تشجّعي قليلاً : شعر : سولا ن دي لا مرليي – شاعرة من باريس

11950834_1030017780362216_1209951821_n-226x300-226x300

سولا ن دي لا مرليي

1478911_10201892818465347_478884470_n

 

لا ضَجَّةَ في الدَّرّجِ

لا ذئبَ فوقَ السّقْفِ

قرقعةٌ 

ثم انشقَّ الخشبُ

وكانت المفاجأةُ للصِّ

 

لكنّه فرَّ

وسطَ ظلامِ اللّيلِ

 

مُدِّي زهرةً إلى الشّمسِ

ليبقَى القمرُ في مَخْبَئهِ  السِّرِّيِّ

لم يستيقظْ أيُّ نجمٍ

لتظلَّ الأرضُ ملازمةً للصّمتِ

 

كان ذلك حُلمًا

لا كِذبةً  

 

حلَّ وقتُ نهوضِكِ من النّومِ

أَمْسِكي بقلمكِ وهيّا اكتُبي

ستنالُ أجملُ كلماتِكِ الإعجابَ

خاصّةً إذا لم تكن لديكِ الشّجاعةُ

لتقولي أيَّ شيءٍ

 

تشجّعي قليلاً

ليسمعكِ النّاسُ العقلاءُ

 

تعليق محمّد صالح بن عمر:

قلّة قليلة من القرّاء حتّى المتمرّسين منهم بالفنّ الشّعريذ والعارفين بأسراره ودقائقه يقدرون على فكّ الرّموز المستخدمة في هذا النّصّ.وهي روز  موغلة أو تكاد في الإبهام ، لكونها مستوحاة من تجربة خاصّة جدّا تعيشها الشّاعرة بكلّ جوارحها ولا تعرفها  إلاّ  هي وبعض المقرّبين منها .ولا تعوّلوا عليّ أنا خاصّة للقيام بهذا الدّور بدلا منكم ، لأنّ وظيفة النّاقد هي  تدبّر النّصوص وحدها دون التّدخّل  البتّة في حياة المؤلّفين الخاصّة وشؤونهم الشّخصيّة .

فمن النّاحية الفنّيّة الخالصة تستمدّ هذه القصيدة قيمتها من الخلفيّة التي تنبع منها. وهي حلم حقيقيّ لخّصته الشّاعرة في البيتين الثّاني عشر والثّالث عشر بقولها (كان ذلك حُلمًا/ لا كِذبةً ).ومع ذلك فإنّ هذا الحلم أبعد ما يكون عن الأحلام المتداولة وإنما هو بمنزلة  مخيال سِرّيّ (ليبقَى القمرُ في مَخْبَئهِ  السِّرِّيِّ – لتظلَّ الأرضُ ملازمةً للصّمتِ)  شبيه كلّ الشّبه بحلم يقظة متواصل يتيح لها من ناحية إمكان الهروب من واقع تجده مسطّحا ، باهتا ،خاليا من أيّ جاذبيّة  ومن ناحية أخرى فرصا متجدّدة لتعيش  لحظات عاطفيّة  جيّاشة . لكنّ الطّابع السّرّيّ لهذا المخيال  يثير  في نفسها الخوف من أن يُكتشَف في يوم من الأّيام (لا ضَجَّةَ في الدَّرّجِ /لا ذئبَ فوقَ السّقْفِ /قرقعةٌ  /ثمّ انشقَّ الخشبُوكانت المفاجأةُ للصِّ).وهنا يلوح لنا مدى تعقّد هذه الخلفيّة  المُلْهِمة وعمقها .

وهناك عنصر آخر مهمّ  يشدّ الاهتمام في هذا النّصّ هو وعي  صاحبة القصيدة بأنّ دور الشّاعر الأوّل هو إبداع الجمال .وهو ما تصرّح به دون أدنى لبس في قولها (أَمْسِكي بقلمكِ وهيّا اكتُبي /ستنالُ أجملُ كلماتِكِ الإعجابَ/ خاصّةً إذا لم تكن لديكِ الشّجاعةُ/ لتقولي أيَّ شيءٍ).عند ذلك يصبح نوع الكتابة الشّعريّة  الذي تتعلّق به واضحا جليّا. وهو الذي عرّفه الشّاعر الفرنسيّ بول فاليري(  Paul Valéry )بقوله ” الشّعر هو تعبير فنّيّ عن تجربة مَعِيشة” لكنْ مع إضافة صفة”سرّيّة ” لكلمة “تجربة” ليطابق هذا التّعريف هنا مقتضى الحال.

و في الختام  فإنّ الشّاعرة ، إذ تتوجّه بخطابها هذا  إلى القرّاء العقلاء  تأمل  من لدنهم القليل  من التّفهم.فلنكن متفهّمين إذن .وهو موقف من شعرها لم أبرحه شخصيّا  منذ زمن طويل .  

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*