مكان (أزيّن حدائقها) وطورا بتشخيصها(أخفّف من حزنها – أرسم على شفتيها – أهمس في أذنها – بودّي لو كتبت على جبينها).ثمّ استثمرت هذه الصّورة  في التعبير عن أمنية عزيزة عليها  وهي  أن  تتخلّص الأرض  نهائيّا  من المصائب التي لا تنفكّ تحلّ بها وأن تمتلئ  أرجاؤها سعادة وأفراحا، موظّفة الصّورة الفرعية التي أقحمتها في الأبيات الثّلاثة الأخيرة في الإفصاح عن انشغالها العميق بضحايا الظلم والاضطهاد والعنف الذين لا يحصون عددا  في كلّ مكان وزمان  (بودّي لو كتبتُ على جبينها/ بدمي :/ “لا تمسًّوا أبنائي ! ” ).

هذه قصيدة مكنوبة  بلغة معبّرة ،طافحة  تلقائيّة ، زاخرة بالصّور.

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*